استطاع هذا الفيلم الذي لا تتجاوز مدته الساعة ونصف الساعة أن يحقق نجاحا دوليا كبيرا منذ أول عرض له, وعلى رغم أنه فيلم خفيف في ظاهره، إلا أنه يحمل كل ملامح أفلام الكوميديا الاجتماعية السوداء ، التي تجعل المتفرج يخرج بالقصة من حدود المواقف المضحكة والساخرة إلى نظرة اجتماعية متسعة الأفق , لا تخص المجتمع الجزائري فقط ، ولكن تخص أغلب المجتمعات العربية إن لم تمس المجتمعات البشرية بأكملها , حيث نتابع من خلال الأحداث كيف أن غريزة المال يمكن أن تقلب حال البشر ، وتعيد صياغة وضعهم الأجتماعي والإنساني بمجرد أن تنطلق شائعة بسيطة، لتجوب بلدة نائية من أدناها لأقصاها
إن منير بطل الفيلم -وهو نفسه المخرج والمؤلف والمنتج لياس سالم- يعاني اجتماعيا مع أخته الصغرى ريم، المريضة بمرض طريف جدا ومأساوي جدا في الوقت نفسه , وهو مرض النوم , ذلك المرض الذي تسببه ذبابة التسي تسي المنتشرة في إفريقيا , وفي مجتمع جاهل يشيع هذا المرض عن الفتاة الجميلة بالبلدة أن أحدا لا يمكن أن يتزوجها , وبالتالي يعلن منير -في لحظة فوران مخمورة- أن أخته تقدم لخطبتها عريس ذو ثروة ومكانة اجتماعية مرموقة.. لكنه يستيقظ في اليوم التالي وقد نسي كل شيء ، ويفاجأ أن البلدة لا حديث لها سوى هذا العريس الثري الذي سيتزوج ريم ، على رغم مرضها.
في الوقت ذاته نتابع قصة الحب الشعبية بين ريم وخليفة -الشاب الصعلوك ضعيف البنية صاحب مشروع محل الفيديو وصديق منير وبينما يحاول منير تدارك أمر شائعة العريس الثري بأن يصطحب أخته وزوجته إلى خارج البلدة، كأنهم ذاهبون لرؤية العريس ورفضهK، يُفاجأ بأن أخته -في رغبة منها لإثارة غيرة خليفة حبيبها السلبي- تقول عند عودتها إنها رأت العريس وأعجبت به ووافقت عليه!
وهكذا تتغير حياة منير والأسرة بأكملها , إذ تنهال عليه عروض العمل والهدايا، ويصبح ذا مكانة مرموقة بالبلدة، بعد أن كان مجرد مواطن أقل من العادي بين سكانها , ومن هنا يتحول عنوان الفيلم إلى مضمون فني عالي القيمة , فالمسخرة الحقيقية ليست في شائعة الزواج من عريس ثري ، ولكن في مدى تغلغل المادة في نفوس البشر وعقلياتهم.
فمنذ اللقطات الأولى للفيلم يتضح واقع البلدة الجزائرية الفقيرة بل إن المرض الذي اختاره لياس لشخصية الفتاة ريم هو مرض إفريقي جدا كما استطاع الفيلم أن يقدم كثيرا من ملامح المجتمع الجزائري في البلدات النائية سواء على مستوى الملابس أو حفلات الزفاف أو على مستوى المناظر الطبيعية خاصة مناظر الجبال والسهول ؛ إذ إن كثيرا من مشاهد الفيلم خارجية .
ولم يبالغ لياس في استخدام اللغة السينمائية إلا فيما يحتاجه ذلك أن إخراج الفيلم هو إخراج بسيط تكنيكيا بشكل عام، لكنه حرفي من ناحية توظيف عناصر الكادر السينمائي في تقديم الإفيهات البصرية واللغوية وتلك هي مهمة الإخراج في الفيلم الكوميدي أن يقدم الموقف الكوميدية بأبسط وسيلة ، ودون أي مبالغة بصرية .