مدير البرامج في الوكالة الوطنية الفنلندية للتعليم يحاضر في "شومان"

19-11-2018

أكد مدير البرامج في الوكالة الوطنية الفنلندية للتعليم لوري تومي، ان إعطاء المعلم الصلاحية الكاملة في العملية التعليمية، من أهم عوامل ارتقاء مستوى التعليم بفنلندا، مبينا أن التعليم ثقافة حقيقية في فنلندا، عمادها الاستقلالية والثقة.

وحسب تومي، فإن فنلندا أدركت فجأة انها تجلس على منجم ذهب، فذهبت باتجاه تصميم حلقات لإصلاح التعليم الفنلندي، استغرقت ١٠ سنوات ليمر الطالب بكامل المراحل الدراسية، لافتا إلى أن المدرس هو حجر الزاوية في العملية التعليمية والتربوية.

واعتبر تومي في محاضرة بمنتدى عبد الحميد شومان الثقافي، أمس الاحد، بعنوان "تجربة التعليم في فنلندا: الصعود إلى القمة"، أدارها مع الجمهور د. بشير شحادة، أن روح المنهاج الفنلندي مبنية على تنمية روح الريادة والتفكير بأهمية التعلم المستمر، وعلى العناية بالفرد وإدارة الحياة اليومية والعناية بالبيئة ومهارات التواصل المستمر مع كافة الحضارات.

وحول أسرار نجاح التجربة الفنلندية، بين تومي أنها تتلخص بـ"التعلم من أجل الحياة ومدى الحياة، تمكين المعلم لعملية التعليم، الثقة بالنظام التربوي بكافة مراحله، الشعور بمتعة التعلم والتعليم، نشر ثقافة الإبداع والابتكار بشكل مستمر".

وأوضح المحاضر أنه لفهم عالم الثورة الصناعية الرابعة ولمساعدة الطلبة على مواكبتها؛ فهناك حاجة لمنهجية تعلم تنمي مهارات التفكير والتصميم الرقمي للاندماج بنجاح فيها؛ من أجل التعامل مع ثورة ستدمج القطاعات المختلفة بإطار رقمي شامل.

وبين أن فنلندا تشجع الطلبة على استخدام الهواتف الذكية في التعليم، مشيرا إلى أن المعلم يساعد في خلق البيئة المناسبة لتوظيف الوسائط التكنولوجية في عملية التعليم.

وفيما يتعلق بمفهوم التعلم، تؤمن فنلندا، بحسب تومي، أن للطالب دور نشط في عملية التعلم، وان التركيز يجب أن يصب في تحديث الطريقة التعليمية، وليس على الاختبارات؛ ما يحقق مصلحة كبيرة للجميع.

ورأى تومي أن المعلمين هم "حجر الأساس"، وعلى أيديهم يخرج الطلاب ذو الكفاءة العالية، وأن المعلم غير المؤهل لأداء وظيفته يتسبب في ارتكاب أخطاء فادحة، تضر بالمنهاج الدراسي لديهم.

واعتبر أن فنلندا تنظر للتعليم نظرة "قدسية" بعض الشيء، وترى أن التعليم هو أساس كل شيء ولا يوجد نجاح أو تقدم بدون تعلم، فلذلك تعظم من شأن التعليم والمعلمين وتعتبره جزءا من هويتها.

وقال تومي ان "المدرسين في فنلندا يتلقون تدريبًا مهنيًا؛ حيث يحصلون على تدريب بحثي متقدم، كما يحصلون على درجة الماجستير، ويشاركون في تصميم المناهج الدراسية الخاصة، ويقيمون الطلاب دون الحاجة إلى اللجوء للاختبارات عالية المخاطر".

وردا على تساؤل، حول مدى جدوى "نسخ" النظام التعليمي الفنلندي، و"لصقه" في الأردن، أجاب تومي ان "لكل بلد تاريخه وظروفه وميزاته الخاصة به ولا بد من اتخاذ هذه النواحي عند إعداد أي نظام تعليمي متكامل وبعيد المدى وقابل للتطوير المستمر وفق مستجدات العصر".

واستعرض تومي قصة تطور تجربة بلاده في مجال التعليم، والخطوات التي اتخذتها، إضافة إلى المراحل التي مرت بها لكي تكون "أفضل دولة في العالم في التعليم والصحة والاقتصاد والبيئة السياسية ونوعية الحياة".

وكشف تومي أن عملية الإصلاح والتغيير في نظام التعليم بفنلندا لم تكن "طفرة"، بل مرت بمراحل واحتاجت للوقت والجهد والمثابرة، ورافق ذلك البحوث والدراسات النظرية والتطبيقية الميدانية من الخبراء والأخصائيين في التربية.

من جهتها، قالت الرئيسة التنفيذية للمؤسسة فالنتينا قسيسية في كلمة لها، ان "ضيفنا لوري تومي، خبير التعليم من فنلندا، وهو البلد صاحب التجربة الاستثنائية في التعليم، فمنذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، وضعت فنلندا سياسات جديدة استهدفت من خلالها جميع أركان عملية التعلم، من معلمين وطلبة ومناهج وبيئة مدرسية، ما أدى إلى نهضة كبيرة وضعت البلد في أعلى هرم الدول من حيث جودة التعليم".

وبينت قسيسية أن هذه الفعالية تأتي في سياق محور كامل حول التعليم، بدأت به مؤسسة شومان منذ أشهر عديدة، وتنوي مواصلته في سبيل صنع فرق حقيقي في مستقبل الأردن، ومن أجل الحاق بركب الدول التي قطعت شوطا كبيرا في هذا المجال.

ولفت إلى أن الاطلاع على تجارب الاخرين ومحاولة فهم الخطوات التي ابتكروها، والطرق التي ساروا، من الممكن أن يؤدي إلى تقصير التجارب علينا، مشددة على ضرورة بناء نموذجنا الخاص لتطوير التعليم في بلدنا.

وكان شحادة قال خلال تقديمه للمحاضر، "يعتبر التعليم في فنلندا تجربة فريدة وعلامة مميزة تستحق الاطلاع عليها، وتستحق ان نقف لها احتراما وتقديرا على ما وصلوا إليه في هذا المجال"، مضيفا أن فنلندا بلد انهكته الصراعات السياسية والحروب العالمية قديما، لكنه حقق قفزات هائلة في مجال التعليم غيرت ملامحه تماما".

وبين شحادة أن فنلندا تثير الاعجاب والدهشة بطرقها في مجال التعليم، فهي واكبت التطورات واستفادت من تجارب الاخرين وسمحت لباحثيها في التعمق بمناهج التعليم ودراسة سلوكيات المعلمين والمتعلمين، فخرجت بنموذج فريد من نوعه.

وتومي؛ أستاذ في الاقتصاد وإدارة الاعمال، تولى منصب في الوكالة الوطنية للتعليم في العام 2017. وهو رائدا في تطوير التعليم الفنلندي من خلال تقلده منصب الرئيس التنفيذي لشركته الخاصة ونائب رئيس جامعة هاغا-هيليا للعلوم التطبيقية. حاصل على الدكتوراه في الإدارة الاستراتيجية (جامعة فاسا، فنلندا)، كما انه قاد وادار العديد من العمليات الاستراتيجية في كل من القطاعين العام والخاص.