يشير الذكاء العضوي إلى القدرة الطبيعية للكائنات الحية على معالجة المعلومات والتعلم والتكيف مع الظروف المتغيرة في بيئتها. على عكس الذكاء الاصطناعي، الذي تم إنشاؤه من خلال تصميم برامج وخوارزميات الكمبيوتر، فإن الذكاء العضوي هو نتاج للتطور والسمات الجينية التي تطورت على مدى ملايين السنين.
يمكن ملاحظة الذكاء العضوي في مجموعة متنوعة من الكائنات الحية، من الكائنات الدقيقة إلى النباتات والحيوانات. في أبسط المستويات، يمكن للكائنات الحية الدقيقة مثل البكتيريا اكتشاف التغيرات في بيئتها والاستجابة لها، مثل وجود العناصر الغذائية أو السموم. يمكن للنباتات أن تنمو وتتكاثر وتستجيب للتغيرات في الضوء والماء ودرجة الحرارة. تتمتع الحيوانات بقدرات معرفية أكثر تعقيدًا وتمكنها التعلم والتذكر واتخاذ القرارات وحل المشكلات.
القدرة على التكيف هي إحدى الخصائص الرئيسية للذكاء العضوي. تتفاعل الكائنات الحية باستمرار مع بيئتها ويجب أن تكون قادرة على تعديل سلوكها استجابة للظروف المتغيرة من أجل البقاء على قيد الحياة. غالبًا ما يتم تحقيق هذه القدرة على التكيف من خلال مزيج من البرمجة الجينية والتعلم. على سبيل المثال، قد تولد الحيوانات بسلوكيات غريزية معينة تساعدها على البقاء، ولكن لديها أيضًا القدرة على التعلم من التجربة وتعديل سلوكها وفقًا لذلك.
خلال عملي مع فريق من الباحثين تم تحديد ووضع مسار لإنشاء مجال جديد نسبيا يدعى الذكاء العضوي (Organoid Intelligence) ، حيث إن هذه العضويات تشير إلى أنسجة حيوية يتم تنميتها في المختبر داخل أطباق بترية ويمكن تجميعها بشكل محدد ثم ربطها مع الحواسيب، ويقول فريق الباحثين أن استغلال قوة هذه العضويات ودمجها مع الأجهزة البيولوجية سيكون أكثر كفاءة من أجهزة الحواسيب المتقدمة.
للذكاء العضوي عدد من الآثار المترتبة على فهمنا للذكاء بشكل عام. على عكس الذكاء الاصطناعي، الذي يُصمم غالبًا لأداء مهام محددة، فإن الذكاء العضوي قابل للتكيف والمرونة. هذا يعني أنه قادر على الاستجابة لمجموعة واسعة من التحديات ويمكنه الاستمرار بالعمل حتى في مواجهة الأحداث غير المتوقعة.
للمرة الأولى على الإطلاق، المشروع الحالي يعتبر حلقة وصل بين الدماغ والحاسوب لفك تشفير الإشارات العصبية التي تمثل كتابة الحروف والجزء المثير، وهو تمكين الشخص المصاب بالشلل من التواصل من خلال تخيله في الدماغ لكتابة رسالته المقصودة بخط اليد بعد ذلك يقوم الحاسوب بنقل هذه الاشارات الى شاشة الكمبيوتر وعرضها وفق برمجة معينة، فبعد وضع الجهاز على الدماغ وتخيل الحروف في الدماغ سوف تظهر النتائج مباشرة بخط مكتوب على شاشة الكمبيوتر .
على سبيل المثال تخيل حرف "A” او حرف “B” سوف تظهر النتيجة التاليه مرسومة على شاشة الكمبيوتر.
يتدافع الجميع الآن لدمج الذكاء الاصطناعي مع أكبر عدد ممكن من جوانب الحياة البشرية. يمكن للشبكات العصبية والتعلم الآلي تقديم سرعات معالجة محسنة بشكل كبير، ومع ذلك لا تزال هذه الجوانب تعتمد على المسارات الرقمية التي قد لا تحاكي تمامًا البنية البيولوجية للدماغ البشري. ستكون الخطوة التالية في تحسين الذكاء الاصطناعي هي الجمع بين أفضل ما في العالم الرقمي والعالم البيولوجي. للغوص بعمق في عالم الحواسيب الحيوية والذكاء العضوي (OI).
تعتمد جميع تطبيقات الذكاء الاصطناعي اليوم على قوة الحوسبة التي توفرها وحدات المعالجة المركزية أو وحدات معالجة الرسومات القوية. من ناحية أخرى، تسعى OI إلى تحقيق "تطورات غير مسبوقة في سرعة الحوسبة وقوة المعالجة وكفاءة البيانات وقدرات التخزين" من خلال تسخير تعقيد الثقافات الخلوية المزروعة في المختبر والتي تم إعادة توجيهها من خلايا الجلد البالغة التي تتكون من مجموعات ثلاثية الأبعاد من الخلايا العصبية وخلايا الدماغ الأخرى.
بدلاً من تدريب نماذج الكمبيوتر لإعادة إنتاج عمليات التفكير البشري، سيكون الحل الأكثر فعالية هو الجمع بين طرق المعالجة الرقمية وهياكل الدماغ البيولوجية، ولا يزال هذا المجال الحديث قيد التطوير .
كما يمكن الاطلاع على الشرح كامل للابتكار الحالي من خلال QR-CODE التالي :
في الختام، يمثل الذكاء العضوي مجموعة رائعة من القدرات التي تطورت على مدى ملايين السنين من الانتقاء الطبيعي. من أبسط الكائنات الحية الدقيقة إلى أكثر الحيوانات تعقيدًا، تمتلك الكائنات الحية قدرة رائعة على التعلم والتكيف والتعامل مع البيئات المتغيرة. من خلال دراسة الآليات الكامنة وراء الذكاء العضوي، يمكننا اكتساب فهم أعمق للمبادئ الأساسية للذكاء والطرق التي تطورت بها الكائنات الحية المختلفة لمواجهة تحديات بيئاتها.