هل يمكن للمجتمع أن يصنع بطلا لا يستحق؟ وما هو الشخص الصالح؟ هل هو من يقوم بالأعمال الصحيحة فقط؟
أصغر فرهادي مخرج ايراني شهير حاصل على جائزتي أوسكار وأفلامه ضيف دائم على المهرجانات العالمية ويتميز أسلوبه دائما بالمعضلة الأخلاقية التي تبدأ صغيرة وسرعان ما تتعقد الأمور.
في فيلمه الأخير (بطل) -نكرة لا معر، يتحدث عن ماهية البطل في رواية صغيرة عن رحيم وهو شاب هادئ بسيط يتم سجنه بسبب دين عليه لصهره ومنها يطلق زوجته وتتولى أخته تربية ابنه الذي يتلعثم في النطق ويحصل رحيم علي تصريح خروج لمدة يومين كإجازة لعله يقدر علي اقناع صهره بالتنازل عن القضية، وبالفعل اقنعه وخرج من السجن.
رحيم له حبيبه سابقة يقابلها وقت خروجه، الأمر الملفت هنا أن حبيبته بشرته بأنها وجدت حقيبة بها ١٧ قطعة ذهبية و يبدو أنّ رحيم شعر بأنّ الحقيبة هي هدية من الله كي يسد الدين لكن للحظة يتراجع رحيم ويبحث عن صاحبة القطع الذهبية ويترك رقم هاتف لدى المختصين وهناك تتصل به السيدة صاحبة القطع الذهبية ويبعث لها أخته بالذهب وهنا تستغل إدارة السجن -المسؤولة عنه حبسه مسبقا- هذا الموقف وترتب لرحيم مقابلة تليفزيونية على أن يتحدث عن المعاملة الجيدة في السجن ومنها يصبح رحيم بطلا عند الجميع وهناك جمعية خيرية تحاول جمع التبرعات لسداد الدين وهناك وكالة تريد توظيفه ولكن تشكك في مصداقية القصة وتطلب مقابلة صاحبة القطع الذهبية بنفسها وهنا تختفي السيدة ويضطر رحيم إلى تمثيل حبيبته دور صاحبة الذهب ولكن تنكشف القصة بناء على رسالة نصية يتوقع رحيم أن صهره هو من أرسلها ويذهب له ويتعارك معه ويتم تصوير المعركة لتتصدر مواقع التواصل الاجتماعي وتتخلى الجمعية عن رحيم وتطلب إدارة السجن منه أن يسجل فيديو اعتذار لكن مع ابنه لاستغلال تلعثمه في الكلام كي يستدر عطف المشاهدين .
الأمر الملفت للنظر أنّ البطل هنا يتغير على مدار القصة فيبدأ البطل الطيب ثم المستغل ثم الأمين الذي يفعل الصواب ثم المتواطئ بتلميع إدارة السجن ثم الملفق للرواية ومنها يصبح البطل دون بطولة وسجين مرة أخرى.
المعضلة كلها هنا في مواقع التواصل الاجتماعي والدافع الشعبي الذي صنع من رحيم بطلا دون أيه ثوابت سوى ظهوره في التليفزيون، بل وجمعوا التبرعات لسداد دينه علي حساب اخر سيتم إعدامه، تكمن هنا المشكلة الأخلاقية، كيف يصبح البطل بطلا؟ أو بالأحرى في رأيك من الذي يجعل البطل بطلا؟