حوارية في "شومان" بعنوان "هل يسهم البحث العلمي في تحسين القرار والتخطيط الحكوميين؟"

21-06-2022

أكد مختصون أن البحث العلمي في الأردن يعاني من عدة عوامل تسهم في ضعف مدخلاته ومخرجاته، وتأثيرها على المجتمع، خصوصا ما يتصل بـ"ضعف انتشار ثقافة البحث العلمي، وتدني جودته، وغياب ثقافة الابتكار والإبداع والريادة، وعدم تأثير نشر الأبحاث على الساحة الدولية، وقلة مردود نتائج البحوث العلمية والابتكار وبراءات الاختراعات الاقتصادية".

وتطرقوا في حوارية نظمها المنتدى الثقافي في مؤسسة عبد الحميد شومان مساء أمس، بعنوان، "هل يسهم البحث العلمي في تحسين القرار والتخطيط الحكوميين؟"، شارك فيها رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عدنان بدران، والأكاديمي والعين الدكتور مصطفى الحمارنة، والأكاديمية الدكتورة وفاء الخضراء، وأدارها الدكتور خالد السعودي، إلى واقع الدراسات الإنسانية في الأردن، ومدى توجيهها لدراسات احتياجات المجتمع، وواقع التخطيط الاستراتيجي، مثلما ناقشوا جهات وآليات توجيه الدراسات الإنسانية، ووجوب وجود جهة عليا لتحديد الاحتياجات وتوجيه الدراسات، والاستفادة من مخرجاتها.

الدكتور بدران أشار إلى وجود فجوة لا بد من تجسيرها بين سياسات واستراتيجيات وأولويات البحث العلمي لتنمية الأردن اقتصاديا وانتاجا، وبين حاجة كل من القطاعين العام والخاص في التوسع في الإنتاجية والاعتماد على الذات مما يتطلب إعادة هيكلة المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا بحيث تتحول إلى ذراع فعال في بناء قواعد البيانات للعلوم والتكنولوجيا ووضع السياسات والاستراتيجيات لأولويات البحث العلمي لتطوير الاقتصاد والإنتاج الوطني، من خلال التشبيك العلمي مع جميع مراكز البحث العلمي والجامعات وتحويل مخرجات البحث العلمي من خلال حاضنات ومجمعات علمية صناعية إلى تكنولوجيات سلعية وخدماتية وابداعات وابتكارات تقود الى الاعتماد على الذات للاكتفاء الوطني وفتح أبواب التصدير لمنتجات خلاقة.

وقال إن مشكلة البحث العلمي في الأردن تتمثل في أننا لم نتوصل بعد، إلى سياسة ثابتة واستراتيجية قائمة وخطة عمل نقوم من خلالها على وضع أولويات، تقود إلى بناء الثروة الوطنية، وتجميع العقول البشرية في الجامعات والمراكز البحثية حول هذه الأولويات، للعمل على مشروعات لحل مشكلة مثلث (الطاقة-المياه-الأمن الغذائي)، كما أننا لم نتوصل إلى الطريق بتحويل مخرجات البحث العلمي ضمن هذه الأولويات الوطنية، إلى تكنولوجيا السلع والخدمات، داعيا إلى إعادة النظر في التشريعات الكثيرة والمعقدة التي أصبحت تعرقل مسيرة الأردن نحو النهضة والازدهار، فالحكومة الإلكترونية لا تزال سرابا، ولا يزال المواطن ينتقل في رحلة العذاب من دائرة إلى أخرى لأخذ التواقيع على أي معاملة في عملية شاقة مرهقة، مشيرا إلى أنه لا يوجد هناك تشبيك إلكتروني بينها لإراحة المواطن.

من جانبه استعرض الدكتور الحمارنة العديد من الدراسات والأبحاث الهامة التي أعدها مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية وذلك خلال فترة توليه إدارة المركز، والتي لم تلق أي اهتمام من قبل الحكومة أو الجهات المعنية بموضوع تلك الأبحاث والدراسات، مشيرا إلى أن الحكومات الأردنية المتعاقبة غير قادرة على تفعيل البحث العلمي وتوجيهه لتلبية الاحتياجات الوطنية.

وكشف عن وجود مشكلة معرفية حقيقية فيما يتعلق بموضوع العلوم الاجتماعية، مثلما أشار إلى ضرورة أن يأخذ موضوع التمويل الخارجي الذي يأتي لإجراء الأبحاث العلمية بعين الاعتبار من حيث معرفة مصدرها وإلى أين تذهب، وذلك بهدف توجيهه إلى الطريق الصحيح وتحقيق الأهداف الحقيقية منها.

ودعا الحمارنة إلى القيام بوضع الخطط والرؤى لتطوير الجامعات الأردنية للسير في الاتجاه الصحيح والانطلاق نحو الابتكار والابداع والنهوض بالبلاد، لان الهدف الرئيس الذي نصبو له هو تحسين نوعية الحياة للمواطن.     

الدكتورة وفاة الخضراء أشارت إلى عدم وجود محركات تترجم الأبحاث الهامة إلى مشاريع تنموية أو ريادية ابتكارية في البلد، مبينة في هذا الصدد أن هناك الكثير من الأبحاث والدراسات الهامة والتي لم تأخذ حقها في الانتشار بسبب اعدادها باللغة العربية، مؤكدة أنه في بعض الدول المتقدمة التي تمكنت من إحداث نقلة نوعية؛ ارتكزت على مؤسسات التعليم العالي في نهضتها.

ونوهت إلى ضرورة التشبيك وإيجاد الشراكات بين مختلف الجهات العلمية لإعداد الدراسات والأبحاث وإزالة العراقيل التي تعيق تقدم البحث العلمي، وقالت: " آن الأوان لإيجاد هيئة لتنظيم العمل وترجمة المعارف والنتاجات العلمية وتحقيق الشراكات والتشبيك بين الجهات العلمية المعنية وتقييم وتقويم ومراجعة العمل".

وأكدت الدكتورة الخضراء ضرورة التوظيف الأمثل لإدارة قطاع مؤسسات التعليم العالي وإيقاف الهدر في رأس المال البشري الذي إذا ما تم استغلاله بالإضافة الى الفرص المتاحة بالشكل الصحيح ستكون هناك نقلة نوعية ونهضة تنموية في المجتمع.

ومؤسسة عبد الحميد شومان، ذراع البنك العربي للمسؤولية الثقافية والاجتماعية، هي مؤسسة لا تهدف لتحقيق الربح، تعنى بالاستثمار في الإبداع المعرفي والثقافي والاجتماعي للمساهمة في نهوض المجتمعات في العالم العربي من خلال الفكر القيادي والأدب والفنون والابتكار.