أعراس آمنة، إبراهيم نصرالله
"قال: أتعرفين ما الذي أتمناه يا خالتي؟
-ماذا يا ابني؟
قال: أن يجيء يوم لا نكون مضطرين فيه لحفر قبور احتياطية"
تصيبُني الكثير من لحظات الإدراك بعد الإنتهاء من قراءة رواية أو كتاب ما، وقد راودَني سؤال حين عُدتُ لتأَمُل عنوان الرواية، فتساءَلتُ هَل الأعراس آمنة في فلسطين كما نتخيل؟ وهل الأمان نابِع مِنَ الأمان نفسُه أم من إنتهاء رَصيد الخوف من فاجعة أخرى غير فاجعة العُرس؟ وإذا تساءلنا متى يكون العرس فاجِعة ؟ فهو كذلك عندما يكون عرس شهيد، أي زفه إلى الدار الآخرة. على الرغم من أنه لو نظرنا إلى انتهاكات الاحتلال المستمرة في الشعب الفلسطيني لَعَلِمنا أن حتى أعراس الشهداء لم تَعُد آمنة بل أن الشهيد في مرقدِه مُستَهدَف أكثَر من الحي؛ حتى قبور شهدائنا تخيفهم!
كم مرة قصفت مقبرة؟ كم قبر حفر في ليلة واحدة؟ وكم حفار قبور دُفن في القبر الذي حفره في نفس الليلة؟ كم مرة ضحكنا من شدة الألم؟
الضحك وأعراس الشهداء أسلوب مقاومة، فالذي يجبرنا على أن نزغرد في جنازات شهدائنا هو ذلك الذي قتلهم، نزغرد حتى لا نجعله يظن للحظة أنه هزمنا، وإن عشنا سأذكرك أننا سنبكي كثيراً بعد أن نتحرر.
نحن والعلم، علي مُصطفى مشرَفة
ماذا يريد العلم من المجتمع؟ وماذا يريد المجتمع من العلم؟ وكيف نُوَّجِه الرأي العام توجيهًا علميًا؟
على الرغم من إزدحام الكتاب بالأفكار المهمة التي لطالما يمكننا معرفة اسم طارحها دون النظر للغلاف فقد انفرد مشرفة "اينشتاين العرب" بسلاسة أسلوبه الذي يستطيع من خلاله إيصال الصورة بشكل واضح، إضافة إلى أنه لم يكن للكتاب هدفا جدليًا، إنما هو رغبة بحتة للتطور في المجال العلمي العربي وإحياء ما قدمه العلماء العرب لهذه الأمة مُنذُ قرون طويلة.
الإلياذة، هوميروس
قصة ملكٍ تخلى عن ابنه وابنٍ اختطف اجمل الجميلات، وقصة حرب من أدهى حروب التاريخ، أدَّت لِحِصارٍ دام لعشر سنوات، والنهاية؟ موت ودمار مدينة بأسرها، والوسيلة؟ حصان خشبي ضخم!
دارت هذه الملحمة بين الإغريق والطرواديون على إثرِ إختطاف الملكة "هيلين" من قبل "باريس بن بريام"، تبدأ القصيدة بدمار مدينة طروادة وانهيارها، ويَبرُزُ الجزء الملحمي منها في نزاع المصالح بين الآلهة وعدم وجود خير مطلق أو شر مطلق فالكل يبحث عن مصالحه بغض النظر عن المعاناة البشرية، في تجسيدٍ لحال أصحاب السطوة والنفوذ في العَصرِ الحالي.
اللغة الشاعرة، عباس محمود العقاد
رائعة من روائع العقاد، تناول خلالها بعضًا من الإتهامات الموجهة لِلغةِ العربية: كالنقص بالدلالة على الزمن -وإنه لنقص خطير لو صحت نسبته إليها- بل يحق لنا أن نقول بأنها لغة الزمن بأكثر من معنى.
بالإضافة إلى ذكره ميزات هذه اللغة من مفردات وإعراب وعروض وأوزان وحروف. على الرغم من أن عدد حروفها ٢٨ حرف إلا أنه لا يوجد مخرج صوتي غير موجد في لُغَتِنا وهنا تأكيدٌ على عظمتها.
هذه المدرسة العقادية الجزلة والحادة الاسلوب تكاد تغنيك عن دراسة قواعد اللغة وعلومها
الأدَب الكبير و الأدب الصغير، عبدُالله ابنُ المُقَفَّع
وَهَبَ إبنُ المقفعِ فاخرته هذه مُحَمَّلَةٌ بالنصائح الدينية والدنيوية بلغة فصحى خلابة يندر ملكها، فتناول أحوال الناس والدنيا وجَعَل يسرد رأيَهُ بِفِطنةٍ وسدادة في صفحات قليلة شكلت فيها كلماته خارطة طريقٍ لأي إداري أو مسؤول يبتغي العُلوَ والرِّفعة؛ فالكتاب يقدم توجيهات في إطار فلسفي بسيط ولافِت جمعَ فيهِ بين العلمِ والأدبِ والدين وأهميةِ كلٍ منهم في ظل وجود الآخر.
سطّر الكتاب في صفحاته تطبيقًا فعلي للقول "البلاغة في الإيجاز"
لِمِثلِ هذا يُقرَأ ولِمِثلِ هذا جُعِلَ الأدَب.
سراج، رضوى عاشور
تعودُ رضوى لتدهشنا بنصٍ يفيضُ منه الجمال رغمَ كل القباحةِ التي يَحكيها.
مزيجٌ بين أرضٍ من الخيال تدعى "غرة بحر العرب" تقعُ بالقربِ من اليمن، يحكمُها سلاطينٌ كباقي السلاطين المُحبين للتجبر والمنتشين به، وأرضٌ مِن أراضي الواقع وهي مصر، وتحديدًا خلال ثورة عرابي على الخديوي وبداية الاحتلال الإنجليزي لمصر، تتقاطع طُرق بطل الحكاية ليصل إلى مصر في هذِه الفترة فيعود إلى الغرة ثائرًا؛ كثورة عرابي مبتدأ ثورته بالقهوة، لكن الجدير بالذكر أن ثورة عرابي انتهت في هزيمَتِه ، ومِن هُنا كانتِ الثغرةِ التي لم يأبه لها بَطَلُنا ، أنَّ خلفَ كُل قيصرٍ يموت قيصر ٌجديد ، ومهما بلَغت ثقتنا بالنجاح يجب أن نترك متسعاً للخيبة .
بارتلبي و أصحابه، أنكريه بيلا – ماتاس
"البارتلبيون" أو "كتاب اللا" هما مصطلحان يطلقان على الأشخاصِ الذين توقفوا عن الكتابة؛ لأسباب غالبا ما تكون نفسية، وقد كان هذا الكتاب تكريمًا لشخصية بارتلبي من رواية "بارتلبي النساخ"
من أشهَرِ البارتلبيون هو خوان رولفو ورائعتُه "بيدروا بارام" حيثُ يقول "كنتُ كما لو أنَّ شخصًا كان يُمليني بلغتةً، تخطر لي أفكار فأدونُها"
رواية رائعة تشرح وباء هَجرِ الكتابة وتدمج ما بين المتنِ الحكائي للبطل المُنعزل عن عالمه وبين تقَصيه لِآثارِ مماثليه في الأدب العالمي.
الحقيقة كهف في الجبال السوداء، نيل جايمان
أظن أننا دخلنا لعالم القراءة بقصص مصورة وأظن أننا نتذكر حالنا ونحن نلاحق المجلات الأسبوعية ذات القصص المصورة ولهذا السبب لربما لدينا ولع بقصص "المانجا اليابانية".
يأخذنا نيل جايمان عبر حكاية تعيدنا لطفولتنا لكن بحقيقة الحياة الكبيرة، نذهب في رحلة للجبال، و كما يقولون من يتسلق الجبل عليه أن يعرف أهلها. تشدنا القصة للنهاية لنكون في دهشة حتى لا نحكم على الأمور دون إدراك بواطنها، لنكون في قناعة و لنتعلم الصفح والغفران.
قوة الفرح، فريدريك لونوار
يخبرنا لونوار في صفحات هذا الكتاب عن الفرح، وعن الفرق بينه وبين السعادة واللذة اللحظية، لكن بأسلوبٍ فلسفيّ ومن وجهة نظر بعض عظماء الفلسفة.
يتطرق لونوار لعدّة أمور ليطلعنا من خلالها على كيفية تحقيق الفرح الكامل؛ مثل الحضور، والثقة، وانفتاح القلب، والمثابرة في الجهد وغيرها، مع إيضاح أنّ الوصول إلى الفرح الكامل ما هو إلّا رحلة طويلة، ولا يحصل بين ليلةٍ وضحاها.
كتاب ممتع وبسيط، ومُفرحٌ كاسمه تمامًا.
الرجل الذي حسب زوجته قبعة، أوليفر ساكس
"إذا فقد رجُلًا رِجْلًا أو عينًا، فهو يعرف أنّه فقد رِجْلًا أو عينًا، ولكن إذا فقد نفسًا-نفسه- فليس بإمكانه أن يعرف ذلك، لأنه لم يعد موجودًا هناك ليعرف."
يأخذنا هذا الكتاب بعنوانه الغريب ومحتواه الأغرب برحلةٍ لعلم الأعصاب والأمراض العصبية.
يتطرّق ساكس -وهو طبيب أعصاب- عبر هذا الكتاب إلى أغرب الحالات التي مرت به خلال مسيرته العملية، بالبداية يحدّثنا عن تاريخ اكتشاف علم النفس العصبي وتطوّره. ثم يأخذنا للمحور الذي يلتفّ حوله هذا الكتاب ألا وهو الفقد، إذ تشترك جميع الحالات التي ذكرها بفقدانها لجزءٍ معيّنٍ من الدماغ أو من الجهاز العصبي، ما أدّى إلى تولّد هذه الأمراض العصبية النفسية العجيبة.
تجبرنا هذه الأسطر التي خطّها ساكس على التأمل والتمعّن بالنعم التي أنعمها بارينا علينا، إذ إنّ تمييز الأشكال، والشعور بأجزاء جسدنا المختلفة والقدرة على استخدامها، والاتّزان العقلي والنفسي، والتعرّف على الوجوه، والذاكرة وغيرها، كلّها نِعَم عظيمة تستحق أنّ نحمد الله عزّ وجلّ عليها ما حيينا.
لا تقولي إنك خائفة، جوزبه كاتوتسيلا
يروي لنا كاتوتسيلا حياة سامية عمر، العدّاءة الصومالية، التي حلمت بأن تكون إحدى الرائدات في مجال تحرير المرأة في الصومال، والتي بدأت منذ صغرها بالسعي والاجتهاد للنجاح، ولتقديم الانتصارات لبلدها لترفع اسمه عاليًا، بلدها الذي لم يُقدّم لها سوى الحرب، والقتل، والظلم، والاستبداد، والألم، والتطرّف، والتمييز.
كما يكشف لنا عن الكثير من المشاعر المؤلمة التي باتت تلاحقها خلال مسيرتها، كالخوف، والفقد، إلى تعرّضها للاستهزاء، وانتهاءً بانعدام الإنسانية والاستغلال والمهانة التي قاستها أثناء هجرتها لتحقيق حلمها. عزيمة سامية اتسعت لما هو أعظم من تلك المشاعر، الأمر الذي لم يُثنها عن المُضيّ قدمًا، ولكنّ الحياة لم تكن لتتسع لحلمها.
سامية التي كانت تُسرّي عن نفسها عندما يتملكها الخوف بالطريقة التي علّمها إياها والدها "لا تقولي إنّك خائفة"، لم تعد لتخف، فقد سلبت منها الحياة خوفها، وألمها، وسلبت منّا سامية.
في حضرة العنقاء والخل الوفي، إسماعيل فهد إسماعيل
رسالة مسافرة عبر الزمن من أب لإبنةٍ من صلبه لم يرها أبداً بسبب ظلم وأنانية من وثق بها وأحبها. وضع فيها جلّ مشاعره وأحاسيسه الصادقة آملاً أن تصل لابنته صورة والدها المناضل الذي ظُلم بسبب عدم حيازته أوراقًا ثبوتية، والتي حرمته من أبسط حقوقه كإنسان. من يعايش الحرب والاحتلال ليس كمن يقرأ عنها، حاول منسي أن يوصل صورة الاحتلال بوجهها الكامل الواضح وما وقع عليه من ظلم في تلك الفترة التي امتدت من صيف ١٩٩٠ إلى شتاء ١٩٩١.
مشاعر كثيرة احتشدت في عمل واحد؛ ضياع، وأسى، وحسرة، وحب، وأمل، وحقد والكثير الكثير من الظلم والأنانية .. منسي.. هل كان منسياً بالاسم فقط ؟ لا بل بالهوية والشخصية .. ذنبه أنه "بدون" على الرغم من وطنيته وحبه وانتمائه لبلده وأرضه الكويت.
عمل صعب وفريد من نوعه، يتركك شارد الذهن تُقاسي مشاعر الألم والحزن، إلى أن تلمح بصيص الأمل في نهاية الطريق.
العقل الذي وجد نفسه، كليفورد ويتنجام بيريز
في هذا الكتاب تعرية لطغيان المنظومات المختصة بعلاج المرض العقلي، بقلم المريض نفسه؛ الامر الذي يدفعنا للتعامل مع الكتاب بوصفه وثيقة تؤكد على هيمنة المؤسسات الصحية وقلة الرعاية والاستبداد الذي يواجهه المريض في المستشفى.
تجربة ينبغي تدريسها في الجامعات و اتخاذها معياراً في الرقابة على هذه المؤسسات في كل مكان بالعالم فالجحيم هو الجحيم نفسه في جميع أنحاء العالم، والجحيم أيضًا هو مجموعة كبيرة من التفاصيل الكريهة وعلى أيةِ حال هذا ما يكون عليه مستشفى المجانين.
على الرغم من كونه كتاب كتب بِجنون كاتبه إلا أن يقين كليفورد في قدرته على التغيير على الرغم من قلة الإمكانات المتاحة له والكره الذي حظي به دونًا عن بقية المرضى كان مثيرًا للإعجاب، إلى جانب قدرته على وصف مشاعره وصفًا دقيقًا، وأسلوبه الواضح في الكتابة الذي جعل من قراءة رغبته في كتابة الكتاب أمراً مرئيًا للقرّاء، بينما يعجز الكثير من العقلاء عن كتابة كتاب مفهوم وممتع بمثابة هذا الكتاب!
يقول الكاتب "لقد حملتُ عبء إثبات تعقلي على عاتقي" و أنا بِتُ متأكدة أن كليفورد كان في حالةٍ من الانهيارِ العصبي لا أكثر لكن مرُضه العقلي هوَ صنيعةِ المسؤولين الذين وضع تحت أيديهم، فإذا كان هذا هو الجنون فكليفورد بيريز هو اعقل مجنون".
وإذا كان هذا العمل قد خرج من أنامل مجنون فأنا أتوقُ لمعرفة ما كان سيكتُبه بيريز لو كان في كامل صحته العقلية.
كائن لا تحتمل خفته، ميلان كونديرا
"الزمن الإنساني لا يسير في شكل دائري بل يتقدم في خط مستقيم، من هنا، لا يمكن للإنسان أن يكون سعيداً لأن السعادة رغبة في التكرار"
في هذا العمل مواجهة صريحة بين الخفةِ والثّقَل، صراعٌ بُدِءَ بِفكرةٍ طَرَحها نيتشه عن "العود الأبدي" وحتمية تكرار التاريخ، فيستعمل ميلان كونديرا شخصياته الأربعة لشرح فكرته المخالفة لفكرة نيتشه محاوِلًا إثبات عَكسها مِن خلال شخصيتيِّ "تيريزا" و"توماس"، فتيريزا التي تحملُ الثقل بداخل نفسها تعيش بِخفةٍ أكثر من توماس الذي أفرغَ نفسه من كافة المسؤوليات والإرتباطات التي قد تثقل قلبه اوتشغل عقلُه، لكنه على الرغم من ذلك هو أكثَرُ ثِقَلًا من تيريزا!
كيف؟ لا أدري! فكونديرا يَترِكُنا مع عددٍ مع الأسئلةِ الوجودية اللامُتناهية وبِدون إجابات واضِحة.
تأكدوا انكم على موعد مع كتاب غير اعتيادي ابدًا، ورواية لا تُشبِه أيًا مما قرأتم سابِقًا، جمعت بين طِباق في غلافٍ واحِد، تحدَّثت عن الحرب والشيوعية عن التنقُلِ والتردد عن كُلِ مرةٍ قُلنا فيها "ماذا لو؟".
حديث القمر، مصطفى صادق الرافعي
"إنما هي ثلاثة: المبدأ الشريف للنفس، والفكر السامي للعقل، والحب الطاهر للقلب؛ هذه هي معاني الكمال الإنساني"
واحد من أعمق ما كتب الرافعي، كتبه بطريقة رمزية على الرغم من أن عمره كان واحد وعشرون عامًا حين نظمه لحبيبةٍ التقاها في لبنان، تحدث فيه عن الحب والأدب، وخاطَبَها مناقشًا علل الشرق تجاه المرأة، تحدث عن شرف البكاء ونبله "فليس كل من عصر عينِيه قد بكى؛ إن البكاء أشرف من ذلك"، تتألَق بلاغة الرافعي في هذا الكتاب فنتناول من العربية أعذب الكلمات وتُثري مخيلتنا بمشاهد من وحي الطبيعة، لكن! بِوقعٍ مختلف على يد الرافعي.
السلام عليك يا صاحبي، أدهم شرقاوي
"ما نفع ركضك إذا كنت في الطريق الخطأ؟ عليك أن تعلم أن الإتجاه أهم من السرعة"
نسيجٌ من الخواطر والرسائل نسجه أدهم شرقاوي بخيوطٍ من النصائح ومقطتفات من التاريخ ليصنع من هذا النسيج وشاحًا تُدفئ بِه روحك وتواسي بردَها، هذا الكتاب من الكتب التي تأخذ بيدك خلال رحلتك بين صفحاتها فهو أشبه بتنفيس للكاتب عمّا أسره في خاطره، فيوجه لشخصٍ قيِّم على قلبه عِبر من دروس علمته إياها الحياة من خلال هذا الكتاب.
جميلةٌ هي تلك الفضفضة والبساطة بالطرح التي على الرغم من انها ليست بِجديدةٍ علينا؛ إلا أن المواساة تظلُ إحتياجًا لبني الإنسان من وقتٍ لِآخر، فكيفَ إن كانت المواساة من كتاب؟
أمي و أعرفها، أحمد طمليه
ماذا حدث لأولئك الذين أخرجوا قسراً، للذين قالوا بأن البعد يومان ربما، أسبوعان ،شهران، سنتان، ثم امتد ...
أتعلمون ما فعلوا؟ حملوا المفاتيح قلائد في أعناقهم وجلسوا عند عتبات الأبواب؛ لا مراقبة لأحد! إنما تطلعًا لنداء يقول إنه وقت العودة.
بنوا منازلهم ملاصقة سورًا لسور، بنوها غرفة صغيرة لضيق الوقت والحلم بالعودة، ثم بعد أن طال الانتظارعلمنا سبب فشل هندستها ليس جهلاً إنما أملا بالعودة.
تذكرنا كل اللذين نحبهم وسكنا جنباً إلى جنب، تشاركنا الدم وصحن الطعام والحكايا كل الحكايا، بكينا فقد عزيز وواسيناه.
الأمر ليس قصة سرد إنما قصة الأم التي فهمنا بعد زمن طويل لما أصرت على فعل كل ذلك.
إن كنتم تودون معرفة ما فعل الشتات وقصة البيوت، وأصالة المرء مهما صار حوله، عليكم بهذه الرواية التي تجدونها في رفوف مكتبة عبد الحميد شومان الأحب فرع المقابلين.
كتاب المخ، فيل دوبسون
لماذا تراودنا الأفكار الجيدة أثناء الإستحمام؟ ولم ننجز في ساعات معينة في يومنا أكثر من باقي اليوم؟ وكيف للضغوطات أن تؤثر على عقولنا وقراراتنا؟ وهل فهمنا لكيفية عمل أدمغتنا من الممكن أن يساعدنا في تغيير أسلوب حياتنا؟
كل هذه الأسئلة وأكثر يجيبنا عنها "كتاب المخ" لـ فيل دوبسون بأسلوبه المبسط وتمارينه العملية المرفقة مع كل فكرة يحاول إيصالها إلينا، ابتداءً من تدريبات لكيفية التعامل مع الضغوطات والإنتاجية والإبداع وحتى الذاكرة، وصولًا إلى برمجة المخ بالكامل ليصبح ذاك المستأجر الصغير الذي بين الأذنين تحت الخدمة والتصرف.
لا شك بأن هذا الكتاب غير كثيرًا من إدراكي لدور المخ وتفكيره وكيف يمكن أن يغير نمط حياتنا، ولا أخفي أيضا أن معرفة كل هذه المعلومات عن المخ كانت واحدة من أكثر الرحلات متعة وإثارة حقا.
أظن أن هذا الكتاب بطابعه العلمي الممزوج بالتنمية البشرية يمكن أن يكون منارة وافية لكل من راودته تلك التساؤلات التي ذكرتها في البداية.
كتاب بسيط جدًا، ينصح بقراءته مراتٍ ومرات.
البنت التي لا تحب اسمها، أليف شافاك
ساردونيا البنت التي لا تُحب اسمها، ساردونيا الفتاة المحبة للقراءة ذات الخيال الواسع والحالم ..
تُعيدنا صفحات الرواية لأيام الطفولة وقصص الطفولة، التي تحوي الكثير من القِيَم والعبر الجميلة جدًا. تطرح شفق في هذه القصة قضية التنمرّ ومدى تأثيرها في الأطفال. كما تُركّز فيها على أهمية القراءة، والتي عدتها بمثابة نور يضيء عالمنا، وأنّها سبب لازدهارنا وتقدمنا. من جانب آخر تُشير إلى أنّ عادة القراءة بدأت بالاندثار بين أوساط مجتمع الأطفال بسبب انتشار ألعاب الكمبيوتر وأجهرة الهاتف المحمول. وكما قيل: "لِيَلْعَبوا، لا مانعَ في ذلكَ، لَكِنْ لِيَقْرَأوا الكُتُبَ أيضًا، فالإنسانُ يَحْتاجُ إلى قُوَّةِ الخَيالِ، كما يَحْتاجُ إلى الخُبْزِ، وإلى الماءِ."
الدماغ، وما القدر الذي نحتاجه منه؟ أليكسيس ويليت، جينيفر بارنيت
لطالما تبادر إلى أذهاننا هذا السؤال؛ ما القدر الذي نستخدمه من الدماغ؟ هل حقًا نستخدم جزءًا صغيرًا فقط؟
يأخذنا هذا الكتاب الغني بالمعلومات في رحلة عبر طيّات الدماغ، وأسراره، وتناقضاته، طارحًا السؤال ما القدر الذي نحتاجه من الدماغ؟ متطرّقًا بذلك إلى عدّة جوانب بدءًا بمراحل تطوّر الدماغ منذ آلاف السنين حتى يومنا هذا، مرورًا بدور البيئة المحيطة في تشكيل أدمغتنا وتطورها، وتأثيرها السلبي في قدرة الدماغ وكفاءته. كما يشرح لنا سبب وجود اختلافات بين البشر على الرغم من امتلاكهم تركيبة الدماغ نفسها، بالإضافة إلى ذكر الفروقات بين أدمغة الذكور والإناث.
ويشرح لنا الكتاب عن الأمراض كمرض التوحد، وفيرنك-كورساكوف، وألزهايمر وغيرها، ومدى تأثيرها في قدرة الدماغ.
ويحدّثنا أيضًا عن عواقب فقد أجزاء معينة من الدماغ، مع الإشارة إلى أنّ الحياة تستمر بشكلٍ طبيعيّ نسبيًا لكن باختلاف السمات الشخصية الذي يحدث نتيجة هذا الفقد.
من جانب آخر تطرّق إلى الحديث عن إمكانية تعزيز قدرات الدماغ، سواءً بالأدوية أو بالعلاجات الأخرى كالتحفيز الكهربائي والمغناطيسي، وكيف من الممكن لتركيبة الدماغ أن تتغير وتتبدل عبر الزمن نتيجة لظهور التكنولوجيا في حياتنا، وغيرها الكثير من المعلومات المثيرة للاهتمام.