فيلم "أشيك كيريب" (1988) الذي تعرضه لجنة السينما في مؤسسة شومان مترجما للعربية هو الفيلم الروائي الطويل الثامن للمخرج الأرمني الجورجي المولد سيرجي بارادجانوف. وكان هذا الفيلم فيلمه المكتمل الأخير، حيث أنه توفي قبل إكمال فيلمه الأخير "الاعتراف" (1990). يستند سيناريو فيلم "اشيك كيريب" للكاتب السينمائي جيا بادريدز إلى قصة قصيرة للكاتب الروسي ميخائيل ليرمونتوف بعنوان "أشيك كيريب – المغني المتجول العاشق" تم تأليفها في العام 1837، وتستند إلى القصص الشعبية الخيالية الشائعة في منطقة القفقاس. ويجمع هذا الفيلم بين الأفلام الدرامية والغرامية، وهو ناطق باللغتين الأذربيجانية والجورجية. وتم تصوير جميع مشاهد الفيلم في مدينة باكو عاصمة أذربيجان.
يستمد فيلم "أشيك كيريب" عنوانه من اسم بطل القصة، وهو مغن متجول متواضع الحال يقع في حب الشابة ماجول – ميجيري، وهي ابنة رجل بالغ الثراء. إلا أن والد الشابة يرفض زواج ابنته من رجل فقير ويطرده هو وأسرته ويختار لها رجلا ثريا مناسبا من وجهة نظره هو خورشود – بيك، إلا أن الابنة ترفض عرض والدها وتعد بانتظار "أشيك كيريب" 1000 يوم وليلة إلى أن يجمع الثروة اللازمة لإرضاء والدها، وتعتزم الانتحار في قرارة نفسها إذا فرض عليها الزواج من خورشود – بيك بعد مرور المهلة الزمنية المحددة. إلا أن أشيك كيريب ينجح في نهاية المطاف، رغم العقبات التي يضعها خورشود – بيك ومؤازروه في طريقه، ويجمع المال اللازم عن طريق الغناء في الأعراس، ويعود إلى حبيبته ماجول – ميجيري في نهاية فترة الألف يوم وليلة، وينتهي الفيلم نهاية سعيدة بزواجه منها.
يقدّم المخرج سيرجي بارادجانوف قصة وأحداث فيلم "أشيك كيريب" من خلال قصص التراث الشعبي الأذربيجاني، بما في ذلك الملابس والموسيقى والرقص والفن والتقاليد الشعبية. وتلعب الموسيقى والألوان دورا أساسيا في الفيلم على حساب الحوار، كما يستخدم المخرج العناوين الفرعية في تقديم نقلات حبكة قصة الفيلم. ويعيد المخرج سيرجي بارادجانوف في هذا الفيلم أسلوبه السينمائي المبتكر الذي قدّمه في فيلميه المتميزين "ظلال أجدادنا المنسيين" (1965) و"لون الرمان" (1968) اللذين أكسباه مكانة سينمائية عالمية مهمة وتقديرا كبيرا بين أقرانه من أعظم المخرجين السينمائيين في العالم. ويشتمل هذا الأسلوب على استخدام الصور والألوان والشعر من خلال لوحات سينمائية متتالية. ويستخدم المخرج سيرجي بارادجانوف الألحان الموسيقية ببراعة طوال عرض الفيلم في دعم وتعزيز السرد السينمائي المتعلق بطبيعة سكان المنطقة، عن طريق الغناء والرقص والأداء الشعبي.
ونرى في نهاية فيلم "أشيك كيريب" حمامة بيضاء محلقة في الجو ثم تقف على كاميرا صغيرة وتقرأ الكلمات "إلى ذكرى أندريه تاركوفسكي"، وهو المخرج الروسي الشهير الذي تأثر به سيرجي بارادجانوف وربطت بينهما صداقة حميمة. وكان تاركوفسكي قد أسند إلى بارادجانوف دورا صغيرا في فيلمه "سولاريس" (1972) خلال المحنة التي واجهها أيام الاتحاد السوفييتي ومنعه عن العمل.
شارك فيلم "أشيك كيريب" في ثلاثة مهرجانات سينمائية هي مهرجان البندقية السينمائي ومهرجان نيويورك السينمائي ومهرجان إسطنبول السينمائي الدولي. ورشح الفيلم لسبع جوائز سينمائية وفاز بست منها شملت جائزة هيئة التحكيم الخاصة من مهرجان إسطنبول السينمائي الدولي للمخرج سيرجي بارادجانوف وجائزة أفضل إخراج فني من الجوائز السينمائية الأوربية وأربعا من جوائز نيكا الروسية لأفضل فيلم ومخرج وتصوير وتصميم إنتاج. وتقدّم جوائز نيكا من قبل الأكاديمية الروسية لفنون وعلوم السينما، على غرار الأكاديمية الأميركية لفنون وعلوم السينما التي تقدّم جوائز الأوسكار.
آراء بعض كبار المخرجين العالميين في أفلام المخرج سيرجي بارادجانوف:
المخرج الفرنسي – السويسري جان – لوك جودارد:
"فيلم "لون الرمان" هو في رأيي واحد من أعظم أفلام المخرجين المعاصرين، وهو فيلم مذهل في جماله المثالي".
المخرج الإيطالي مايكل أنجلو أنطونيوني:
"أتذكر أفلام سيرجي بارادجانوف دائما بتقدير ومتعة كبيرين عند مشاهدتها، وأنا معجب بطريقة تفكيره وبقدرته الشعرية المتناقضة وحبه للجمال والقدرة على الحرية المطلقة في رؤيته السينمائية".
المخرج الروسي أندريه تاركوفسكي:
"من المحتمل أنه إلى جانب اللغة السينمائية لجريفيث وأيزنشتاين، فإن السينما لم تكتشف شيئا ثوريا جديدا حتى ظهور فيلم "لون الرمان" لبارادجانوف".
.