كرمت مؤسسة عبد الحميد شومان ضمن ندوة "ضيف العام 2023 "؛ اليوم، العالم الكيميائي والأكاديمي الدكتور موسى الناظر، تحت عنوان " موسى الناظر أكاديميا وإنسانا"، بحضور العديد من الأكاديميين والمثقفين والمعنيين.
وقالت الرئيسة التنفيذية للمؤسسة فالنتينا قسيسية خلال افتتاح الندوة، نكرم اليوم قامة علمية كبيرة، وهب جهده لأبنائه الطلبة، فصادقهم، وساندهم في جميع ما احتاجوه خلال رحلة إشرافه على تدريسهم،
إنه الأستاذ الدكتور موسى الناظر، العالم المتواضع الذي قضى جل عمره في بيوت العلم خدمة له ولطالبيه.
وأشارت الى أن مؤسسة عبد الحميد شومان، ذراع البنك العربي للمسؤولية الثقافية والاجتماعية، تنظر باستمرار في منجزات علمائنا وأدبائنا ومفكرينا، وتحتفي بهم، وتقدمهم أمثلة حية على أن وطننا مليء بمثل هذه القامات الشامخة التي نهتدي بمسارها، ونواصل الطريق بالسير على خطواتها.
وقالت، "نحتفي بالدكتور موسى الناظر، الذي اختار الكيمياء تخصصا في فترة مبكرة من عمر الدولة الأردنية، فكان من أوائل من تخصصوا بهذا الحقل، ليؤسس قسم الكيمياء في الجامعة الأردنية ويرأسه لعشر سنوات، وقد كان تخصصه هذا نعمة لمئات الطلبة الذين تدربوا على يديه، ونهلوا من علمه الغزيز".
وتحدث في الجلسة الأولى للندوة التي أدارها الدكتور عماد الضمور وجاءت بعنوان "الجامعة الأردنية وتأسيس كلية العلوم "، كل من الدكتور عدنان بدران "موسى الناظر...كما عرفته"، والدكتور كامل العجلوني "الدكتور موسى الناظر الأكاديمي المتميز والباني الذي لا يكلّ ولا يملّ"، والدكتور منذر حدادين " الدكتور موسى الناظر صاحب الدار وخيرة الجوار".
وأشار المتحدثون في شهاداتهم إلى أن الدكتور الناظر تفرع مضمار العمل الأكاديمي قي قسم الكيمياء منذ بداية فجر تأسيس كلية العلوم وحتى تقاعده على مدى أربعين عاما، وكان يعتبره الطلبة والأساتذة الأب الروحي للكيمياء العضوية الأردنية تدريسا وبحثا وإدارة، قدره واحترمه الجميع لإخلاصه وانتمائه اللامتناهي للمهنة الأكاديمية التي عشقها منذ صغره.
وبينوا أن الدكتور موسى الناظر، تلقى عروضا لمناصب إدارية عديدة من عمادات ورئاسة جامعات ورفضها جميعا، مركزا على استاذيته في الكيمياء.
واشاروا إلى أنه بالرغم من أنّ الدكتور موسى من علماء الكيمياء، فهو قارئ دقيق للآداب والعلوم، ومعروف عنه زهدَهُ في الظهور وتولّي المناصب الإداريّة التي عُرضت عليه منذ عودته إلى التدريس في الجامعة الأردنيّة عند بدايتها.
وبينوا أن الدكتور موسى وجد موطنه في الجامعة الأردنية وأصبح التعليم الجامعي ومساراته التأسيسية في مختلف الجامعات الأردنية مهنته الأساسية، وكان البحث العلمي في مجال تخصصه الرئيس مدمجاً مع، ولا ينفصل عن التعليم. ولم تكن براعته في ذلك مبتغىً لترقية أو إشغال منصب، بل كان ديدنه لاجتراح وسيلة تعليمية وتربوية. وهو بنفس الوقت ما اعتبره الدكتور موسى بلسماً أبعده عن المناصب الإدارية الأكاديمية برغبة جامحة منه.
كما تحدث في الجلسة الثانية التي جاءت بعنوان " الجامعات وتأسيس كليات العلوم " وأدارها الدكتور محمد السعودي، الدكتور علي محافظة " شهادة بالعالم الدكتور موسى الناظر"، والدكتور محمد عدنان البخيت "العالم والباحث الإنسان موسى الناظر"، والدكتور سلطان أبو عرابي " الدكتور موسى الناظر العالم الإنسان"، والدكتور رنا الدجاني " كيف تؤسس وتؤثر وتبني المستقبل بصمت وتواضع" عبر تقنية (زووم).
وأكد المتحدثون أن الناظر من علمائنا المميزين في الكيمياء، ويتمتع بسمات العلماء الكبار، بتواضعه وسمو أخلاقه وخدماته الجليلة لوطنه من خلال تدريسه لأجيال من الشباب والشابات طوال عمله في الجامعة الأردنية، وساهم هؤلاء الشباب من خريجي كلية العلوم في بناء بلدهم وفي بناء العديد من الأقطار العربية الشقيقة. وما زالت ألسنتهم تلهج بالثناء عليه والاعتراف بفضله وجهوده العظيمة. وساهم في تأليف الكتب والبحوث العلمية في ميدان الكيمياء في المجلات العلمية المحكمة، وتجاوز في هذا المجال التأليف في الكتب والبحوث العلمية إلى تأليف الكتب المدرسية في العلوم.
وقالوا إن الدكتور موسى استطاع كتابة اسمه بأحرف من نور فوق خارطة الإنجاز ليس على المستوى المحلي فحسب، بل على المستوى العالمي بأبحاثه وخبراته؛ ما أهله لأن يكون في مقدمة الأكاديميين الأردنيين وفي طليعتهم بما قدمه من أبحاث علمية أفادت وستفيد الأمة في سعيها الحثيث الى الرقي والتقدم العلمي.
وأشاروا إلى الدور الكبير والمتميز الذي نهض به في دعمه مسيرة البحث العلمي في الجامعة الأردنية، موضحين أن حبه للعلم نابع من فضول عميق وأنه لم يكن مهتمًا بالترقيات والمناصب؛ فقد قام بالبحث من أجل المعرفة بحد ذاتها. حيث رأى البحث كأداة تعلم بذاتها، واستخدم البحث ليلهم طلابه بالثقة وطرح الأسئلة.
وتحدث في الجلسة الثالثة وأدارها الدكتور نبيل أيوب وحملت عنوان " في الأكاديميا والبحث العلمي"، كل من الدكتور سليم صبري " المعلم الإنسان"، والدكتور أمل العابودي "الدكتور موسى الناظر في عيون طلبته"، والدكتورة تمارا الزمر" بصمات الدكتور الناظر في شخصيتي"، والدكتورة إسراء خلف " الباحث الإنسان: منهجة العلمي وتفكيره الاستثنائي" (فيديو مسجل).
وأشاروا إلى أن الدكتور موسى كان حريصا على أن يجعل قسم الكيمياء بيتاً للجميع، مثلما كان يحرص في نهاية كل عام دراسي دعوة خريجي القسم وأعضاء الهيئة التدريسية إلى بيته لتهنئة الخريجين من جهة ولإشعار الخريج بانتمائه وارتباطهِ ارتباطا وثيقاً بأسرة قسم الكيمياء.
وقالوا إن الدكتور موسى يلهم الأمل، يشعل الخيال، ويغرس حب التعلم، فهو مصدرًا للأمل لطلابه، ويؤمن بإمكانيات كل فرد، ويشجعهم على السعي نحو النجاح، ويمكنهم من تجاوز التحديات وتحقيق أهدافهم. ويؤمن أن التعليم ليس مجر نقلا للمعلومات؛ بل هو تعزيز الإبداع والخيال.
وأضافوا إنّ كل من يعرف الدكتور الناظر عن كثب يدرك تمامًا أن هذا الرصيد العلميّ التعليميّ العقلي الرائع لديه يوازيه رصيدٌ روحيّ نفسيٌ نقيٌّ راقٍ، موضحين أنه كان دائمًا يولي اهتمامًا خاصًا بالجودة في البحث، لا بالكمية.
وفي الجلسة الرابعة التي حملت عنوان " العمل العام" وأدارها الدكتور عمر الغول، فتحدث فيها الدكتور فتحي ملكاوي " موسى الناظر: من فلسفة العلم إلى فلسفة التعليم "، والدكتور أحمد ماضي " موسى الناظر والفلسفة ".
وبين المتحدثون أن الدكتور موسى الناظر؛ معلم وصاحب رسالة لا يجلس في عمله في برج عاجي، أستاذاً جامعياً يكتفي بتقديم مادة علمية متخصصة ويجري بحوثاً علمية متخصصة، وإنَّما يوجِّه هذه المهمة ويوظفها في أداء رسالة تربوية في مجتمعه. وحتى حين يتحدث عن زميل له في دراسة الكيمياء يتحدث عن أثر البحوث التي أجراها ذلك الزميل في منفعة الإنسانية.
وبينوا أن الدكتور موسى الناظر عندما يكتب مقالة في مسألة شخصية أو اجتماعية فإنَّه يكتب بلغة رصينة، وروح إيجابية، وحركة هادئة. وحين يكون الحديث عن زميل له في الدراسة وأستاذ له في الجامعة، فإن الحديث يعكس العلاقة الحميمية التي ربطته بهما.
أما الجلسة الخامسة والتي أداراها أيضا الدكتور عمر الغول وجاءت بعنوان " شهادات"، فتحدث فيها الدكتور محمد شاهين " موسى الناظر من مدرسة الخليل الثانوية إلى الجامعة الأردنية"، والدكتور محمد البيطار " الأستاذ والمعلم والموجه لنهج الحياة"، والدكتور حسين صالح علي " رحلتنا مع الدكتور موسى الناظر".
وأشاروا إلى أن الدكتور موسى كان يقبل عضوية اللجان المختلفة التي تكلفه بها الجامعة اعتقاداً منه أن العمل في اللجنة يزاوج بين العمل الأكاديمي والإداري لما فيه من تقاطع بين النظامين. وهذا ما جعل الجامعة تطمع في كرمه وتعرض عليه الكثير من عضوية اللجان، خصوصاً وأنها كانت على دراية بأدائه.
ونوهوا إلى أن مسيرة الدكتور العلمية امتدت على مدار عقود، حيث لم يكن مجرد تدريس ونقل معلومات، بل كان رحيلًا نحو عالم الإبداع والبحث العلمي بطريقة ممتعه ومثيره تستند على تشجيع التفكير النقدي والابتكار، حيث قاد الدكتور جهود الفريق الذي ساهم في بناء قسم الكيمياء، وأشرف على تطوير المناهج الدراسية الرصينة والبرامج الأكاديمية الرائدة سواء لبرامج البكالوريوس والماجستير ولاحقا الدكتوراة تركت بصمة قوية في أقسام الكيمياء في الجامعات الأردنية.
اما الجلسة السادسة التي جاءت أيضا تحت عنوان " شهادات" وأدارها الدكتور محمد جميعان، تحدث فيها الأستاذ حكم النابلسي " صون العلم، موسى الناظر عند حسن النابلسي وأسرته، والدكتور راشد عيسى " ثلاثية الجبرياء والكيمياء والخيمياء عند موسى الناظر" والأستاذة فدوى الناظر " بعيون أبنائه، الدكتور موسى الناظر مواقف وعبر"، عبر تطبيق (زووم).
وقالوا إن الدكتور موسى اختار أن يعمل مدرسا في كلية العلوم بالجامعة الأردنية على عمله كباحث بعد الدكتوراة في جامعة هارفارد الأميركية الشهيرة العتيدة، مشيرين إلى أن الناظر قد تحصل من الخيميائية على شفافية الفلسفة الجمالية الأدبية الحكيمة فهو محبّ للشعر الذي نراه منثورًا في مقالاته وكتبه يستشهد به ويعزز من خلاله رؤيته وموقفه، وهو يصوغ كتاباته ببيان عربي جميل تظهر فيه ملكته الأدبية السريّة.
وأوضحوا أن العقل الكيميائي لديه منسجم ومتناغم مع الوجدان الخيميائي الذي ينقل أسرار الكيمياء إلى أخلاق الإنسان. ولعل هذه الظاهرة الإبداعية تجلت خير تجلٍّ لها في موقف الناظر من الأزهار: السوسنة والنرجسة وزهرة الصبار وأنواع أخرى من الزهور في كتابه على درب الزهور.
من جانبها اعربت أبنة المحتفى به فدوى الناظر عن اعتزازها وفخرها بوالدها الدكتور موسى الناظر، مستعرضة بعضا من المواقف والذكريات التي عاشتها العائلة مع أب عظيم.
وفي نهاية الفعالية، أعرب "ضيف العام" الناظر، عن شكره وامتنانه لمؤسسة "شومان" على تنظيمها لهذه الندوة التكريمية.
واستذكر الناظر في كلمته، مسيرته الأكاديمية الطويلة الحافلة بالإنجازات والعطاء، مثلما استذكر مسقط رأسه خليل الرحمن التي ترعرع فيها.
يشار الى أن الدكتور موسى الناظر هو عالم وأكاديمي يحمل درجة الدكتوراة في الكيمياء من جامعة هارفارد/ الولايات المتحدة الأميركية عام 1964، وشغل العديد من الوظائف الأكاديمية في عدة جامعات عالمية وعربية ومحلية، وقد عمل على تأسيس قسم الكيمياء في الجامعة الأردنية وترأسه لعشر سنوات، مثلما أنه ترأس العديد من لجان إعداد مناهج العلوم وتطويرها للمدارس وكليات المجتمع والجامعات في المملكة وفي عدد من الأقطار العربية وقام بتأليف العديد من الكتب المدرسية والجامعية.
حاز على جائزة عبد الحميد شومان، وتقلد وسام الحسين للعطاء المميز من الدرجة الأولى تقديرا لخدماته الجليلة في التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع. وتقديرا لخدماته، قامت الجامعة الأردنية بإطلاق اسمه على إحدى قاعات كلية العلوم، كما انتخبه مجمع اللغة العربية عضوا عاملا فيه.