تتميز القصة القصيرة عن باقي الأجناس الأدبية بعدة خصائص، يمكن أن تصنف ضمن عدة مستويات منها المستوى اللغوي والمستوى البنائي والتوظيف القصصي للملفوظات، وغيرها . وبما أن القصة القصيرة جنس أدبي جديد نوعا ما، مقارنة بباقي الأجناس، فإنها وفي كل مرة تكتب أو تنكتب، تكشف عن شيء جديد، عن علاقة جديدة باللغة وبالبناء القصصي، فهي تجربة كتابة متجددة في كل مرة نبدعها فيها . يرتبط ميلاد القصة القصيرة بميلاد الصحافة، فهذه الأخيرة هي التي حولت الحكاية من طابعها الشفهي إلى تحققها عن طريق الكتابة بمنحها حيزا صغيرا على صفحاتها . وقد ساعدت الطبقة الوسطى على انتشار القصة القصيرة بين عموم القراء، باعتبارها الطبقة المهتمة أكثر بقراءة الصحف . يمكن القول إن الكاتب الفرنسي غي دو موباسان هو عراب القصة القصيرة في فرنسا، الذي اعتبر أن أفضل تعبير عن اللحظات العابرة يكمن في القصة القصيرة ، وإدغار ألان بو فيُعتبر عرابها في أمريكا، أما أنطوان تشيخوف فقد برع في هذا الجنس الأدبي في روسيا؛ إذ يعد هؤلاء الثلاثة هم مؤسسو القصة القصيرة الحديثة. بينما في الأدب العربي لم يتم الاعتراف بالقصة القصيرة كجنس أدبي قائم بذاته له خصوصياته ومميزاته إلا بعد لَأي، وذلك لسطوة الشعر وانتشاره في الأوساط الأدبية العربية بشكل كبير. كما أن القصة القصيرة كانت مرصودة فقط للتلهي وقتل الوقت، إذ عُدَّ كاتبها متطفلا على دوائر الأدب . ورغم أن الأدب العربي كان زاخرا بأنواع أدبية يمكن تصنيفها ولو تعسفا تحت مظلة القصة، كالمقامات والحكايات الخرافية؛ إلا أن ظهورها في شكلها الحديث عرف تأخرا كبيرا. اختلفت الآراء النقدية حول أول قصة قصيرة ظهرت في الأدب العربي، فهناك من يقول إنها قصة محمد تيمور "في القطار"، التي نشرت في جريدة السفور سنة 1917، وهناك من يؤكد على أنها قصة "سنتها الجديدة" لميخائيل نعيمة التي نشرت سنة 1914 . أما في المغرب فقد تأخر ظهور القصة القصيرة إلى غاية ثلاثينات القرن العشرين، وذلك راجع إلى تأخر استقدام المطبعة وبداية اشتغال الصحافة. فقد كانت أول مطبعة دخلت التراب الوطني هي مطبعة الحاج إدريس ابن الوزير محمد بن إدريس العمري، التي استقدمها من فرنسا سنة 1889. وقد ساهمت الصحافة التي ظهرت أول مرة سنة 1889، في تطوير الأجناس النثرية وتخليصها من تكلفها، فأصبحت أكثر سلاسة بسبب ارتباطها بالواقع .
المراجع:
حميد لحمداني، القصة القصيرة في العالم العربي.. ظواهر بنائية ودلالية، الطبعة الأولى 2015، مطبعة أنفوبرانت، ص23.
أًصوات وأصداء.. وقائع الأيام الأولى للقصة القصيرة. من الورقة التقديمية للمائدة المستديرة الثانية: في تقنيات القصة القصيرة بالمغرب. منشورات مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب. كلية الآداب ابن مسيك الدار البيضاء، ط 1، 2001، ص43.
من مقال د. محمد أمنصور: القصة القصيرة وآفاق الكتابة: إشارات في التقنية والوجود، ص78.
الحبيب الدايم ربي، الصحافة والقصة علاقة وثيقة وشرط وجودي، جريدة العرب، الخميس 01 ماي 2014، (العدد غير متوفر).
فاطمة قويق، سيميولوجيا الحلم.. قراءة في "وليمة في أعشاب الحلم" للزهرة عز، الطبعة الأولى 2017، مؤسسة مقاربات للصناعات الثقافية واستراتيجيات التواصل والنشر، ص 13.
إبراهيم الطائي، بين القصة الأدبية والقصة الصحفية، بغداد، ص51، (النسخة التي اعتمدنا عليها هنا لم توفر الطبعة وسنة النشر ودار النشر).
أحمد اليبوري، تطور القصة القصيرة في المغرب.. مرحلة التأسيس، الطبعة الأولى 2005، منشورات مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب، كلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن امسيك، ص 24.
نقلا عن " إبراهيم الطائي، بين القصة الأدبية والقصة الصحفية، مرجع سابق"، ص54.
ثائر عبد المجيد ناجي العذاري، البناء الفني للقصة القصيرة – القصة العراقية نمودجا، رسالة دكتوراه، كلية ابن رشد بجامعة بغداد، ص 18.
حسن محمد النعيمي، دورة الأدب السردي على منصة رواق، https://www.rwaq.org/courses/literary-narrative، تمت زيارة الموقع آخر مرة بتاريخ: 20 يونيو 2022.
نقلا عن "إبراهيم الطائي، بين القصة الأدبية والقصة الصحفية، مرجع سابق"، ص 54.
حسن محمد النعيمي، دورة الأدب السردي على منصة رواق، مرجع سابق.
إبراهيم الطائي، بين القصة الأدبية والقصة الصحفية، مرجع سابق، ص 60.
فاكس: 00962.6.4633565
صندوق بريد: 940255 عمان 11194 الأردن
بريد إلكتروني AHSF@shoman.org.jo