لجنة السينما في "شومان" تعرض الفيلم السوفييتي " طفولة إيفان " للمخرج أندريه تاركوفسكي

29-08-2022

تعرض لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان، يوم غد الثلاثاء الموافق 30 آب، الساعة الثامنة مساء، الفيلم السوفييتي " طفولة ايفان " للمخرج اندري تاركوفسكي، وذلك في مقر المؤسسة بجبل عمان.
ويعتبر الفيلم " طفولة إيفان " من الأفلام الفريدة من نوعها في تناول موضوع الحرب وبالذات الحرب العالمية الثانية، كما أنه الفيلم الأول للمخرج اندري تاركوفسكي والذي أطلق شهرته في العالم ومهد له الطريق ليصبح واحدا من أهم مبدعي السينما في العالم في الثلث الأخير من القرن العشرين.
اعتمد الفيلم على قصة قصيرة بعنوان " إيفان " للكاتب فلاديمير بوغولوف وتحكي عن معاناة طفل في الثانية عشرة من عمره شارك في الحرب ضد الاحتلال الألماني.
 وكان ستوديو " موسفيلم " قد أوكل مهمة إخراج الفيلم لمخرج معروف آنذاك، ولكن النتيجة النهائية للفيلم لم ترض أحدا، وتم تكليف مخرج آخر بتصوير فيلم جديد ولكنه لم ينجح في مهمته، وهنا اقترح أحد أساتذة معهد السينما توكيل المهمة لتلميذ له تخرج حديثا وتوسم فيه مستقبلا مبدعا، وهكذا قرأ اندري تاركوفسكي السيناريو واقترح حلا إخراجيا لخصه بجملة واحدة فقط هي " إيفان يحلم "، وهكذا اصبح اسم الفيلم الجديد بعد ان أخرجه تاركوفسكي " طفولة إيفان "، ومزج فيه بين تصوير مشاهد لإيفان الطفل في أجواء الحرب ومشاهد أخرى يحلم فيها إيفان أو يتذكر طفولته السعيدة زمن السلم، ونتج عن ذلك في النهاية قصيدة سينمائية رائعة .
يبدأ الفيلم بمشهد لإيفان يراقب عنكبوت من خلف جذع شجرة في غابة ثم تصعد الكاميرا أعلى الشجرة لتطل على الغابة والحقل ونرى إيفان يلهو بين الأشجار، ثم نسمع صرخة ونرى إيفان يستيقظ من حلم فيما هو مرمي بين الأشجار على أرض موحلة على ضفة نهر ضمن خطوط العدو، ويسبح إيفان إلى الضفة الأخرى حيث الجيش السوفييتي عائدا من مهمة استطلاعية خطرة فيما تتطاير طلقات الرصاص في الجو من حوله، ونعرف من خلال الفيلم أن إيفان صار مقاتلا يسعى للثأر بعد أن تم قتل والدته من القوات النازية.
يتابع الفيلم بعد ذلك مصير إيفان الذي يصر على متابعة دوره كجاسوس خلف خطوط العدو رافضا قرار القيادة إرساله للدراسة. في المشاهد ما قبل الأخيرة من الفيلم ينطلق إيفان في مهمة جديدة عبر النهر، ولا يتابع المخرج ماذا يحدث معه، ونعرف من المشهد الأخير في الفيلم أن إيفان قد أعدم من قبل الألمان، وذلك عندما يعثر الضابط الذي كان يعمل معه في السابق وشاركه مهمته الأخيرة وأثناء بحثه في وثائق الأرشيف النازي فور سقوط برلين في أيدي القوات السوفييتية، على صورة إيفان من ضمن صور آخرين تم إعدامهم. رغم أن فيلم " طفولة إيفان " يدور في أجواء الحرب وتجري أحداثه على الجبهة إلا انه لا يتضمن أية مشاهد حربية، كما أننا لا نرى إيفان في أي مشهد له علاقة بمهمته باستثناء المشهد الأول الذي يتسلل فيه ليلا عبر النهر عائدا لجبهته. 
يتضمن الفيلم العديد من المشاهد الرائعة من طفولة وأحلام إيفان، ومن أجمل هذه المشاهد تذكره لوالدته وهما يراقبان انعكاس الضوء على الماء في أحد الآبار، كذلك المشهد الذي اعتبره النقاد لوحة رائعة ونرى فيه الحصان يجر عربة محملة بالتفاح فتنقلب العربة وتمتلئ الأرض بحبات التفاح يلهو حولها إيفان مع طفلة جميلة فيما يقضم الحصان تفاحة من على الأرض. 
يسعى فيلم " طفولة إيفان " لتصوير مشاعر الناس الطبيعية أثناء الحرب ولا يهتم بتصوير الحرب نفسها. كما يتميز الفيلم أيضا بروعة تصويره و بمؤثراته البصرية المبدعة كما يتميز بالديكور الموحي الذي تجري فيه معظم المشاهد الداخلية وهو عبارة عن مبنى كنيسة مهجورة ومدمرة معلق وسطها جرس صغير، استخدمت كمقر عسكري. 
يعتبر المخرج اندري تاركوفسكي واحدا من شعراء وفلاسفة السينما الكبار في القرن العشرين وهو قدم للسينما العالمية بعض أجمل وأروع أفلامها مثل فيلمه الثاني " اندري روبلوف "، وفيلمه " المرايا "، وكذلك فيلمه الأخير " التضحية ".
هاجر تاركوفسكي إلى السويد قبل انهيار الاتحاد السوفييتي وهناك أخرج فيلمين هما " حنين " و " القربان " وكان فيلمه الأخير قبل أن يرحل عن الدنيا بعد معاناة شديدة من مرض السرطان. حازت أفلام اندري تاركوفسكي على العدد من الجوائز الدولية ومنها فيلمه الأخير " القربان " الذي حاز على جائزة كان لعام 1986. أما فيلمه الأول " طفولة إيفان " فقد فاز عام 1962 بالجائزة الذهبية من مهرجان فينيسيا الدولي كأفضل فيلم. وبلغت مجموعة الجوائز التي حصل عليها هذا الفيلم من المهرجانات الأخرى أربعة عشر جائزة. 
يشار الى أن "شومان" ذراع البنك العربي للمسؤولية الثقافية والاجتماعية، وهي مؤسسة ثقافية لا تهدف لتحقيق الربح، تعنى بالاستثمار في الإبداع المعرفي والثقافي والاجتماعي للمساهمة في نهوض المجتمعات في الوطن العربي من خلال الفكر القيادي والأدب والفنون والابتكار.