وهي علم التأويل , ولكي نفهم التأويل تحديداً يهم أن نطرح السؤال الذي طرحه محمد محجوب (( ما معنى أني أفهم؟ وماذا يمكني أن أفهم؟ ومن انا؟ وما الفهم؟ )) وهي ضاربة في عمق تاريخي يلقى أصوله في تأويل النصوص المقدسة وعلم اللاهوت, إذ كان يشير إلى مجموعة القواعد التي يجب على المفسر الإلتزام بها لتأويل لنص. ولكن الهرمنيوطيقا تجاوزت المجال الديني لتتناول جميع ما يخضع إلى التفسير الممنهج
تنقسم الهريمنيوطيقيا أو علم التفسير إلى عامة و خاصة, والخاصة هي تناول جانب فردي في النظر إلى قضية معينة, فالعلم مثلاً إلى جانب المنهج التطبيقي التي تبنى عليه النظريات للتأكد من صحة الشيء من عدمه, فقد يُنظر إليه تفسيرياً كعملية إسقاطية, فالوضعانية المنطقية إرجعت تفسير كل شيء إلى التفسير العلمي ومن ضمنها اللغة على سبيل. ويمكن حتى النظر إلى الأدب ضمن الهرمنيوطيقا الخاصة. والهرمنيوطيقا العامة هي مثل الهرمنيوطيقا الوجودية, التي تُبنى على إرث فلسفي يتناول النظر إلى الحياة والتجربة الإنسانية, وهي مبنية على فلاسفة مثل غادمير وبول ريكور وهايدغر وهوسرل وجون بول سارتر
نخلص مما تقدم إلى ان التأويلية, في بعدها العام, فن لتأويل النصوص, بل أضرب من الخطاب غيرية مختلفة, وينزع منزعاً إجرائياً عملياُ. هي كما يعرفها بول ريكور من بين كثيرين (( نظرية للقواعد المتعلقة بتأويل نص أو جملة من العلامات التي يمكن أن تشكل نصاً )). على أن هذا السعي إلى الفهم, مما لا يمكن أن يتم إلا ضمن أفق وسياق متشابك: تاريخي ومعرفي إبيستمولوجي, والقراءة التأويلية- بهذا الإعتبار- ضرب من التحيين والإثراء لإرث السابقين, ينظر إليه بعيون معاصرة, وأدوات تفكيك مستحدثة. ومثال ذلك ما يشير إليه مثلا فتحي المسكيني من ان التأريخ لنبوة محمد من قبل محمد عابد الجابري وهشام جعيط (( لم يتسن له الإفلات من النموذج الأخلاقي التنويري والإنسانوي الحديث, ولا عجب أن نجد ان الرهان في الحالتين هو توفير محمد قابل للإستعمال التنويري, أو الحديث, وفق مطالب أفق أنتظار محدد بشدة )).
ونُدرك أهميتها الإجرائية من حيث النظر إلى الأمور, فهي تقف عند سؤال ما الفهم؟ وكيف نفهم الشيء تحديداً؟ إذ قد ينتج عدم الفهم عن الفشل في فهم المركب السهل قبل الصعب, لعدم خضوعه ضمن أسس ومعايير واضحة تُمكن من الفهم. أو الفهم ضمن خطاب أكثر خصوصية متناسية الخطاب العام. ومن المهم أخذ الهرمينوطيقا بعين الإعتبار لإي نص تحليلي, لإنه أصبح علم لا يمكن تفاديه في العلوم الإنسانية واللغويات.