"منتدى شومان" يحتفي بإشهار كتاب "روابط الفكر والروح بين العرب والفرنجة"

03-04-2018

احتفل في منتدى عبد الحميد شومان الثقافي، أول من أمس 2 نيسان (أبريل)، بإشهار كتاب "روابط الفكر والروح بين العرب والفرنجة" لمؤلفه الشاعر اللبناني إلياس أبو شبكة، وتحقيق الدكتور مصلح النجار.

الناقد والأكاديمي الدكتور إبراهيم السعافين، قال خلال تقديمه للحفل إن "أبو شبكة يعد من أهم شعراء العصر الحديث في مرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية، حيث شغل الشاعر أبو شبكة الدنيا بشخصيته المتميزة".

من جهته، قال محقق الكتاب الدكتور مصلح النجار: "في هذا اليوم، ننبش في أرضية غرفةٍ مغلقةٍ من غرف الأدب العربي الحديث ونقد الأدب العربي الحديث، لنعاين لحظة إشراقٍ وتنوير كان بطلها الشاعر اللبناني العبقري إلياس أبو شبكة المولود مطلع القرن العشرين في الولايات المتحدة الأميركية، والمتوفى سنة سبع وأربعين عن ثلاث وأربعين سنة ليخلّف للعالم سبعة وثلاثين كتابا بين مجموعة شعرية، وكتاب نثري، وكتاب مترجم".

ورأى النجار أن كتاب أبو شبكة يشكّل حالة مبكّرة من الوعي النقديّ، وسهما مصيبا في حقل الأدب المقارن، ونقد الأدب الحديث؛ على قلّة الدراسات المقارنة آنذاك في مطلع أربعينيات القرن العشرين.

وأوضح أن كمّ المعلومات التي احتواها الكتاب بين دفّتيه، معظمها تتعلّق بشخصيّة أبي شبكة الإشكاليّة، ومنها ما هو متعلّق بروح عصر الأنوار، والحركة الرومانسيّة الأوروبية، وبرؤية الكاتب ذاته لمرحلتي النهضة والتنوير العربيتين، ودورهما في تشكيل الحداثة العربية.

واعتبر النجار أن أبو شبكة "إشارة علاّم" في العلاقة بين الثقافة العربية، والثقافة الفرنسيّة على وجه الخصوص، بل إنّه كان مبشّرا بالثقافة الفرنكوفونيّة، وناقلا لها، يعمل على نشرها من خلال كتبه، وترجماته الكثيرة، بلغة ووعي استثنائيين عزّ نظيرهما في تلك المرحلة.

ولفت إلى أن أبو شبكة قد شكل جسرا بين الثقافة الفرنسية والعربية نقدا وفكرا وإبداعا، من خلال نتاجاته الأدبية التي شكّلت علامة فارقة في اتّجاه عربيّ متأثر بالرومانسيّة، ولا سيّما الفرنسيّة.

وبين النجار أن هذه الطبعة من الكتاب تجيء بعد خمس وسبعين سنة تقريبا من صدور طبعته الأولى، وهو ما يزال جديدا ومتجددا وصالحا لأن يقرأه القارئ العربي، فيشكّل إضافة لمعرفته حول العلاقة بين الثقافتين العربية والفرنسية، بل والأوروبية، والعالمية في إطارها الواسع.

"لماذا قام الدكتور مصلح باختيار هذا الكتاب تحديدا؟ ولماذا إلياس أبو شبكة؟ ولماذا الآن؟"، بهذه التساؤلات بدأت الدكتور هند أبو الشعر حديثها عن الكتاب. فاعتبرت أن النجار الذي يعرف خطهّ الأكاديمي والفكري، يحسب خطواته بذكاء، وأن اختياره لإعادة الكشف عن هذا المخزون الثقافي الذي قدمه إلياس أبو شبكة في هذا الزمن الصعب، يؤشر على الوعي بأهمية إعادة دراسة "الآخر" وتأثيره في فكرنا وتأثيرنا في فكره، واستعادة فكر جيل الأربعينيات الذي يمثله الكاتب والمترجم اللبناني إلياس أبو شبكة.

ورأت أبو الشعر أن كتاب "روابط الفكر والروح بين العرب والفرنجة"؛ هو الخطاب الذي يتوجه فيه لجيل الأربعينيات، وهو الخطاب الذي يجب علينا نحن الآن أن نتوجه فيه إلى جيل النصف الأول من القرن الحادي والعشرين، معتبرة أن الدكتور مصلح أحسن في إعادة هذا الكتاب النخبوي إلى الساحة الفكرية، بطرحه محققا ومدروسا.

ولفتت إلى أن القارئ العربي أحوج ما يكون الآن إلى خطاب الفكر والروح في زمن الخراب والدماء والرعب وكره الآخر، لإحلال الإنسانية محل الكراهية.

واستعرضت أبو الشعر خلال حديثها، بعض فصول الكتاب الذي يقع في 183 صفحة من القطع المتوسط، ويضمّ دراسة مكثفة لأبي شبكة في تقديم الدكتور مصلح للكتاب، ومن هذه الفصول:"فرنسا الأدبية، الاتصال الأول بين العرب والفرنجة، في منابع الثقافة الفرنسية، تأثر الشرقيين بمبادئ الثورة، الأدب العربي والحركة الرومانطيقية، عهد النقل والاقتباس، ينقلون ما هبّ ودبّ، الغموض دخيل على الأدبين، الأدب العربي في نهضته المباركة".

وقالت أبو الشعر تعقيباً على فصول الكتاب، إن "هذه الفصول موجهة للقارئ الجادّ وللنخبة، وليس للقارئ العاديّ، لأن أبو شبكة حفرعميقاً في أصول الثقافة الغربية الكلاسيكية " اليونانية والرومانية "، وفي عصر النهضة وأدبياتها ، وفي التثاقف الحضاري الغربي مع حضارة العرب في الأندلس، مرورا بحروب الفرنجة وانتقالا للثورة الفرنسية ووصول الحملة الفرنسية إلى مصر، وبدايات الانفتاح على فرنسا عن طريق البعثات العلمية التي أرسلها محمد علي باشا، وتأثير هذا كله على الأدب والفكر بين الطرفين".

وأضافت "تمكن المؤلف من جرد كلّ هذه العلاقات بطريقة عبقرية، لكنها مرهقة ومربكة للقارئ العادي الذي أتخمته الأسماء التي عرف بعضها وغاب عنه الكثير منها، فبدت مثل الطلاسم، وربما كانت سببا في بعث الملل في القارئ العادي وانصرافه عن القراءة".

ولفتت إلى أن المؤلف كان موضوعيا في تناوله لتأثر الشرقيين بمبادئ الثورة الفرنسية؛ لأنه تناول الجانب الفكري والحضاري، وتابع ظهور أثر مبادئ الثورة الفرنسية "حرية، إخاء، مساواة" في فكر المشارقة.

واعتبرت أبو الشعر أن أجمل ما يستوقف قارئ الكتاب هي حركة الترجمة التي أصبحت ظاهرة في المسرح والرواية، وبينت في هذا السياق، أن حركة محمد علي باشا ساهمت في تشجيع الترجمة عن الفرنسية إلى العربية، عندما أرسل البعوث إلى فرنسا وعلى رأسهم رفاعة الطهطاوي ومعه أبناء الخديوي ومنهم إسماعيل بن إبراهيم باشا، حيث ألزم كل مبعوث بترجمة كتاب من الفرنسية إلى العربية في المادة التي يدرسها، لتصل الكتب المترجمة في الطب والهندسة والتاريخ والجغرافيا والصيدلة والأدب إلى خزانة محمد علي باشا.

أما الأكاديمي الدكتور محمد المجالي، فرأى أن كتاب "روابط الفكر والروح بين العرب والفرنجة"، يشكل وثيقة تاريخية أدبية يمكن أن تخدم الدارسين في هذين المجالين.

وقال إن "العناوين التي تناولها أبو شبكة في كتابه جاءت منسجمة متناغمة تدل على ثقافة واسعة، واطلاع دائم"، مضيفا أن" لغة أبو شبكة في كتابه كانت لغة راقية تنسجم وطبيعة الموضوع المطروح".

ولفت المجالي إلى أن ما قام به الدكتور مصلح النجار يمثل جهداً طيباً في مجال التحقيق؛ إذ عمد إلى شرح المصطلحات الغامضة، وإلى التعريف بأسماء المدن والشعراء والكتاب والمذاهب والاتجاهات بأسلوب محكم متماسك.

واعتبر المجالي أن مجموعة الظروف السياسية والاجتماعية والنفسية التي عاشها الكاتب قد اسهمت في تشكيل شخصيته، وفي تقديم أعمال متميزة سواء أكان ذلك في الشعر أم النثر.

فيما رأى المجالي أن المؤلف أبو شبكة لم يلتزم الدقة في حديثه عن شعراء المهجر وفي هجومه على الأديب اللبناني جبران خليل جبران، على وجه التخصيص.

فيما يشار إلى أن الدكتور مصلح النجّار، أكاديميّ وشاعر أردنيّ. وأستاذ الدراسات العليا في الأدب العربيّ الحديث ونقده بالجامعة الهاشميّة. له تسعة وعشرون كتاباً منشوراً في حقول الأدب والنقد، والأمن الإنسانيّ، وتعليم العربيّة للناطقين بغيرها. كما له أيضا، 31 بحثا علميّا محكّما منشورا في الدوريّات العربيّة والعالميّة. وقد أشرف على عدد كبير من الرسائل والأطاريح لطلبة الدكتوراه والماجستير.