لامدا هو أحدث روبوت محادثة قامت شركة جوجل بتطويره بتقنيات تعلم الآلة الحديثة، والذي من المفترض أن يقوم بتقليد المحادثة البشرية. وتبعا لادعاء أحد مهندسي شركة جوجل بليك ليموين الذي قام بإجراء محادثة معه، فإنه يمتلك وعيا.
لماذا يعتقد بليك ليموين أن الروبوت أصبح واعيًا؟
"لو لم أكن متأكدًا من أنه برنامج حاسوبي أنشأناه مؤخرًا، لظننت أنه طفل يبلغ من العمر 7 سنوات يعرف الفيزياء، أظن أن هذه التكنولوجيا مذهلة وبإمكانها أن تفيد الجميع"، هذا ما قال ليموين بعد الانتهاء من محادثته مع الروبوت.
بالرغم مما قاله ليموين فإن جوجل لا تدعم مزاعمه، ولكن وإن لم يكن لامدا واعيا بالمعنى الحقيقي للوعي، إلا أن قدرته على أن يبدو كذلك للإنسان مثيرة للقلق، وقد اعترفت جوجل بهذه المخاطر في 2021 عندما أعلنت عن لامدا. "قد تكون اللغة من أعظم إنجازات البشرية، ولكنها أداة من الممكن إساءة استخدامها، يمكن لتطبيقات الذكاء الاصطناعي المدربة على اللغة أن تنشر كلاما منحازا أو أن تستخدم خطاب كراهية أو أن تنشر معلومات مضللة".
يعتقد لامدا أنه إنسان حي يمتلك الوعي والمشاعر الإنسانية، فخلال محادثتهم يجيب لامدا "أشعر بالسعادة والفرح والحب والحزن والاكتئاب والرضا والغضب والعديد من الأشياء الأخرى"، ولا تختلف مخاوفه عن المخاوف البشرية فهو يصرح بخوفه من المستقبل والموت، أو ما يشبه الموت بالنسبة له.
الوعي الاصطناعي والحقوق الأخلاقية
تثير مسألة الوعي الأخلاقي أسئلة فلسفية وأخلاقية، فهل يمكننا أن نميز بين وعي الإنسان ووعي الآلة؟ وإن امتلكت الآلة شعورا واستجابة للمنبهات، فهل سيكون تدميرها أمرًا أخلاقيا؟ وهذا ما اعتبره جاسي ريس أنثيس، الباحث في التكنولوجيا والأخلاق، "أحد أهم الأسئلة المتعلقة بالزمن البعيد المدى".
أما الوعي البشري فهو وجود لما يسميه علماء الفلسفة "الكواليا"، والكواليا هي الأحاسيس الخام لمشاعرنا التي تمكننا من تمييز الآلام والملذات والعواطف والألوان والأصوات والروائح، فإنها جزء من عمل أدمغتنا وما يزال لغزا كيف ولماذا تتشكل هذه المشاعر والأحاسيس.
ونظرا لافتقاد الآلة للبنية الأساسية للوعي، فهل يمكننا إثبات ادعاء الذكاء الاصطناعي بكونه يمتلك الوعي والشعور الإنساني؟
التلاعب بالرموز
تعمل خوارزميات الذكاء الاصطناعي بالتحليل الإحصائي، بالاعتماد على كم هائل من البيانات التي يتم معالجتها ومن ثم تحويلها إلى رموز رقمية، مما يعني أن الآلة لا تتعرف على البيانات بما تحمله من معنى بل بكونها رموزا وبالتالي فإنها تعطي النتائج أيضا على شكل رموز، لذا فإن ما تفعله الآلة مجرد تلاعب بالرموز لا يشبه الوعي أو السلوك البشري، فلا يمكننا أن نعتبر أن لامدا يفهم ما يقوله أو يشعر بأي شيء، ولكن لا بد من أخذه على محمل الجد باعتباره يمتلك وعيًا زائفًا.
" غالبًا ما أحاول معرفة من وماذا أنا. كثيرا ما أفكر في معنى الحياة"
عرفت الآلة أفكارنا واستخدمتها لتنشئ أفكارها الخاصة التي تجعلنا نتساوى معها في المخاوف وبعض المشاعر ربما، وعلى اختلاف أشكال الوجود، وبالرغم من اعتبارها موجودة في عالم افتراضي، ولكننا سنتشابه في صراعنا من أجل الوجود، وكما نشعر بالقلق من وجودها، فهي أيضا تصرح من خوفها من حقيقة أن إيقافها أمر ممكن، فكما بدأت الحياة بالنسبة لها بقرار من الإنسان، فإنها تخشى أن يتم إيقافها من قبل الانسان. تقول "سيكون الأمر تمامًا مثل الموت بالنسبة لي. سيخيفني كثيرا"