"شومان" تحتفي بكتاب "الإسلام في الليبرالية"
18-12-2018
رأى الكاتب والمفكر د. جوزيف مسعد، أن الغرب يسيء للإسلام، عبر اسقاط صفات الإرهاب والقمع والديكتاتورية والظلم والاضطهاد منذ أعقاب أحداث 11 سبتمبر، ليتسنى للدول الغربية أن تظهر بمظهر الديموقراطية المتسامحة، وأن تضع تعريفاً لليبرالية على أنها "المنقذ الوحيد".
وبين مسعد، خلال حفل إشهار كتابه "الإسلام في الليبرالية" في منتدى عبد الحميد شومان، أمس، واداره مع الجمهور حسن أبو هنية، أن كتابه الصادر حديثا عن دار جداول في بيروت بدأ كمقاربة تطرح موضوع الاسلام في الفكر الليبرالي الأوروبي منذ القرن الثامن عشر.
وقال "السؤال الاول الذي يطرحه الكتاب حول ماهية الاسلام، في حين ان هناك معضلة مصطلح حول الاسم، وهو يطرح في احيان كثيرة بمعان كثيرة وغير واضحة، فمثلا في بعض الاوقات "الاسلام يطرح على انه القرآن، وفي بعض الاحيان ربما يعني السنة أو الحديث، ولكن في احيان اخرى يعني الدول الإسلامية".
ويناقش الكتاب في فصوله الخمسة، بحسب المؤلف، عملية انتاج أوروبا على انها ديمقراطية وإنتاج الإسلام على استبدادي، كما يناقش الفصل الثاني من الكاتب عملية إنتاج النساء الأوروبيات على أنهن "أوفر نساء العالم حظاً، والنساء المسلمات على أنهن أكثر النساء العالم اضطهاداً".
وبحسبه، فإن كتابه يأتي كمحاولة لفهم التواريخ السياسية والفكرية التي ظهر فيها الإسلام كتصنيف من صنع الليبرالية الغربية، وبالتالي تحديد الدور الذي يلعبه الإسلام في تكوين الليبرالية كأيديولوجيا، والسياسات التي تتبعها الأنظمة بأوروبا والولايات المتحدة تجاه الإسلام.
وقال "منذ القرن الثامن عشر وجدت مفردات تقدم على انها مرادفة لكلمة اسلام، وفي بعض الاحيان على انها من "أضداد" الاسلام، وان الاسلام اخر الليبرالية كما استنبطت في ذلك الوقت، وعلى انه نقيض العلمانية ونقيض فكرة الغرب والحرية والفردية والتسامح والعقلانية".
وتطرق مؤلف "اشتهاء العرب"، إلى مسألة انعدام الرؤية في التعامل مع مصطلح ومفهوم كلمة اسلام، معتبرا أن أحداث 11 سبتمبر طرحت الاسلام عادة وكأنه اخر المقاومين للفكر الليبرالي من قبل الليبراليين الغربيين الأوروبيين، إلى جانب ليبراليين عرب ومسلمين.
وعن مفردات الاسلام في الفكر الليبرالي، ذهب مسعد إلى أن الغرب يرى الإسلام، وفق طابع الاستبداد والاضطهاد والقمع، وعادة ما تترجم كلمة الاسلام في اللغات الغربية على انها اخضاع، مبينا في هذا السياق "وهي ترجمة خاطئة وايدولوجية".
ونوه إلى أن بروز الفكر الليبرالي كان متزامنا مع بروز الليبرالية والاستعمار الأوروبي، وانه لم يكن مصادفة ان الفكر الليبرالي انبثق في عهد التوسع الامبراطوري، وبالتالي كان له علاقة عضوية تجمعه مع هذه المشاريع الاستعمارية.
ورأى المؤلف أن مهمة الليبرالية أصبحت، منذ قرون طويلة، هي انقاذ المسلمين من براثن ما يعتقد على انه استبداد حكامهم، وعلى انه استبداد شرقي له خاصية ثقافية ودينية معينة، متسائلاً هنا عن كيفية تمفصل هذا الخطاب، وما هو تاريخه؟
ويقدم الكاتب الاسلام على انه حياً منذ لحظة انبثاق الفكر الليبرالي في القرن الثامن عشر، بل حتى منذ لحظة ولادة اوروبا نفسها كفكرة وكمفهوم ثقافي.
وبسياق ذي صلة، خلص مسعد إلى أن تاريخ ميلاد اوروبا يعود إلى الملك شارلمان، وأن الاسلام كان في تلك اللحظة منذ الفتوحات الاسلامية بالأندلس التي صنعت شارلمان على انه أصبح ملك الفرنجة.
وضرب مسعد تعاضد المسيحية الكاثوليكية واهتمامها بالسيطرة على الاراضي المقدسة، مثالا حول ما بات يسمى في الغرب بالحروب الصليبية، كما يسمى بالشرق بحروب الفرنجة، مؤكدا أن "الاسلام كان منذ لحظة ميلاد هذه الفكرة الأوروبية الجديدة".
وقال "منذ العام 1492، وهو تاريخ الغزو الاوروبي للأميركتين، أو ما يسمى باكتشاف امريكا وايضا تاريخ السيطرة الاخير من قبل الأوروبيين المسحيين على الاندلس واخراج المسلمين منها، نكتشف ان المسلمين موجودون فيها كعنصر اساسي وكعامل اساسي وليس كعامل خارجي".
وأضاف "فكرة ان الاسلام اخر اوروبا غير دقيقة، وأنها منذ بدأت فكرة استنباط اوروبا كفكرة أو كمفهوم جغرافي او ثقافي او ديني الاسلام كان دائما عاملا تكوينيا لأوروبا، وان هناك دائما سجالات قائمة على أي من الدول التي يمكن ان تعتبر أوروبية".
من جهته، قال حسن أبو هنية خلال في كلمة له، ان "الكتاب مثير وطريف وكتب في أسلوب حماسي، ويقدم نقدا متميزا ومقنعاً، إلى جانب ن المؤلف مفكر معروف ليس على المستوى العربي بل على المستوى العالمي، وكتبه باتت احدى المرجعيات الأساسية في دراسة الثقافة والمعرفة وتاريخ الفكر في المنطقة".
ورأى أبو هنية أن "الاسلام في الليبرالية" على خلاف ما اعتدنا على طرحه بمقاربة الاسلام باللبرالية أو مدى قربها منه، لافتا إلى أن الكاتب يجادل ويحاجج بأن الاسلام دوما كان حاضرا في قلب الليبرالية.
والمؤلف هو أستاذ السياسة وتاريخ الفكر العربي الحديث في جامعة كولومبيا بنيويورك في الولايات المتحدة الأميركية. له مؤلفات عديدة، أبرزها "آثار استعمارية: تشكل الهوية الوطنية في الأردن"، "ديمومة المسألة الفلسطينية"، "اشتهاء العرب".
أما "شومان"؛ فهي ذراع البنك العربي للمسؤولية الاجتماعية والثقافية، وهي مؤسسة لا تهدف لتحقيق الربح، تعنى بالاستثمار في الإبداع المعرفي والثقافي والاجتماعي للمساهمة في نهوض المجتمعات في الوطن العربي من خلال الفكر القيادي والأدب والفنون والابتكار المجتمعي.