فيلم "فودكا بالليمون" هو ثالث أفلام المخرج الكردي العراقي المولد والمقيم في باريس هاينر سليم، الذي قام بإخراج الفيلم وشارك في كتابة السيناريو له مع الكاتبة السينمائية بيتريس بوليت وظهر فيه كممثل.
تقع أحداث فيلم "فودكا بالليمون" في قرية كردية جبلية نائية مغطاة بالثلوج في أرمينيا بعد استقلالها عن الاتحاد السوفييتي. وتدور القصة حول رجل أرمل اسمه حمو (الممثل روميك أفيفيان)، وهو رجل عسكري متقاعد لا يكفيه مرتبه التقاعدي الضئيل، مما يضطره إلى بيع ممتلكاته الشخصية لكي يتمكن من البقاء. وهو أب لثلاثة أبناء فاشلين أحدهم هاجر إلى فرنسا بحثا عن عمل. يستقل هذا الرجل الحافلة الوحيدة في القرية يوميا إلى المقبرة لزيارة قبر زوجته الراحلة ويتحدث إليها ويشكو لها حاله ومشاكله مع أبنائه. ويلمح أثناء زياراته المتكررة وجود أرملة اسمها نينا (الممثلة لالا سركيسيان) تأتي أيضا لزيارة قبر زوجها الراحل. ويتعرف الإثنان أثناء عودتهما في حافلة القرية التي يقودها رجل طيب يطربهم بغناء الأغاني الجميلة. وفي أحد الأيام يحصل الرجل على بعض المال بعد أن يبيع جهاز تلفزيونه ويعلم أن المرأة مدينة لسائق الحافلة بمبلغ من المال ويقوم بسداد المبلغ من جيبه الخاص.
وفي الوقت الذي يقوم فيه حمو ببيع ممتلكاته الشخصية في منزله نجد أن نينا تكافح في العمل في بار محلي اسمه فودكا ليمون مهدد بالإغلاق. وتبلغها ابنتها بأنها تعمل عازفة على البيانو وتعيش على إكراميات الزبائن في محل آخر، ولكنها تخفي في حقيقة الأمر حقيقة أنها تعمل كمومس وتعامل أسوأ معاملة من قبل زبائنها. وتصاب الأم والإبنة بالاكتئاب حين تفقد الأم وظيفتها وترغم على بيع البيانو الذي يشكل مصدر الجمال والمتعة الوحيد في حياتهما. إلا أن مصير البيانو ينتهي بمفاجأة في نهاية القصة حين تقرر نينيا وحمو ركوبه في رحلة شبه خيالية بدلا من بيعه.
يقدم المخرج هاينر سليم صورة كئيبة لحالة الفقر والبطالة المتفشية بين سكان القرية، ومعظمهم من المتقاعدين الذين يعيشون على مرتبات ضئيلة لا تكفي للعيش مما اضطر الكثيرين منهم لبيع ممتلكاتهم الشخصية لمجرد البقاء، على غرار ما يفعله الأرمل حمو. الرجال العاطلون عن العمل يتجمعون لشرب فودكا الليمون ويتحدثون عن الأيام الخوالي في ظل الاحتلال السوفييتي وعن مستقبلهم الكئيب. أما الشباب، فمنهم من هاجر إلى الخارج، ومنهم من بقي في القرية وتحولوا إلى أشخاص مستهترين وماجنين، كما تحولت بعض الشابات إلى مومسات.
يستخدم المخرج هاينر سليم أسلوب التصوير التسجيلي في فيلم "فودكا ليمون" الذي يقدم قصة غير عادية حول أثر الفقر المدقع على حياة الناس اليائسين الذين ليس لديهم خيارات كثيرة في هذه الحياة، ومع ذلك فإنهم يجدون لحظات سكينة وهدوء وحب في حياتهم. ويتميز الفيلم بتغلب تلك اللحظات الجميلة على الأوضاع المأساوية والكئيبة لأحداث الفيلم. ويذكّرنا أسلوب المخرج هاينر سليم الذي يجمع بين الصور الإنسانية والهزلية في الوقت نفسه بالأعمال السينمائية للمخرج الفنلندي أكي كوريسماكي والمخرج البوسني أمير كوتسوريكا. ويستخدم عنوان الفيلم "فودكا بالليمون" للتأكيد على قسوة حياة سكان القرية الذين يشربون فودكا الليمون لكي ينسوا همومهم، والتأكيد على الأمل حيث أنهم يشربون لكي يحتفلوا بالحياة، وأخيرا التأكيد على أن الأمور لا تبدو على حقيقتها، كما جاء على لسان إحدى شخصيات الفيلم "إنه يدعى فودكا ليمون ولكن طعمه يشبه اللوز".
ويبرز المخرج هاينر سليم أثر الثقافة الأرمينية والروسية على حياة الأكراد في أرمينيا، كانتشار شرب الفودكا. وهذا الفيلم هو واحد من سلسلة من الأفلام التي عالج فيها هذا المخرج موضوع حياة الأكراد في الغربة، بدءا بفيلمه الأول "تحيا العروس" (1997).
فاز فيلم "فودكا بالليمون" بثلاث جوائز في مهرجانات البندقية ومونز ونيوبورت بيتش السينمائية، كما رشح لجائزة أفضل فيلم في مهرجان بانكوك السينمائي.