إشهار المجموعة القصصية "خوابي" في "مكتبة شومان"

14-03-2019

احتفت مكتبة عبد الحميد شومان العامة، بإشهار وتوقيع المجموعة القصصية "خوابي"، لمؤلفها الدكتور عيسى حداد، أمس الأربعاء، وسط حضور جمع من الكتاب والنقاد والمهتمين.

واعتبر الكاتب عمر الخواجا الذي قدم المؤلف وادار النقاش، أن الدكتور حداد استطاع في مجموعته دراسة الواقع، وأن يعيد إحياءه من جديد بلغة سلسة هادئة متفاعلة بين الماضي والحاضر، وبين الدلالة والمعنى، وبين الشكل والمضمون.

ورأى الخواجا ان المؤلف ينظر لنصه بعين المثقف الواع لدوره في تحديد المشكلة والمساهمة في طرح الحدث وغير متشابك معه تأكيداً لملمح (عزلة) أبطال مجموعته القصصية عن المجتمع والاكتفاء بمس الحياة وصخبها تأكيداً لموقفه الذاتي من المعنى المشترك والذي يتألف من عناصر معرفية شائعة.

وقال الخواجا "خوابي تتناثر فيها الحكايات على شكل صور فنية بانسياب مدهش حيث تقترب من الواقع المعاش، رغم غرابتها حينا وبساطتها أحيانا أخرى"، مبينا أن صورة الوطن عند المؤلف صورة مؤثرة وعابرة للمكان، فهو يختصر التاريخ والبطولات والأشعار في حقيبة ورثها البطل عن جده يحملها في حلّه وترحاله، وتتسع هذه الحقيبة لكي تصبح بحجم الوطن.

ولاحظ الخواجا أن حداد يكتب قصته بنكهة روائية تعتمد الوضوح أسلوبا فنيا بعيدًا عن السطحية والتعقيد والاستخدام المفرط للرمزية الأدبية، فهو يمسك بخيوط حكايته مُدخرا مفاجآته في ثنايا الكلمات الأخيرة للقصة.

أما الكاتب والناقد ناصر النجار، الذي قدم قراءة في المجموعة التي تضم 80 قصة متنوعة المضامين، فقال ان "خوابي مشروع للخوف ولفتح أبواب من الدهشة الممزوجة بالتساؤل"، متسائلاً "من أين نبدأ دخول مجموعة (خوابي) أمن الحزن، أم من بداية الأمل المعقود في ضوء الروح؟".

واعتبر النجار أن "خوابي" ليست انطواءً للداخل، وإنما هي موصولة بهذا الوجود الذي نعيش، بحيث لا تفهم اللغة بمعزل عن القيم الوجدانية، والمقصود بالقيم هو الاستيعاب الذي يتحرى مزاجًا من الالفة والغرابة.

وبحسبه، فإن الأدب "فناً لغوياً وموقفا إنسانيا"، وهو، في مضمونه، متصلاً بالنفس الإنسانية صادر عن الصدق والإخلاص والبساطة، وهذا هو معنى الهمس، الذي يصبح هو الطاغي في المرأة الناظرة لزوجها والمرأة الناظرة لنفسها.

وتابع ان "حياة الكلمات هي نشاط وعينا، بحيث تفقد الكلمات حياتها الدافقة وتستحيل إلى قصاصات يسيرة ليس بينها وبين هذه الحياة نسبٌ واضح، إذا اعتقدنا ان للكلمات وجود مستقل عن مستعمليها".

وذهب النجار في هذا السياق، ضرورة أن يستوعب الأديب الواقع المحيط به، ويتفهم أبعاد حركته، والتيارات الفاعلة فيه حتى تتبلور لديه تدريجيا رؤية داخلية للحياة والكون من حوله، كما عليه الوصول إلى تجارب ويترجمها إلى ألفاظ، لكي يستطيع القارء أن يحيل هذه الرموز إلى تجارب.

ورأى النجار أن "خوابي" تشتمل على لغات واضحة ليس بينها وبين الحياة إلا خيط رفيع أبقاه القاص للمتلقي حتى يستطيع أن يهدم ويعيد البناء كما يشعر ويحس الكلمات، موضحًا أن القاص أو الشاعر أو الرسام هو وسيلة اتصال وتواصل بدون أن نهمل العالم المجازي-التخيلي الذي هو جوهر النص.

ونقل النجار على لسان المفكر نصر حامد أبو زيد في كتابه "مفهوم النص"، قوله "عندما يقرأ المتلقي موضوعاً خارجيا ومستقلا عنه فإنه يشاهد ويقارن، أما عندما يقرأ موضوعا داخليا هو جزءٌ منه، فإنه يحلل ويصف تجاربه ويعبر عن مواقفه، ويصبح بالتالي الكتاب ومؤلفه والموضوع وصاحبه من مكونات النفس وجزءٌ من تاريخها".

وقال النجار ان "الإنسان في عالم الواقع لا يرى ولا يدرك إلا ما هو موجود في حواسه، فيوجد صورتين للزمن، الأولي أساسها الماضي والثانية أساسها الحاضر، فالحاضر هو الصورة المتحققة أما ماضيه المتزامن فهو الصورة الكامنة".

وأشار إلى أن المؤلف في العمل الأدبي يكون هو الصورة الحقيقية، بينما يكون الراوي هو الصورة الكامنة، بحيث يتحول هذا الأخير إلى صورة حقيقية لدى القارئ، فيما يصبح المؤلف هو الصورة الكامنة.

أما "شومان"؛ فهي ذراع البنك العربي للمسؤولية الاجتماعية والثقافية، وهي مؤسسة ثقافية لا تهدف لتحقيق الربح، تعنى بالاستثمار في الإبداع المعرفي والثقافي والاجتماعي للمساهمة في نهوض المجتمعات في الوطن العربي من خلال الفكر القيادي والأدب والفنون والابتكار.