"الجزيرة العارية" فيلم ياباني تعرضه "شومان"

26-08-2019

يعتبر فيلم "الجزيرة العارية"، الذي تعرضه لجنة السينما في مؤسسة عد الحميد شومان، عند الساعة السادسة والنصف من مساء يوم غد الثلاثاء، والمنتج في العام 1960، مثالا مميزا لأفلام الموجة الجديدة في السينما اليابانية في ذلك الوقت.

وتجري احداث الفيلم على جزيرة غير مأهولة من ارخبيل اليابان وفيه يصور المخرج معاناة عائلة من اربعة افراد هم وحدهم فقط سكان تلك الجزيرة ذات الطبيعة القاسية.

والفيلم صامت يخلو من الحوار ولكن هناك شريط صوت لمؤثرات صوتية وموسيقا - والمصور بالأبيض والاسود عبارة عن قصيدة سينمائية كتبت بكاميرا مخرج ومصور يتميزان بإحساس فني عال بقيمة الانسان وصراعه في الحياة من ناحية، وبجماليات المكان حيث تجري احداث الفيلم من ناحية أخرى، فالكاميرا باقترابها وابتعادها من شخصيات الفيلم وباختيار زوايا التصوير وزمنه انما تكتب كلمات تلك القصيدة، زيادة على هذا تلعب قدرات الممثلين وادارتهم دورا هاما جدا في هذا العمل.

لا يخلق المخرج عالما مثاليا رومانسيا على تلك الجزيرة بل هو يصور ما تكابده تلك العائلة المؤلفة من أب وأم وولدين في تلك العزلة التي علينا ان نفكر ما ورائها.

الجزيرة تخلو من كل مقومات الحياة، وأبسطها الماء، سواء للشرب او لري زراعتهم البدائية في ارض رملية، فهم يحصلون عليه بنقله بقارب صغير ذهابا وإيابا عدة مرات في اليوم من جزيرة مجاورة هي نفس الجزيرة التي بها مدرسة أكبر ابنيهما.

في الفيلم العديد من المشاهد التي تستحق التوقف عندها وتأملها. مثال ذلك، المشاهد المتكررة على امتداد الفيلم لرحلة الزوجين اليومية ذهابا وعودة في قارب خشبي بسيط يتناوبان على إدارته بالمجداف من الجزيرة إلى الجزيرة المقابلة لجلب كمية صغيرة من الماء، حيث لا تنتهي معاناة الابوين عند وصولهم بالماء للجزيرة فقط، فبعدها لابد من حمله في دلاء تنقل على الكتفين في طريق جبلي وعر وضيق ومتعرج صعودا الى حيث يقيمون، وكذلك مشاهد ري المزروعات نبتة فنبتة بكميات قليلة من الماء. وهي مشاهد تتكرر في الفيلم فيما يشبه اللازمة الموسيقية.

من أكثر المشاهد تأثيرا في الفيلم مشهد صفع الزوج لزوجته التعبة عندما اسقطت دلو الماء وهي تصعد الطريق الجبلي، ومشهد معاناة الأب وهو يبحث عن طبيب في الجزيرة المقابلة لإنقاذ طفله، كذلك مشهد قدوم زملاء الابن في المدرسة للمشاركة في جنازته.

رغم قسوة تلك الحياة فان المخرج لا يقدم لنا مرثاة لحياة تلك العائلة بل أن الاهم هو ما يصوره من إصرارها على الحياة في مواجهة تلك القسوة التي زادها موت الابن الاكبر قسوة في جزيرة لا يوجد فيها طبيب، فبعد كل هذا تعاود حياة هذه الاسرة دورته!

يعتبر فيلم "الجزيرة العارية" واحدا من روائع السينما العالمية، فهو فيلم متكامل من النواحي الفنية: السيناريو والإخراج والتصوير والاستعمال المبدع للمؤثرات الصوتية والموسيقى والبناء المونتاجي المعبّر، إضافة الى جرأته في تصوير فيلم روائي لا يوجد فيه حوار ابدا ولا يسمع فيه صوت يشري باستثناء شهقة ألم في أحد مشاهد الفيلم، وعناوين الفصول.

صرّح المخرج حول فيلم بأنه أراد منه ان يكون قصيدة سينمائية تصور الانسان وهو يصارع الطبيعة على غرار النمل.