لجنة السينما في شومان تعرض الفيلم الكوستاريكي "أرض الرماد" غدًا

20-02-2023

تعرض لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد من شومان، يوم غد الثلاثاء الموافق 21 شباط، الفيلم الكوستاريكي " أرض الرماد" للمخرجة صوفيا كويريس اوبيدا، وذلك بمقر المؤسسة بجبل عمان في تمام الساعة السادسة والنصف مساء.

يأخذنا الفيلم الكوستاريكي "أرض الرماد" أو "الرماد الاسود"، إلى عالم الطفولة المبكرة، من خلال الفتاة " سيلفا" اليتيمة بعمر "13" عاما، التي تعيش في بلدة على الساحل، مع جدها العجوز، الذي لا يرغب بالاستمرار في الحياة، وصديقته "الينا" العجوز. هذا هو العالم الذي تعيش فيه "سيلفا"، عالم محصور بشخصيتين بشكل اساسي، اضافة الى زملائها في المدرسة.

ما بين فضاءات الغابة والساحل، والمكان الضيق المعزول الذي تعيش به الفتاة، تنمو مدارك وشخصية "سيلفا"، التي كانت تخاف من الموت والوحدة، فهي يتيمة، وجدّها على وشك الرحيل، و"الينا" اختفت تماما.

يمكن قراءة الفيلم بشخصياته وأحداثه وأحلامه، على أكثر من مستوى، فالفتاة تحاول أن تحافظ على استمرارية الاسرة، وتضفي على الاجواء بعض الحيوية، ورغم المناكفات وسيل الشتائم ما بينها وما بين "الينا" والعلاقة المتوترة بينهما، الا أنه سرعان ما تعود أجواء المرح، وتلك الحكايا التي يقصها الجد، والثلاثة ينامون على سرير واحد. ما بين الحلم والسحر والواقع يتحرك الفيلم، في مقاربة ذكية ما بين عالم الفتاة، وهي في طور النضوج ومغادرة مرحلة الطفولة، وفهم الحياة بشكل فيه الكثير من التأمل، وما بين مفهوم الموت، وما يحمله من أسرار وغموض، وهذا التوازي ما بين ولوج أبواب الحياة بدهشتها، وما بين مرحلة ما بعد الموت بأسئلتها، هو الذي يعطي الفيلم قيمة فنية وفكرية، يتوقف أمامها المتلقي متأملا هذه الازدواجية المشغولة بحساسية عالية.

وما بين ما يدور في عقل "سيلفا" وما هو حقيقي حولها، هناك حكايات كثيرة، استرجاع ذكريات الجد، الذي ما يزال يعتقد أن لديه ماعز، وتلك المرأة الشبح التي تظهر في خلوات "سيلفا"، وهي أقرب ما تكون إلى الأم، والحوارات التي تدور ما بين ظلال الشخصيات، والبيئة المحيطة، حيث الأفاعي التي يتم دفنها، والتي تظهر من جديد، والحديث عن انسلاخ جلد الافعى الذي تخرج منه لتجدد حياتها، في تفسير يشير إلى أن الذين يموتون لا يغيبون عنا، وذلك في سياق قلق الفتاة ورهبتها من البقاء وحيدة عند موت الجد، التي، بناء على نصيحة المرأة "الشبح"، تطبخ حساء الثعبان وتقدمه لجدها، ليموت، ثم تستقل الحافلة، وتمضي في طريق جديد، لتواصل مسيرها في الحياة بعد تجربة وجودية اكسبتها القوة، و بعد أن تجاوزت مرحلة الطفولة، لمواجهة الحياة.

النص مكتوب بسلاسة واقتصاد في الحوارات، مع صمت يقول الكثير، ويرسم بساطة وعفوية علاقات "سيلفا" مع جدها ومع "الينا"، وبتصوير مدروس، وحركة كاميرا ذكية التي ترصد الاحاسيس الداخلية، مع التقاط الملامح، سواء ملامح الجد بوجهه الذي حفرت عليه السنين حكاياتها، أو "لينا" التي تعيش لحظتها، مع انتقالات مدروسة ما بين البيت وما بين البيئة المحيطة بكل تفاصيلها.

وتمسك المخرجة بعناصر الفيلم وخاصة أداء الجد، و"سيلفا" بعينيها العميقتين، ووجهها المعبر، وأداءها الذي ينبئ عن ممثلة من طراز خاص.

كما اعتنت المخرجة بالشريط الصوتي، سواء عبر الموسيقى الشرقية بإيقاعها الممزوج بالفرح والغموض، أو تلك الأصوات المسموعة في المكان مثل أصوات الضفادع وضرب حبات المطر لأوراق الشجر، بشكل تم توظيفه لصالح الفكرة الرئيسية للفيلم الممتلئ بدلالات السحر والغموض.

"أرض الرماد" هو الفيلم الطويل الأول للمخرجة صوفيا كويريس اوبيدا. وهو أول فيلم من كوستاريكا يعرض في مهرجان كان، كما أنه فاز بجائزة أفضل فيلم في أسبوع النقاد ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.