تقدم التكنولوجيا وتطورها أصبح متسارعا، لتغدو التقنيات أكثر ذكاء، والأجهزة أكثر تطوراً، وتحضر في حياتنا بكامل الحرية والتحرر، لدرجة أصبحنا معها أسرى في سجون التكنولوجيا المتطورة، ونتحرك وفقاً لما تُمليه علينا تلك الرقميات، بل ونُدير حياتنا وفقاً لما تُنتجه لنا، خصوصا أنها يسرت علينا الكثير من الأعمال الشاقة، ووفرت الكثير من الجهد والوقت، وتلك من أهم إيجابيات التكنولوجيا.
مواكبة التطور ومخرجاته العلمية، واستنتاجاته حول المستقبل الذي ستغزو فيه التكنولوجيا الكوكب بأكمله، تستلزم عملية التربية الرقمية، والتي قد نسميها "المواطنة الرقمية". لكن بما أننا نخوض في العلوم التربوية فمن الأفضل أن نسميها التربية الرقمية ، فقبل أن نتعرف على التكنولوجيات والرقميات، لابد أن نتعرف على قيمها ومبادئها من حيث التعامل معها واستخدامها ودورها في حياتنا فعندما يغيب القانون عن أي مؤسسة أو مجتمع سرعان ما يفسد ويضمحل ليسود الجهل والتجاوزات، و لذلك عندما تغيب التربية الرقمية عن المجتمع الرقمي لا شك أن العشوائية والتجاوزات والتدخلات السيئة هي التي ستسود، بل قد يصل الأمر إلى الإدمان الإلكتروني، مما يجعل الفرد يتأثر بالسلب تجاه الأعمال اليومية والاجتماعية والعملية في حياته، وهذا ما نرفضه و نسعى لمحاربته.
تعتبر التربية الرقمية بمثابة القانون المُنظم للعمل في العالم الرقمي، والتي مع هذا التطور الهائل في عالم التكنولوجيا أصبحت ضرورة لا غنى عنها أبداً، وفي حالة إهمالها سيختلط الزيت بالماء ، وسنندم كثيراً لحدوث العديد من التجاوزات أقلها الجرائم الإلكترونية، فالوقاية دائماً خير من العلاج، ووجود قانون رقمي يُنظم التعاملات التكنولوجية ويضمن احترام الحريات، ويسمح باستخدام التكنولوجيا بما لا يؤثر على حياتنا الطبيعية لهو الأمر الأكثر أهمية في السنوات القادمة.
لذا لا نجد بُداً من أن نقول للعلماء في هذا المجال ولغيرهم أيضا :”لا تجعلوا التكنولوجيات الحديثة تستهويكم في بحوثكم دائماً، فهناك ما يستحق الاهتمام ولا يقل أهمية عن التكنولوجيا وهي التربية الرقمية، التي ستصبح لا محالة أحد أهم الاتجاهات البحثية في العصور القادمة،‟ لذا علينا الشروع في إعداد قانون رقمي يناسب بيئتنا العربية والإسلامية، وقواعد أخلاقية للتعاملات الرقمية، ونضع معايير قيمية لاستخدام و توظيف التكنولوجيا في مؤسساتنا التعليمية، بل ولابد أن تكون ضمن أهم معايير الاعتماد والجودة لتلك المؤسسات التعليمية.
ومع التغيرات المتسارعة مهمتنا في الميدان التربوي هو التكييف مع المستجدات والاستفادة منها في تثبيت قيمنا ومبادئنا وتأطير العمل الرقمي بالابداع والابتكار والريادة في التربية والتعليم لتحقيق رؤية ورسالة مستدامة بنظرة ثلاثية الابعاد الماضي للاستفادة منه والحاضر للتطبيق والمستقبل للخيال العلمي والذكاء الاصطناعي والرقمي والبشري كل على حدة او ذكاء ثلاثي وذلك من خلال دعم الطلبة في مشاركتهم الفاعلة في البيئة الافتراضية وخلق الفرص الواقعية والمستقبلية وتعزيز سبل اكتساب المعرفة وتحويلها الى مشاريع عملية مرتبطة بالحياة ونواة مستقبلية منضبطة بالمواطنة الرقمية الصالحة والاتيكيت الرقمي والصحة الرقمية ثابتين على مبادئتا التربوية وقيمنا الجوهرية الاصيلة والثمينة في جميع مجالات الحياة.