الفيلم مستوحى من مادة مسرحية كتبها وجدي معوّض، وهو لبناني هاجر إلى كندا. يدور الفيلم حول أم، تموت في مطلع الفيلم وتترك لولديها التوأمين، الفتاة جين (مليسا بولان) وشقيقها سيمون (ماكسيم غوديت)، وصية مفادها أن يذهبا إلى بلد شرق أوسطي لإيصال رسالتين: واحدة إلى أبيهما الذي لم يلتقيا به وأخرى إلى شقيقهما الذي لم يعرفا بوجوده من قبل مطلقاً. جين تقرر أن تذهب إلى ذلك البلد، بينما يرفض سيمون العودة إلى بلد، لا يعرفه ولا يكن له أي رغبة في المعرفة حتى ولو كان الإرث المنتظر مرتبطاً بتنفيذ هذه الوصية.
ما تكتشفه جين مع وصولها إلى ذلك البلد هو أكثر مما تستطيع مواجهته وحدها. تستنجد بشقيقها طالبة منه أن يأتي، فلقد أدركت أن الرحلة التي قطعتها إلى ذلك البلد غير المُسمّى، هي أكثر من مجرد رحلة بالطائرة من قارّة إلى أخرى، وعبر الثقافات. الرحلة الأشد إيلاماً هي تلك التي تتم داخل البلد حين تتعرّف إلى مراحل مأسوية من حياة أمّها المسيحية التي أحبّت فلسطينياً مسلماً وأنجبت منه. تبعاً لتعنّت أهلها فُرض عليها أن تفترق عن الطفل صغيراً، أما الأب فقد تمّت تصفيته بأيدي شقيقيها.
وحيدة وقد اشتعلت نيران حرب أهلية ضارية تبدأ البحث عن ابنها الذي ستتعرّف عليه إذا ما رأت العلامة المميّزة في يده.
ما تكتشفه جين ثم ما يكتشفه معها شقيقها سيمون لا يتوقّف عند تاريخ أمهما في لهيب الحرب الأهلية وحرائقها، بل يُصدمان كلّما تقدّم بحثهما أكثر وأكثر. في النهاية التي تأتي بعد أكثر من ساعتين بقليل، يجدان نفسيهما وقد تعرّضا لتجربة قاسية وغير متخيلة. أما المشاهد فيجد نفسه وقد أحيط بأسلاك شائكة من الصدمات المحسوبة. ما يبدأ على أساس أنه رحلة في الماضي، ينقلب إلى كابوس حاضر.
على الرغم من أن الفيلم لا يذكر لبنان، إلا أنه هو المعني بوضوح هو وحربه وأناسه وقسوة هؤلاء خلال الحرب. يميل إلى تجريم أولئك الذين وقفوا إلى اليمين في تلك الحرب ولو أنه لا يجعل من هذا الوقوف قضية. أفضل ما فيه هو الدخول والخروج اليسيرين من الماضي إلى الحاضر. من الأم (تؤديها لبنى زبّال) وهي تعيش حاضرها (في التاريخ) وولديها وهما يعيشان التاريخ في حاضرهما.
الإخراج يحمل معرفة بالكيفية التي يستطيع فيها الفيلم فتح صفحات الماضي من دون أن يطوي الحاضر في “فلاش باك” واحد طويل، كما العادة. انتقالاته محسوبة ماهرة ولو أن خطر الانزلاق في المشهد السابق والبقاء فيه رغم قدوم مشهد جديد يبقى واقعاً. كذلك يعرف كيف يحوّل الفيلم إلى قنبلة موقوتة ستنفجر حتماً، لكن لا علم لنا بالمكان والزمان الذي ستنفجر فيه. للأحداث دقّات تسبب التوتّر وحجم من الطروحات المتتابعة التي كلما اعتقد المشاهد أن الفيلم لا يمكن أن يضيف إليها، وجده لا يزال ماضياً في فتح صفحات شخصياته.
الأكثر صدماً هو ما يكتشفه المشاهد والشقيقان في النهاية حول ذلك الأب/ الأخ الغائب. كلاهما بدا في البداية شخصاً مختلفاً، وفي النهاية أصبحا واحداً.