"أومبرتو دي".. فيلم يعكس حياة الشقاء والفقر في إيطاليا
29-04-2019
يعتبر فيلم المخرج الإيطالي فيتوريو دي سيكا "أومبرتو دي" الذي تعرضه لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان، في السادسة والنصف يوم غد الثلاثاء أحد أهم أفلام الواقعية الإيطالية الجديدة.
والمقصود بالواقعية التي نشأت خلال فترة الحرب العالمية الثانية في ايطاليا وامتدت حتى خمسينات القرن الماضي، تصوير الحياة اليومية للناس وهمومهم، والاستعانة بممثلين غير محترفين ليقوموا بتجسيد الشخصيات.
"اومبرتو دومينكو فيراري"، موظف حكومي متقاعد، يعيش على راتبه التقاعدي الزهيد الذي لا يكفيه لسداد ديونه ولا حتى لشراء الطعام طوال الشهر. يتعرض للتهديد المستمر بالطرد من قبل صاحبة المنزل الذي يسكن فيه. لا أصدقاء له سوى كلبه "فلايك" وخادمة صاحبة المنزل الذي يسكنه، فتاة شابة تكتشف أنها حامل ولكن لا تستطيع تحديد من هو والد طفلها.
يحاول العجوز جاهداً أن يحمي نفسه من العار الذي سيلحقه به ضيق الحال. يأكل من دور الرعاية، يبيع ممتلكاته ليحصل على المال، ثم يجد أن الحل الوحيد المتاح أمامه هو التسول من أجل المال في مشهدٍ رائع يعكس الصراع في داخله بين عزة النفس والحاجة.
يحاول اومبرتو أن يمد يده بتردد مرة مرتين وثلاث، يقف أحد المارة ليعطيه المال لكنه يحرك يده كأنه يستشعر سقوط المطر، ثم بعد طول تردد يجعل كلبه يقوم بهذه المهمة. هو الذي كان رجلاً محترماً في يومٍ من الأيام لا يقوى الجوع والدّين على كسر كرامته.
يأكل من دور الرعاية ويُهرب القليل لكلبه العزيز، يحاول بيع ساعته إلا أن الجميع يملك ساعة يريد بيعها، ما يبيعه ليس ذي قيمة.
يشعر بالمرض في أحد الأيام، فيطلب سيارة الإسعاف لنفسه ويدخل المستشفى، بالنسبة له هي فرصة ليقضي بعض الأيام على أسرة نظيفة ويأكل بعض الطعام المغذي. الرجل عاجزٌ عن إعالة نفسه وكلبه ويحاول ايجاد طريقة تساعده في تأمين قوت يومه حتى لو كانت مؤقتة.
تعتبر علاقة أومبرتو و"فلايك" من أجمل العلاقات بين انسان وكلب في تاريخ السينما، فهي تخلو من الإستجداء العاطفي الناتج من هذا النوع من العلاقات، سلسة وطبيعية كما هي معظم مكونات الفيلم، فسرد القصة قوي يخلو من الدراما المفتعلة والمبالغة. شخصياته ومجرياته تشابه ما هو على أرض الواقع.
نرى ذلك في مواقع التصوير والتفاصيل الصغيرة في بعض المشاهد التي تصور أفعال يومية غير مهمة للشخصيات. وتمتد الطبيعية والواقعية إلى أحد أهم مكونات الفيلم هو الشخصية الرئيسية وكجزء أساسي من من مكونات وقواعد الواقعية الإيطالية الممثل الرئيسي ليس بممثل محترف.
كارلو باتيستي أستاذ جامعي، كان يبلغ السبعين من العمر في ذلك الوقت، ولم يسبق له التمثيل. كان دي سيكا يترك صورة شخصياته تتخمر وتتشكل في رأسه، يبحث في العديد من المدن حتى يجد من يتأكد أنه يماثل تلك الصورة.
ووجد ضالته في باتيستي الذي استطاع ببراعة أن يجسد خليطاً من الكرامة المجروحة والحنان والعجز والقدرة على إدانة الظلم الموجود في العالم. وبما أنه لا يتكلم كثيراً ويعبر عما يمر به نجد أن وجهه وأفعاله توصل لنا أي نوعٍ من الرجال هو.
الفيلم يعكس حياة الشقاء والفقر والمعاناة التي تفشت في المجتمع الإيطالي في ذلك الوقت، معتمداً على الواقعية في سرد الحكاية، فلا يسعى للنهايات السعيدة.
الحظ لن يسقط على أومبرتو من السماء لكن قد تكون السعادة في تلك القوة الداخلية التي تتصدى لسوء الحظ والأحداث السيئة دون أن يفقد صاحبها احترامه لنفسه.