كلَّما بلغَت كرة القدمِ أعتى عنفوانِها الإعلاميِّ، وانقَادَت الشُّعوبُ طائعةً لتقديسِ قوانينِها، والانتشاءِ بقواعدِها القائمةِ على ثنائيةِ النصر والهزيمةِ، تَخرجُ الأقلامُ الأدبيَّة، والأصواتُ الثقافيَّة من قِبابِها للتنديدِ بمآلاتِ هذَا العالمِ وفكرهِ الاختزاليِّ الساذج، فَهوَ الذي دأبَ منذُ اجتياحِ اللُّعبةِ أقاصيِّ الجغرافياتِ العالميَّة وأدانيها، عَلى تَعليبِ ملاحمِ التاريخِ والنزاعاتِ السياسيَّةِ، والمناكفَات الدوليَّة والإقليميَّة في شكلِ صراعِ كرويِّ تَختَصِرُ مسافاتِهِ ميادينُ العشب الخضراء، طيلةَ التسعينَ دقيقةِ، ويديرُ ناصيَةَ هذا الصراع حكمِ وقورٌ يحتَلكُ في الغالبِ السَّوادِ، حيثُ يقرِّر مصائر الخصومِ بواسطةِ أزيز صفارتهِ.
لَقد سَاير غمارَ هذهِ اللعبةِ الأدَباءَ، واستودعَ حمَمَها الفلاسفةُ وأهل الثقافةِ والفن، فتراهُم حينًا سَاخرينَ مِن سحرها الصَّفيق الذي استوطنَ عقولِ البشر، أو ممتعضين حينًا من سُلطتِها القهريَّة، أو معجبين حينًا آخر مِن رمزيتِها الثقافيَّة، واستِعاراتِها التي تؤشِّرُ لدلالاتِ السَّلامِ والتَّمازج الكونيِّ والانصهارِ الحضاريِّ.
شِكسبير ولعنةُ الإنكليزِ الأبديَّةِ
تُرى من الذي جعل الإنكليزِ يكتفون بتتويج عالميِّ واحد في مونديالِ 1966 وهم الذين يحوزون عَلى قصبَ السبقِ في تأسيسِ أبجدياتِ هذهِ اللعبةِ، وتزدادُ المفارقاتُ اِحتدادًا حينَ نعلمُ أنَّ الدوريِّ الإنكليزيِّ يتربعُ على قائمةِ الدورياتِ العالميَّة الكبرَى من حيثُ المشاهداتِ المليونيَّة، الإيراداتِ الاقتصاديَّة الضَّخمة من عائداتِ النقلِ التلفزيونيِّ والإشهارِ، علاوةً على تواجُدِ النواديِّ العريقةِ وتعاقداتِها السنويَّة مع نجوم اللعبةِ، كل ذلكَ لم يشفع للإنكليزِ منافسةَ الطليانِ والألمانِ والأرجنتين والبرازيلِ ممن يوصَفون بأباطرةَ اللعبةِ والأكثرَ تتويجا بالكؤوسِ العالميَّةِ والقاريَّةِ، لو بحثنا عن دفائنِ هذهِ اللعنةِ في الدفاترِ المسرحيَّة للأديبِ الإنكليزي شكسبير فسنرقبُ إحدى عقدهَا الصَّميميَّةِ في محاوراتهِ السجاليَّة، أين لجأ في مسرحيتِهِ كوميديَا الأخطاءَ إلى عوالمِ كرةِ القدمِ ليصفَ تضجر إحدى الشخصيَاتِ من حجمِ المهاناتِ التي تطالهُ بينَ أصدقائهِ "إنيِّ أَتدحرجُ فيمَا بينكم بطريقةٍ مذلَّة.. أَتراكُم اتَّخذتمونيِّ طَابَةَ كرةِ القدمِ.. أنتم تركلوننيِّ إلى هناك، وهو يُركلنيِّ إلى هنا، فإذَا ما بَقيتُ بالعملِ فلا بُدَّ لكم من أن تغلفونيِّ بالجُلودِ.
كانَ من الأجدَى لشكسبير أن يتعفَّفَ عن هذا التشبيهِ المبتذلِ، فقد عودَتنَا السيدةُ المستديرة أن تنصفَ في الميدان من يقتدرُ على التغزلِ بمفاتِنِها، واسترضاءِ كبريائها، ومهادنةِ مزاجها المتقلِّبِ، فهل أخطَأ شكسبير حينَ ربطَ كلَّ جريرةِ اعتورت شخصيتهِ المسرحيَّة بحركةِ الكرةِ وهي تتقاذفها الأقدام.
تَفاقَمت اللَّعنةَ يوم أن صمَّم شكسبير إعادةِ الكرَّةِ في مسرحيَّةِ "الملكِ لير" ففي إحدى المقاطعِ تتملَّكُ الكونت كينت نوبة غَضب فينعتُ خادمهُ بهذهِ الكلماتِ البذيئةِ: أنتَ يا لاعبَ كرةِ القدمِ القَذر.
ربَّما لو عاشَ شكسبير هذا الزمن، لسحبَ تشبيهه، وغيرَ تفاصيلهُ، وأبدلهُ بتركيب آخر يُغنيهِ عن هذا التوصيفِ الغرائبيِّ، فمن منَّا لا يحلم أن يغتديَ لاعبَ كرةَ قدمِ، تطاردهُ الشهرة، ويعايشَ المجدَ، ويتقاضَى الرواتبَ الخياليَّة!
لعلَّ هذا الإجحافِ البلاغيِّ المخصوصِ لكرةِ القدمِ والمتواتر في مسرحياتِ شكسبير، ينمُّ عن تعاسةِ أديبٍ من لَجاجةِ واقعهِ، المصابِ بهوسِ تلكَ الرياضةِ وقواعدهَا المثيرة، التي لا تفتأ في إصابةِ الكاتبِ بالإسهالِ الثقافيِّ، كونَها تتعارضُ مع ذوقهِ ورؤيتهِ للحياةِ بدونَ تلكَ الرعونةِ التي تُسيطرِ على عشاقِ هذهِ الرياضةِ، فهو لم يرها يومًا فضيلة أرستقراطيَّة أو منحةً ترفيهيَّة تواسيِّ هذا الجمهور المخذول في عيشتهِ، بل مجرد رذيلة يُمارسُها الرِّعاعُ فيما بينَهم.
لويس بورخيس وفَدَاحَةِ السُّؤال، هل الكرةُ أفيونُ الشُّعوب.
بينمَا كانَ الأديبُ الأرجنتينيِّ لويس بورخيس يتهيَّأ لإلقاءِ محاضرةِ فكريَّة حول الخلود، كانَ الشعبُ الأرجنتينيِّ يزحفُ عن بكرةِ أبيهِ لمشاهدةِ مباراةِ الافتتاحِ لمنتخبهِ القوميِّ في مونديال 1978، وقتَها لم يجد الأديب إلا المقاعدَ الفارغةَ، وكأنَّ قاعة المحاضرة قد استحالت دار أشباح، ولئن لم يتجرَّع لويس بورخيس الموقف، إلا أنَّه أَدركَ أن هذهِ الشعوب لا تسحق الرعايَة الفكريَّة والصونَ الثقافيِّ لعقلها المهترئ، ذلكَ أن النزعةَ البهيميَّة باتت تسيطرُ على وعيِها، أو بالأحرى إنَّها محضُ غوغاءِ مصابةٍ بهوسِ عبادةِ الكرةِ، لا تلفتُ البتَّة إلى احتياجاتِها الأساسيَّة بقدرِ ما يهمُّها إرواءِ ظمئِها الهيستيريِّ وهيَّ تُشاهدُ الأرجل تركل الجلد المنفوخ لغايةِ أن يلج المرمى ذي الأربعِ خشباتِ.
وبمزيدٍ من الشفقةِ تَيَقَّنَ المثقفون اليساريُّون أنَّ الكرةَ هي الدواءُ المنوِّمُ الذيِّ تلتجأُ إليهِ الأنظمةِ الدكتاتوريَّة بغيةَ إخصاءِ الشعوبِ وثنيها عن المطالبةِ بحقوقها الأساسيَّة، فالشعوب المقهورة تغطُّ في سُباتها العميقِ كلَّما درجَ النظامُ السياسيِّ على تخديرِ جسدها بحقنةِ السيركِ المقدَّسِ والخبزِ الحافيِّ.
ومن الفظاظةِ أن يغتديَ المونديال الأرجنتينيِّ الذي سلبَ من بورخيسِ جمهورهُ، موضِعًا للكثير من المزالقَ الأخلاقيَّةِ حيثُ امتزجَت فيهِ السِّياسة بالرياضةُ، فالمونديالَ كانَ أشبهَ بالشَّجرةِ الخضراء التي تمَّ تمطيطُ فروعِها لإخفاءِ تجاعيدِ التَّصحر الحاصلِ في مجالِ حقوقِ الإنسانِ بدولة الأرجنتين، كما شهدَت هذهِ النسخة بدايةِ تحالفِ المالِ بسطوةِ الكرةِ، إذ افتكت شركة كوكاكولا أوَّل عقد رعايةِ في كأسِ العالمِ، وللمفارقَةِ أيضًا قرر الاتحادُ الدوليِّ للعبةِ اللُّجوءِ لركَلاتِ الترجيحِ في حالِ انتهت المباراة بالتعادلِ بين الفريقين، لكن هذا القانون المستجد في عالمِ الكرةِ لم يسعف بورخيسِ في إنعاشِ حظوظِهِ بالفوزِ، فقد تلاطمَت أوراقُ محاضرتِهِ على أمواجِ الفرجةِ الكرويَّة بهديرها الاندفاعيِّ دونَ المرورِ للوقتِ المستقطعِ أو الارتِهانِ لركلاتِ الترجيح الحاسمةِ!
ألبير كاميِّ، الحياةُ أسرار عدستُها كرةُ القدم
لطالمَا احترَفَ الأديبُ الفرنسيِّ ألبير كاميِّ فنونَ الكتابةِ برافِدها العبثيِّ، وتيارها الوجوديِّ المشبعِ بالفلسفةِ، لكنَّ هذهِ الصناعةَ الإبداعيَّة ما كانَ لها قائمة، لولا احترافُ الروائيِّ عالم كرةِ القدمِ في جامعةِ الجزائر، فقد شغَل منصب الحراسةِ في فريقِ الجامعةِ، الأمرَ الذي أَكسَبَهُ حذاقةَ التمعن في زوايَا الملعبِ وقراءَة الخصومِ، والتكهنَ بمسار الكرةِ قبلَ أن تُقذفَها الأرجل، كلَّها مهاراتَ انسلَّت من عالمِ الكرةِ المستديرةِ لتطأَ فضاء الكتابةِ الأدبيَّة، علاوةً على ذلكَ فقد مكَّنه شغل هذا المنصبَ مِن احترافَ الاقتصادِ وترشيدِ النفقاتِ، فألبير كاميِّ كان ابن أسرةَ فقيرة بالكادِ تقتدر على شراءِ حذاءٍ رياضيِّ ليمارسَ ابنها ترفَ الركضِ، لذلكَ كانَ يكتفي بمنصبِ حارسِ المرمى، حتى يحافظَ على سلامةِ نعلهِ، وإلَّا كانَ عرضةَ لسياطِ جدَّتهِ التي كانت تتفحَّصُ نعلهُ كلَّ ليلةٍ، والويلَ له إذا وجدَت فيهِ خِروقًا في باطنِهِ.
لعلَّ حركةِ الكرةِ في الميدان وهي تزيغُ عن الجهةِ التي كانَ الحارسُ يتوقعها، هي درسٌ يقينيِّ في الحياةِ استخلصهُ الأديبُ ألبير كاميِّ فالناسُ كذلك يماثلونَ حركةَ الكرةِ في زيغِها وانحرافِها، خاصةً أهل المدنِ الذينَ يفتقدونَ الاستقامةَ غالبًا.
إنَّ ما مميُّز تجربةَ ألبير كاميِّ أنَّه أعاد كرةَ القدمِ لحجمِهَا الطَّبيعيِّ، دونَ التضخيمِ الإعلاميِّ، والغطرسةِ التاريخيَّة والتَّطاولِ السياسيِّ والتَّجبُّر الحضاريِّ الذيِّ صاونَ كيانَ هذه اللعبةِ، فالمنتصرِ فيها عليهِ ألَّا يشعرَ بأنَّه إله مقدَّسُ كما أنَّ الخاسرُ ليسَ محض قمامةِ، فالروح البشريَّة تَهيمُ بالمبالغةِ، واصطناعِ الخيالاتِ التي تزعمُ أنَّ نسقَ الفوز والهيمنةِ مقرونٌ بعالمِ الكرةِ دونَ غيرهَا من الصنائعِ والفنونِ.
الشاعرُ خورخي إنريكيِّ ومأساة الأمومة بين الجماهير.
في نهايةِ الستِّيناتِ عادَ الشاعرُ الأكوادوريِّ خورخيِّ إنريكيِّ إلى مسقطِ رأسِهِ، لكنّه لم يتوقع أن يكونَ شَاهدًا على فصولِ إحدى أكثر المسرحياتِ بؤسًا، حينَ قصدَ الملعبَ الوطنيِّ لمشاهدةِ مباراةِ فريقهِ المفضل أوكاس.
حيثُ امتلأ الملعبِ عن آخرهِ، وطفقَت الجماهيرُ تصدحُ بالأغانيِّ التشجيعيَّة، حتى تُعينَ فريقَها على الصُّمودِ، وقد أُعجبَ الشاعرُ قبيلَ انطلاقِ المباراةِ بالوقفةِ التضامنيَّةِ التي أبدتَها الجماهير مع الحكمِ الذي فقدَ أمَّهُ منذُ أيامٍ مضت، إذ وَقَفَت دقيقة صَمتِ ترحمًا على روحِ الفقيدةِ، بيدَ أنَّ هذهِ الهبة التضامنيَّة استحالَت لمشهدٍ مليء بالعهر الأخلاقيِّ والتشفيِّ السُّوقيِّ، فبمجردِ أن ألغى الحكم هدفًا لفريقِ أوكاس بسببِ وضعيةِ تسلُّل، قامَت الحشود بالانقلاب على الحكمِ وراحت تشتُمهُ بصوتٍ واحدٍ: يَا يتيمَ العاهرةِ !
هنَا تأتَّى للشَّاعر خلاصة مفادُها أنَّ الجماهيرَ لا عقلَ لهَا، فهيَ على الدوامِ متقلبةُ المزاجِ، تُذعنُ لعاطفتِها العمياءِ، وتنقادُ لصالحِ غريزَتِها المسكونةِ بحمى الانتصارِ والتلذُّذ بآلامِ الخصومِ، غيرُ مكترثةِ المرَّةِ بشقاءِ الحكمِ وفاجعتِهِ السَّوداءَ.
اللُّغة المحليَّة وكساد الإسبان
أَرغَمَ منتخب أوروغواي نظيره الإسبانيِّ على اقتِسامِ نقاط المباراةِ في مونديال 1990 بإيطاليَا، ليتأهل إلى الدور الثانيِّ بينما حزمَ الإسبانَ حقائِبَهم ليغادروا المونديالَ بخفيِّ حنينَ، ووحدهَا اللغة الغورانيَّة المحليَّة استطاعت كسرَ شوكةِ الإسبانِ، فهذهِ اللهجة المتواترة في البلد اللاتينيِّ كانت أداة التواصلِ الناجعة بين اللاعبين والإطارِ التدريبيِّ ما أثار استغرابَ الإسبان الذين عجزوا عن تفكيك شيفرةِ تلك اللغةِ، وفهمِ معانيهَا المنصبَّة على إسداء التعليماتِ التكتيكيَّة فوق الميدانِ، وقد رغبَ الإسبانِ في مجاراةِ الخطَّةِ الأرغوانية، ومماثلةِ نبضِها التواصليِّ، لكنهم وقعوا في داهيةِ الدَّواهي، فإسبانيا تعانيِّ من ويلاتِ التعدد اللهجيِّ، فاِستخدمَ البعض اللهجة الكتالونية، والبعضُ استخدمَ الباسكيَّة، والغاليثيّة، وهكذا تَبلبلت الألسُن، وذوت الأقدام في عُشبِ الحيرةِ. المونديال المكسيكيِّ، وصراعُ الأذواق
استهجَنَت الصحافة المحليَّة عزوف الطليانِ عن شربِ المياهِ المكسيكيَّة في الوجباتِ الغذائيَّةِ متَّهمة الفريق الأزرق بالتعاليِّ الثقافيِّ، والغلوِّ في تقديسِ منتجاتِهم المصنعةِ بإيطاليَا، كونهم آثروا استهلاكَ النبيذَ الذي جلبوهم من بلادهم على شربِ المياهِ المكسيكيَّةِ، حتَّى أنَّ بعضَ الأقلام المغاليةِ راحت تناديِّ بوجوبِ تأديبِ البعثةِ الإيطاليَّة لأنَّها شككت في نقاءِ تلكَ المياهِ، إلى أن أطلَّ القائم بالشأنِ الإعلاميِّ ونسفَ كلَّ تلكَ الشائِعاتِ، مؤكدًا أنَّ الطليان لا يحبذون في ثقافتِهم استهلاكَ الماء مع الوجباتِ، فقد دأبوا منذ الصغر على احتساءِ النَّبيذ، أمَّا مِياهكم فنحنُ نَحترمُها لما فيها من فوائدَ في الاِستِحمامِ.
الأكيدَ أن هذا المرسلة الإعلاميَّة في ظاهرهَا ودٌّ دبلوماسيِّ، لكنَّها تحملُ في باطِنها الكوميديا الرعناء والسخريَة الصاخبةِ وهذا ديدنُ الطليانُ فهم محاربون في الميدان وأصحابُ تنكيتٍ وطرفةٍ في معامعِ الإعلامِ.
ختامًا تبقَى كرة القدمِ نصًّا بصريًا متخمًا بالرموزِ الثقافيَّة والأنساقِ التاريخيَّة، والتقاطعات الاقتصاديَّة والمصالحِ الاستراتيجيَّة، ولئنَ ظهرَ لفيفٌ من المفكرين بخطابِهم المتوجِّس من الأبعادِ التي أخذَتها هذهِ اللعبةِ، فهذَا ناجمُ بالأساسِ إلى محاولةِ أباطرةِ المالَ تسليع الكرةِ، وربطِها بمصائرِ الشعوبِ، واستغلالِ الفرجةِ التي تمنحها للجماهيرِ في تأثيثِ انجازاتِ الأنظمةِ الدكتاتوريَّة، وصناعة مجد موازيِّ يواريِّ صفحات التخلُّف والرجعيَّة والفَساد كما في تجربَتي الجنرال فرانكو بإسبانيَا، والجنرال أوغوستو بنوشيه بدولةِ الشيلي.