بني مصطفى في "شومان": الإصلاح لا يحدث في فراغ ويتحقق بالإرادة والتخطيط

19-02-2019

اعتبرت النائب وفاء بني مصطفى ان "الإصلاح السياسي لا يقدم على طبق من ذهب، ولا يحدث في فراغ، فمن يريد الإصلاح عليه السعي للضغط من أجله"، مؤكدة أن "الإصلاح يُنتزع ولا يُمنح".

وقالت بني مصطفى إن "إنجاز الإصلاح السياسي يتحقق بتحقق معادلة الإرادة السياسية لدى النظام واحداث استدارة واضحة في الدستور والقوانين والأنظمة، وتعزيز سطلة واستقلال البرلمان، وصولاً إلى حكومات برلمانية ذات مرجعيات شعبية تقدم برنامجها وخطط عملها وتحاسب عليها في صناديق الاقتراع".

جاء حديث بني مصطفى، في إطار محاضرة "الإصلاح السياسي"، في منتدى عبد الحميد شومان الثقافي، أمس، وقدمتها فيها العين هيفاء النجار، التي رأت في معرض تقديمها للمحاضرة، أن "وفاء بني مصطفى تمثل الأردن الصادق، المشرع، الهادف إلى التغير والإصلاح والانطلاق نحو المستقبل، وصولا إلى تحقيق اشتراطات الدولة الحديثة".

وأكدت النائب أن الضرورة تقتضي اليوم، التوقف عن الحديث بخصوصية وتفرد "الحالة الأردنية"؛ لافتة إلى أن ما ينجح في كل العالم، قابل للتطبيق لدينا سواء في الأحزاب او البرلمان.

واعتبرت بني مصطفى أن مصلحة الشعب في اجراء الإصلاح، يوازيها وجود مصالح للعديد من أطراف المعادلة السياسية بعدم التغيير ومقاومة الإصلاح، مؤكدة في هذا السياق أن "رغبة الناس في الإصلاح، ليكونوا جزءً من صنع القرار في البلاد، يجب أن تكون قوية وثابتة كرغبة من في السلطة في إبقاء قواعد اللعبة السياسية بين أيديهم".

وأكدت المحاضرة أهمية الدفع بدماء جديدة في العملية السياسية، وتجديد يد الفاعلين السياسيين وانهاء حالة الاحتكار والتفرد السياسي وتدوير ذات الشخوص على كافة المواقع، وتجريب المجرب، وعدم اتاحة الفرصة امام الأفكار والبرامج الجديدة.

وأوضحت بني مصطفى أنه "لا يمكن التحدث عن وصفات جاهزة في الإصلاح السياسي أو حصر الحديث عنه بما يتعلق بالتشريعات الناظمة للحياة السياسية وحدها؛ فثالوث النظام (الملك، والسلطتين التنفيذية والتشريعية، والشعب ممثلاً بالأحزاب والقوى السياسية والمجتمع المدني)، تلعب أدوراً أساسية في إنجاز الإصلاح السياسي المنشود".

ودعت بني مصطفى إلى أهمية توفر قوى شعبية قادرة على خلق ديناميكية داخل المجتمع وجادة في الانخراط بالحياة العامة؛ لإنجاز حالة وطنية بعيداً عن العصبيات والانتماءات الفرعية، مع أهمية عدم اقصاء الشباب والنساء عن هذا الحراك.

كما دعت إلى تقوية وتأطير الحراك النقابي والعمالي والنسوي والشبابي بالمملكة، والتأسيس لأحداث ديناميكية شعبية تشارك في الحياة العامة بتفاعلية.

أما في إطار العمل مع البرلمان، اقترحت بني مصطفى إنشاء وحدة اللامركزية داخل مجلس النواب ووضع ضابط ارتباط لكل محافظة؛ من أجل التنسيق والتواصل مع النواب في المحافظات.

وبينت بني مصطفى أن الأردن تعيش أزمات عدة، على رأسها "أزمة التصحر المعرفي، المتمثلة بغياب القدرة على اللحاق بالعالم معرفياً وقصور وتراجع أنظمة التعلم والتعليم، إلى جانب أزمة إدارة الهويات، والفشل في إنشاء خطاب هوياتي وطني جامع".

وبشأن الإصلاح الاقتصادي، اعتبرت بني مصطفى أننا نفتقد وجود رؤية واستراتيجية واضحة للإصلاح الاقتصادي مبنية على أساس الاعتماد على الذات وتحفيز النمو وتثبيت الاستثمارات الوطنية، مؤكدة أهمية إيجاد خطة طوارئ لتثبيت الاستثمارات والحفاظ عليها.

وذهبت بني مصطفى إلى أن هنالك عوامل خارجية متعددة، ساهمت جلها بتعثر اصلاح الاقتصاد الأردني، وتتمثل هذه العوامل، بحسبها، بـ"تذبذب المساعدات الخارجية وارتباطها بأهداف ومواقف سياسية، وفرض خطط إصلاح اقتصادي من قبل المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي".

ورأت في هذا الصدد، أن هذه المؤسسات الدولية "لا تراعي تحقيق التنمية المستدامة والكلف الاجتماعية والاقتصادية، ولا تركز على أساس احتياجات المواطن، المتمثلة بخلق فرص العمل اللائق وجودة خدمات التعليم والصحة والنقل".

ورداً على سؤال، حول مدى حجم التغيرات المطلوبة للإصلاح، بينت بني مصطفى أن إحداث تغييرات رمزية أو تجميلية أو صورية، لا يمكن لها أن تدخل نطاق مفهوم الإصلاح، فالتغيير الحقيقي يعني الانتقال من وضع إلى آخر مغاير كلياً، من أجل إحداث تغييرات جذرية عميقة شاملة ومستدامة.

وبحسبها، فإن إصلاح التعليم في مختلف مستوياته باعتباره المدخل للإصلاح في كافة المجالات، يتطلب إعادة النظر بدور ورسالة وظروف العاملين في هذا الحقل للقيام بدورهم على أكمل وجه، وتدعيم قيم وسلوكيات الديمقراطية وتعميق الانتماء الوطني والقومي، وكذلك تطوير النظام التعليمي بما يتوافق مع متطلبات السوق وتزويد الطلبة بالمهارات والخبرات التي تمكنهم من المنافسة في سوق العمل.

ونبهت إلى ضرورة الإيمان بإنسانية الإنسان، وحق الإنسان في اعتناق الآراء التي يريد دون تعدٍ على حقوق الآخرين، وحقه باختيار من يمثله بنزاهة، وأن تبقى الشعوب متيقظة لما يجري من حولها.

وطالت بني مصطفى، بإقرار مبدأ السماح للمغتربين بالتصويت، كجزء من عملية الإصلاح، ووضع الآليات التي تمكن من ذلك، وترسيخ مبدأ عدم جواز الترحال السياسي في القوائم الوطنية، تحت طائلة فقدان المقعد.

وبني مصطفى، مواليد العام 1979 في محافظة جرش. حاصلة على بكالوريوس الحقوق في جامعة جرش، إلى جانب أنها تحمل الماجستير في الارشاد النفسي. وهي رئيسة ائتلاف البرلمانيات العربيات لمناهضة العنف ضد المرأة، ورئيسة اللجنة القانونية في المركز الوطني لحقوق الإنسان. كما تعد أول امرأة أردنية ترأس كتلة نيابية في تاريخ البرلمان الأردني.

أما "شومان"؛ فتعد ذراع البنك العربي للمسؤولية الاجتماعية، وهي مؤسسة ثقافية لا تهدف لتحقيق الربح، تعنى بالاستثمار في الإبداع المعرفي والثقافي والاجتماعي للمساهمة في نهوض المجتمعات في الوطن العربي من خلال الفكر القيادي والأدب والفنون والابتكار.