"شومان" يحتفي بإشهار "ثلاثية الاجراس" لإبراهيم نصر الله

25-06-2019

وسط حضور جمع من المهتمين بالشأن الثقافي، احتفى منتدى عبد الحميد شومان الثقافي، أمس الإثنين 24 حزيران، بإشهار رواية "ثلاثية الأجراس" للروائي والشاعر إبراهيم نصر الله.

وقال الكاتب والناقد نزيه أبو نضال في معرض تقديمه للحفل "نحتفي بروائي استثنائي مبدع، وبثلاثية مدهشة من أجمل ما كتب إبراهيم نصر الله".

وتابع "في أوائل التسعينيات التقيت نصر الله الروائي، وتابعت باهتمام كبير إصداراته الروائية الأولى، ابتداء من براري الحمى وحارس المدينة الضائعة، ولاحقاً شرفة العار، وقد كتبت آنذاك عن كل هذه الاعمال".

بدوره، أعتبر نصر الله في كلمة له، أن المرء حين يعيش تجربةً كبيرة، يجد نفسه غير قادر على الحديث عنها، وغالبا، يلزمه زمنٌ طويلٌ حتى يستجمع نفسه، ويستجمع تلك التّجرِبة، حتى يقولَ شيئا ما، عن نفسه التي عاشتها، وعن التجربة التي عاشته كما عاشها.

وقال نصر الله "اليوم، أعيش واحدةً من المرات القليلة التي أجد فيها نفسي غير قادر على الحديث عن هذه الثلاثية، رغم أن عامين قد مرّا، على انتهاء كتابتها"، متسائلاً في هذا السياق "كيف تبدو الكتابةُ عن عملك، في لحظة ما، أصعب من كتابته؟ هل لأنني غيرُ قادر على الخروج منها حتى الآن؟

ولفت إلى أن الثلاثية كان من المقرر أن تصدر متزامنةً مع الذكرى المئوية المشؤومة لوعد بلفور، إلا أن ترشح رواية حرب الكلب الثانية، لجائزة البوكر للرواية العربية، دفعني، والناشر، إلى تأجيل صدورها، وحين فازت حرب الكلب الثانية، أجلنا صدور الثلاثية مرة أخرى.

وبين الروائي أن رحلة كتابة الثلاثية بدأت في العام 1990، حينما التقيتُ مجموعة من أهالي مدينة بيت ساحور في عمان، واستمعتُ منهم إلى تفاصيل عصيانهم المدني في الانتفاضة الفلسطينية الأولى، ومنذ ذلك التاريخ أقرأ وأجمع وأدوّن كل ملاحظة تخطر ببالي حول هذا الموضوع، في الوقت الذي أُواصل فيه العمل، والتحضير أيضا لروايات أخرى.

أما الاكاديمية الدكتور رزان إبراهيم، بينت أن الثلاثية ترصد لنا مجموعة التحولات التي أصابت المجتمع الفلسطيني بدءا من زمن ما قبل النكبة بقليل العام 1947، انتهاء بزمن الانتفاضة الأولى العام 1978.

ولفتت إلى أن ميزة هذه الثلاثية كونها تنزاح عما بات شائعا في الرواية العربية من تكرار لصورة اليهودي الطيب، لكنها في الوقت نفسه تترك مساحة وإن كانت صغيرة جدا ليهودي يرفض الدولة الصهيونية، ليمثل رفضه هذا خروجا عن باب الشخصية الأزلية الثابتة التي لا تتغير، وهو ما سيتم إيضاحه في السطور القادمة.

وبحسبها، فإننا نلمس في روايات إبراهيم نصر الله من حضور مدروس للحيوانات يجعل منها مثيرا سرديا قادرا على عقد الصلة بينها وبين الإنسان، فيربط البشري بغير البشري، جاعلا منه علامة صادقة على المكون النفسي الداخلي لكثير من الشخصيات.

واعتبرت إبراهيم أن الرواية تقترب من دراما الصيد حين تقتبس مشاهد من عالم الحيوان غرضها تعزيز صورة (ناحوم) قبالة صورة شقيقه (هيلمان)، لنكتشف آنئذٍ ولعه بمراقبة مفترسات الغابة وهي تلاحق الطرائد باستراتيجيات مختلفة منها؛ فالفريسة مضطرة للهرب طلبا للنجاة.

وعن الجزء الثالث من الرواية أوضحت إبراهيم أن هذا الجزء، على الأخص، تظهر لنا الفلسطيني قبل النكبة إنسانا محبا لروح الحياة، وهو ما عبرت عنه أغان جميلة صدحت بها الإذاعة الفلسطينية، وكذلك موسيقا عذبة عزفتها (مارتا) المقدسية التي غنت "يا اللي هواك شاغل بالي في القدس".

وذكرت إبراهيم أن الشخصية الفلسطينية في عموم الرواية عكست واقع مجتمع مناضل حضرت فيه الأمهات الفلسطينيات قوة رحيمة مثل قوات التدخل السريع، كما (كاترين) التي رأيناها تنتزع الشاب أو الصبي من أيدي الإسرائيليين فترة الانتفاضة، كما يحضر في الرواية فلسطيني ما عرفناه إلا متشبثا بزروعه وشجره، بدءا من شتلة الدراق التي حملها (اسكندر) من بستان في تركيا، لتبقى معه طيلة حياته.

وأعتبر أستاذ النقد الأدبي د. جمال مقابلة أن "ثلاثية الأجراس"، عمل فني فريد في تكوينه، فهو لم ينهض على رواية الأجيال وإن تمثلت فيه فكرة الأجيال، ولم تستند فيه الروايات الثلاث على سابقة ولاحقة، فهي بقيت مثل كل روايات الملهاة الفلسطينيّة لإبراهيم نصر الله قابلة لقراءة متّصلة منفصلة، لا على ترتيبٍ أو تسلسل معين.

وأوضح مقابلة أن في الروايات العربية قد شاع مثلًا أن ترد نواة عمل روائي لحنّا مينة أو لإبراهيم الكوني مثلًا في رواية سابقة ثم نقرأ الرواية الجديدة التي ندرك أنّها استكمال لتلك القصة القصيرة -أو الحادثة أو المقطع- التي سبق لنا قراءتها من قبل.

وحسب مقابلة، فإن الروايات الثلاث تشكل رواية واحدة بإحالتها على ذاتها بما يعرف في النقد الأدبي بالرواية على الرواية، وهي كذلك تشكل جزءًا عضويًا ضمن المشروع الأكبر وهو الملهاة الفلسطينية، كما تمثل الملهاة الفلسطينية بدورها جزءًا عضويًا كذلك من مشروع نصر الله الروائي الذي يمثل بدوره جزءًا من المشروع الأدبي والفني العام له.

وأضاف "إبراهيم نصر الله.. الأديب المجدّد شعرًا ونثرًا، والفنان الراقي بوعيه الفنون السبعة مجتمعة ومتفرّقة، والناقد والمثقف والإعلامي والمفكر والإنسان النموذج في نهاية المطاف".

وخلص مقابلة إلى أن وظيفة الفن، ومهمّة الفنان وضرورة وجوده، وشخصية المبدع الإنساني لا يمكن اختزاله في قضية واحدة ولو كانت بحجم القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن نصر الله يسير بخطى راسخة من قضيته الخاصة والشخصية والوجودية إلى قضيته الوطنية المعضلة المتمثلة بالقضية الفلسطينية قضية القرن العشرين.

ونصر الله، من مواليد عمان 1954، وهو شاعر وروائي ترك حضوراً أدبيا لامعاً بين الأوساط الأدبية والثقافية. تفرّغ بشكل تام لمشروعه الكتابي منذ العام 2006، وتناولت اعماله مجالات عديدة ومختلفة من الشعر والرواية وكتب للأطفال.

وتعتبر "شومان"؛ ذراع البنك العربي للمسؤولية الاجتماعية والثقافية، وهي مؤسسة ثقافية لا تهدف لتحقيق الربح، تعنى بالاستثمار في الإبداع المعرفي والثقافي والاجتماعي للمساهمة في نهوض المجتمعات في الوطن العربي من خلال الفكر القيادي والأدب والفنون والابتكار.