بعد اكتساح الذكاء الاصطناعي بالمجتمعات والذي أصبح يفرض وجوده بها، أثارت عقولنا المعرفية عدة تساؤلات عن تغير المجتمعات وتكوينها بين الجنس البشري والآلات الصناعية الذكية التي أفرزت لنا مجتمعات متغيرة ومزدوجة في العلاقات الثنائية بينهما.
كيف يمكن لنا تصور بنية المجتمعات مستقبلا في أماكن العمل وفي المؤسسات الخدماتية والحياة العامة؟
تواجد الذكاء الاصطناعي مع الجنس البشري كمكون جديد في المجتمعات، كان دافعا بنيويا في تغير طبيعة المجتمعات التكوينية وكذا علاقاتها التفاعلية وظواهرها الاجتماعية، حيث صار التعاطي مع العالم الخارجي باستحضار جنس غريب بيننا ينمو ويكبر ويتكاثر بشكل سريع.
هذا التطور الغريب في تواجد الآلات الصناعية، أصبح يهدد حتى الوجود الفعلي للبشرية، والتي كانت تتحكم في زمام الأمور وتسير المجتمعات بإراداتها الخاصة بالطبيعة البشرية، حيث الأمر ينمو ويفرض نفسه رغما عنا.
تساءلت مع نفسي عدة مرات لأتصور الدينامية العلائقية بين المكونين، وبالتأكيد توصلت إلى أن المجتمعات تسير نحو التغيير الجدري في العلاقات الاجتماعية، والتي أصبحت واقعا الذي سيفرز لنا عدة ظواهر اجتماعية جديدة، تستوجب البحث العلمي الميداني للوصول إلى نتائج علمية دقيقة واكتشاف العالم الجديد الذي سيظهر في القادم مع انتشار الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي في الثورة الصناعية الرابعة ومع الجيل الخامس، سيهدف إلى تحويل النظام العام للمجتمعات لتسير نحو الاستدامة بالتكنولوجيا الحديثة، والتي توفر للبشرية عدة خدمات متنوعة وسهلة المنال بسرعة وفي وقت وجيز، كما أنها ثورة على الإنسانية في تعويض اليد العاملة بالآلات الصناعية لتسهيل العمل والخدمات لتحقيق المردودية والربح، بدل العمل الجماعي البشري الذي يتطلب الوقت والتفكير ورسم خطة العمل لإنجاز المراد منه.
إنها ثورة على المجتمعات في زعزعة البنية القديمة التي يسير عليها النموذج البشري، ولكن هل يمكننا الاستغناء على العقل المدبر والذي قام بصناعة تلك الآلات لمساعدة البشرية؟
إن التحدي الكبير الذي يواجه البشرية، في كيفية التعامل مع الوضع الراهن الجديد، في تكوين المجتمعات الحالية بين ما هو بشري وما هو صناعي. إنه الصراع في الكينونة البشرية، إنه المواجهة القوية التي ستدفع البشر إلى فرض وجودهم القائم بانتمائه الفطري للطبيعة.
من هنا، هل الإنسان أصبح يفقد أحاسيسه ومشاعره ليصبح هو الآخر مثل الآلة، بدل أصله الطبيعي لانصهاره في عمق التكنولوجيا الحديثة؟ وهل الإنسان سيضطر إلى ربط علاقات اجتماعية مع الآلة لسير الأمور كما يجب؟ وهل الطموحات المستقبلية هو الغوص في جسم الإنسان لتشفيره لتقبل الآلة والاندماج معها في الحياة اليومية المتداولة؟ وهل أصبح الإنسان مستعد لاتخاذ الآلة هي الرفيق والصديق مع المكون الأسري الطبيعي؟
كلها أسئلة معرفية فلسفية واجتماعية وسيكولوجية تطرح نفسها مع المتغييرات الحالية مع الذكاء الاصطناعي والتي سيجيب عنها العالم الجديد الذي يتكون مع استدامة التكنولوجيا في سائر الحياة الاجتماعية للانسان.