فيلم "البعبع" (2009) هو باكورة أفلام المخرج التركي أتالاي تاسديكين الذي كتب سيناريو الفيلم أيضا، وهو أستاذ للفيزياء وعسكري سابق.
تستند أحداث قصة فيلم "البعبع" الذي تعرضه لجنة السينما في مؤسسة شومان مترجما للعربية إلى وقائع حقيقية تتعلق بمعاناة طفلين، هما أحمد ابن التاسعة وشقيقته عائشة ابنة الرابعة، اللذان يعيشان في قرية "قونية" التركية. يتولى أحمد رعاية شقيقته الصغرى رغم صغره في السن بعد وفاة والدتهما وزواج الأب كاظم من امرأة أخرى ترفض انتقال الطفلين معه، فيتحمل جدهما حسن المسن والمشلول مسؤولية رعايتهما وتربيتهما قدر المستطاع بعد أن تخلى والدهما عنهما كليا. ولا يقتصر الأب على التخلي عن طفليه وإهمالهما وعدم الالتفات إليهما عندما يراهما في الطريق، بل إنه يعامل ابنه أحمد بقسوة متناهية، وكثيرا ما تعرض أحمد للضرب من والده بسبب وشاية زوجة الأب وابنها.
يقوم أحمد رغم صغره في السن بدور الأخ الأكبر والأب والأم والمعلم والمثل الأعلى لشقيقته عائشة. فهو يرعاها ويلعب معها ويخدمها بتفان ولا يفارقها، ويعدّ الطعام لها ولجدها، ويتحمل الصعاب بجلد وصبر بشكل يتجاوز عمره.
ويدرك الجد صعوبة مهمته، خاصة بسبب حالته الصحية، فيحاول أن يضم الطفلين لحضانة ابنته فاطمة، عمة الطفلين وشقيقة والدهما، التي تعيش في ألمانيا، لكي ينتقلا ويعيشا معها في ألمانيا. إلا أن والد الطفلين يتصرف بنذالته المعتادة ويرفض التنازل عن حضانة الطفلين إلى أن يدفع له الجد جزءا من دخله التقاعدي البسيط. ومع ذلك فإن عملية الحضانة تمنى بالفشل. وعندئذ يجد الجد نفسه مجبرا على إرسال الطفلة عائشة لتعيش مع عائلة ثرية ترعى البنات الصغيرات مقابل قيامهن بأعمال منزلية، فيما يكلف الطفل أحمد بعمل لكي يكون بعيدا عن شقيقته.
يقدّم فيلم "البعبع" قصة واقعية رقيقة تدخل القلب، ويفتح الفيلم الأبواب على الأوضاع الإنسانية العالمية أمام عيون المشاهدين بلمساته الإنسانية، معززا بأسلوب تصويره البسيط المؤثر. ويلقي الفيلم الذي صوّر في مواقع الأحداث نظرة واقعية على طبيعة الحياة في قرية تركية بسيطة. ويتميز فيلم "البعبع" بالأداء العفوي للطفلين محمد بلبل وإيليف بلبل في دوري أحمد وعائشة، وهما ابنا عم تربط بينهما صلة قرابة ودية طبيعية أسهمت في أدائهما العفوي الطبيعي.
عرض فيلم "البعبع" في عشرة مهرجانات سينمائية دولية شملت مهرجان برلين السينمائي الدولي، وفاز الفيلم بأربع جوائز سينمائية شملت جائزتي الجمهور وأفضل فيلم في مهرجان نورمبيرج السينمائي "تركيا – ألمانيا" وجائزة الجمهور في مهرجان فيرزبيرج السينمائي الدولي بألمانيا وجائزة أفضل فيلم في مهرجان نويفا ميرادا بالأرجنتبين.