يجمع فيلم "لمسة الخطيئة" بين أفلام العنف والجريمة والانتقام، وهو سابع فيلم روائي طويل من إخراج المخرج جيا جانجكي، أحد أعلام المخرجين الصينيين المعاصرين. وكتب هذا المخرج سيناريو الفيلم وهو منتج منفذ مشارك للفيلم، ويظهر بدور قصير في الفيلم. ويشتمل فيلم "لمسة الخطيئة" على أربع قصص منفصلة مستوحاة من أحداث حقيقية وقعت في مناطق مختلفة من الصين. وتتعلق قصص الفيلم بثلاثة رجال وامرأة يتعرض كل منهم لظلم كبير ويجد نفسه مضطراً لأن "يلمس الخطيئة" بارتكاب جريمة قتل، لأنه يعجز عن التوصل إلى حل آخر.
وقد تحدّث المخرج جيا جانجكي عن نظرته إلى الفيلم بقوله "هذا فيلم عن أربع حالات موت. أربعة حوادث جرت في الصين في السنوات الأخيرة، ثلاثة من هذه الحوادث جرائم قتل والأخيرة انتحار، عرفها المواطنون وانتشرت بينهم إعلامياً، وسعيت عبر استخدام هذه التقارير الإخبارية إلى تكريس صورة شاملة للحياة في الصين المعاصرة. الصين التي تتغير بطريقة سريعة، حيث تبدو البلاد معها أكثر ازدهاراً من ذي قبل. لكن أناساً كثيرين يواجهون أزمات شخصية بسبب الانتشار غير المتكافىء للثروات، ما أدى إلى تعميم بون شاسع بين الأثرياء والفقراء". وحول معالجته لظاهرة العنف في المجتمع الصيني، قال المخرج جيا جانجكي "في الأوقات الأخيرة لاحظت أن الأحداث في الصين أصبحت عنيفة، وهو ما أقلقني إلى أقصى حد، وشعرت بأنه يجب التعبير عن ذلك في السينما من خلال فيلم يصف ما يحدث، ولنفهم كيف يمكن لشخص عادي أن يتوصل إلى التصرف بهذا القدر من العنف".
يتناول فيلم "لمسة الخطيئة" بصراحة انتشار الجريمة والفساد في المجتمع الصيني المعاصر. ويكشف الفيلم السخط المتزايد في الصين بين الطبقات العاملة المستغلة وبين النخبة الحاكمة التي تجبرهم على التعبير عن سخطهم واستيائهم بما يتاح لهم من وسائل، بما في ذلك استخدام العنف. ومع أن قصص الفيلم الأربع غير مترابطة فهي تشترك في عناصر أساسية، كالعنف والجريمة والشر والفساد والانتقام.
يواصل المخرج جيا جانجكي في فيلم "لمسة الخطيئة" معالجته في أفلامه السابقة للقضايا المتعلقة بالمجتمع الصيني. ويتميز الفيلم بإخراجه المحكم وقوته الدرامية وسلاسة السرد وواقعية تصوير المشاهد وقوة أداء الممثلين. ويتفوق الجزء الأول من الفيلم على الأجزاء الثلاثة الأخرى بتقديم صورة واقعية وصريحة عن انتشار الفساد في الصين وبالتأكيد على مضمونه الاجتماعي. يشار إلى أن المخرج جي جانجكي ذكر أنه اقتبس عنوان فيلمه "لمسة الخطيئة" من عنوان فيلم "لمسة زن" (1971) للمخرج التايواني كنج هو تقديراً لذلك الفيلم. وقد فاز فيلم "لمسة زن" بالجائزة التقنية الكبري لمهرجان كان السينمائي، كما رشح في مهرجان كان لجائزة السعفة الذهبية لأفضل فيلم.
عرض فيلم "لمسة الخطيئة" في 31 مهرجاناً سينمائياً، منها مهرجانات كان ونيويورك ولندن وأبو ظبي، وفاز الفيلم بسبع جوائز سينمائية، بينها جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم في مهرجان أبو ظبي السينمائي 2013، وذكرت لجنة المهرجان في تبرير منحها الجائزة أنه "سينمائي بامتياز، يقدّم تجسيداً شديد الدقة للمجتمع الصيني المعاصر". ومن هذه الجوائز أيضاً جائزة أفضل سيناريو في مهرجان كان السينمائي وجوائز أفضل فيلم وموسيقى تصويرية ومونتاج في مهرجان الحصان الذهبي السينمائي في تايوان وجائزة خاصة في مهرجان غينت السينمائي الدولي في بلجيكا.