مختصون في "شومان": إدارة النفايات تفتقر للإجراءات البيئية السليمة
23-07-2019
أكد مختصون بيئيون حاجة مجتمعات العالم الثالث لطرق وإجراءات فاعلة وحقيقة، تدير ملف النفايات بطرق سليمة، مع ضرورة التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وتطوير المشاريع الكبيرة الرفيقة بالبيئة.
واعتبروا أن إدارة النفايات ما تزال تفتقر للإجراءات البيئية السليمة، رغم أن النفايات مصدر مهم للطاقة الحيوية لدى كثير من الدول التي استطاعت معالجتها، خصوصاً إن تم استثمارها.
جاء ذلك، خلال محاضرة بعنوان "إدارة النفايات: تجربتا الأردن ومصر"، عقدها منتدى عبد الحميد شومان الثقافي، أمس الإثنين، وأدارتها مع الحضور جمانة البطوش، حيث أعادت مؤسسة عبد الحميد شومان وبالتعاون مع المنتدى العربي للبيئة والتنمية (بيروت)، طرح البرنامج البيئي في محوره الثاني، والذي يتناول قضايا أكثر تخصصاً.
وزيرة التطوير الحضري والعشوائيات، ووزيرة البيئة السابقة المصرية د. ليلى راشد إسكندر، التي خصصت مداخلتها حول "تجربة الزبالين في مصر"، استفتحت حديثها حول فكرة إعادة تدوير المخلفات الصلبة عند المصريين.
وقالت إسكندر "تعود معالم هذه الفكرة إلى جامعي القمامة التقليدين الذين أتوا إلى القاهرة من جنوب مصر في الاربعينيات؛ سعيا لحياة أفضل وهربا من موسم جفاف قاحل وفقر مدقع، حيث استوطنوا أخيرا في حي (المقطم) بالقاهرة، بعد ترحيلهم من أمكنتهم على يد المحليات".
وتابعت "أستطاع جامعو القمامة أن يسجلوا بجمعية رجال جمع القمامة للتنمية في العام 1974، ومن خلال هذه الجمعية، ومنحة من هيئة أوكسفام، أستطاع هؤلاء بتحويل جامعي القمامة من (جامعين وفارزين) إلى (معيدين تدوير مخلفات).
ولفتت إسكندر إلى أن هذا الأمر، جعل من العاملين على جمع القمامة قادرين على فرز وتدوير ما نسبته 80%، المكونة من المخلفات الصلبة (ورق، كرتون، زجاج، بلاستيك–بجميع أنواعه، نحاس، حديد، ومخلفات عضوية- بقايا الطعام).
وبينت إسكندر أن ما نلقيه من مخلفات لا يذهب بعيد عنا تماما، حتى لو اختفى عن الأنظار، فنحن نعيش على كوكب وأحد، لا يوجد سواه، فلا يوجد كوكب آخر يسمى الأرض، لذا يعود تأثير التصرف النهائي لتلك المخلفات على كوكبنا إما بالإيجاب أو السلب، حسب حكمة تصرفها فيها.
وبحسبها، فإن العاملون في جمع القمامة لا يحصلون على مقابل خدمة جمع ونقل المخلفات فعلياً، بل ما يتقاضونه أقل من التكلفة، بالتالي الخدمة المقدمة من قبلهم غير جيدة أحيانا، خصوصا في ما يتعلق بمستوى النظافة ومراعاة الجوانب الصحية.
أردنيا، بين مدير شركة الخطط الخضراء المهندس عمار أبو ضريس، في ورقة حملت عنوان "إضاءات على تحسين واقع إدارة النفايات الصلبة في الأردن"، أن إدارة النفايات الصلبة، تعتمد على خمسة محاور رئيسية؛ تتضمن السياسات التنظيمية؛ بما فيها البعد الاجتماعي والقانوني والمالي والتكنولوجي، وتنفيذها يتم من خلال العلوم والمعرفة.
واعتبر أبو ضريس أن ما قام به الأردن خلال الخمس سنوات الماضية؛ ما كان إلا نتاج لجهد كبير تم بذله على كافة المستويات في الدولة، تمثلت في إعداد الاستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات الصلبة، والتي مثلت خارطة الطريق لتحسين واقع إدارة النفايات الصلبة في الأردن.
واستدرك أبو ضريس بأن ثمة جهودا حثيثة تمثلت بتأهيل أحد المواقع الأكثر تضرراً من الناحية البيئية والذي يعتبر أحد البؤر الساخنة في شمال الأردن "مكب الأكيدر"؛ عن طريق بناء خليتين صحيتين كاستجابة سريعة بدعم من الاتحاد الأوروبي والحكومة الكندية، وتنفيذ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والوكالة الألمانية للتعاون الدولي.
وعلى مستوى الدور المجتمعي في إدارة النفايات الصلبة، بين أبو ضريس قيام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بإنشاء محطة لإنتاج السماد العضوي في مكب "الحصينيات" بمحافظة المفرق، لافتا إلى تشغيل 30 شابا وشابة في هذه المحطة.
أما في إطار فرز النفايات، فأوضح أبو ضريس قيام الوكالة الألمانية للتعاون الدولي بتوفير الدعم اللازم لإنشاء 7 محطات لفرز النفايات، ومحطتان لإنتاج السماد العضوي؛ تم تشغيلهم أربع منهم، فيما سيتم تشغيل المحطات الأخرى خلال الأشهر القادمة.
من جهتها، أوصت الناشطة الاجتماعية والبيئية أمل مدانات بضرورة اقرار تشريعات لفرز النفايات من مصدرها، والحد من ظاهرة الرمي العشوائي للنفايات؛ بالتحفيز وفرض الغرامات؛ وكذلك اعتماد مناهج بيئية ومتخصصة تعتمد نشاطات تفاعلية للطلبة مع محيطهم المجتمعي.
وأكدت مدانات أهمية تقليل الاستهلاك واستخدام مواد صديقة للبيئة كبدائل عن المواد البلاستيكية ذات الاستخدام للمرة الواحدة، بالإضافة إلى التعود على فرز مخلفات الطعام والشراب والمواد التي تنتج من نشاطات حياتنا المتعددة.
وكانت جمانة البطوش عرجت خلال تقديمها للمحاضرة على موضوع إدارة النفايات الصعبة، معتبرة أنه من المواضيع الصعبة والشائكة في حياتنا العامة، خصوصا في ظل تزايد اعداد السكان، وتغير أنماط الحياة، وما صحابها من حروب ونزاعات تعرضت لها المنطقة، على مدى العقود الأخيرة.
بدوره، بين أمين عام المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) المهندس نجيب صعب، في كلمة له ان وضع البيئة في العالم العربي تراجع في جوانب كثيرة، لكنه أحرز تقدماً على بعض الجبهات ولا يزال بطيئاً في حال استمرار الصراعات والحروب وعدم الاستقرار.
وأعرب صعب عن اعتزازه وتقدير بالتعاون مع مؤسسة عبد الحميد شومان، قائلا "تدرك مؤسسة شومان الأهمية الخاصة في طرح قضايا مهمة تخدم المجتمعات العربية، كما أنها تحرص، كل الحرص، على استقطاب مختلف شرائح المجتمع لتحقيق أكبر فائدة على مستوى الفكر والثقافة".
بينما قال مدير المنتدى الثقافي في مؤسسة شومان، الزميل موفق ملكاوي، ان "بعد عقود من النزاعات والحروب في المنطقة، وبعد تدهور الغطاء الأخضر، وتأخر الزراعة، واستنزاف الموارد الطبيعية بسبب الانفجار السكاني، بات واضحاً الوضع الحرج الذي تعانيه البيئة، خصوصاً أن الحلول المقترحة للتحديات القائمة، ظلت آنية، ولم تأخذ أبعاد الدراسات المستقبلية والاستدامة في منظورها".
وأكد ملكاوي أهمية التجربة المصرية في إدارة النفايات الذي جاء كمشروع باسم "الزبالين"، وهو مشروع يخلص العاصمة المصرية من حوالي 85% من النفايات اليومية التي يقدرها المسؤولون بحوالي 14 ألف طن من القمامة يومياً.
وتعتبر "شومان" ذراع البنك العربي للمسؤولية الاجتماعية والثقافية، وهي مؤسسة ثقافية لا تهدف لتحقيق الربح، تعنى بالاستثمار في الإبداع المعرفي والثقافي والاجتماعي للمساهمة في نهوض المجتمعات في الوطن العربي من خلال الفكر القيادي والأدب والفنون والابتكار.