في هذا الفيلم الذي تعرضه لجنة السينما في مؤسسة شومان توظف المخرجة الاصغر سنا بين مخرجي الصين الحاليين - ولدت سنة 1983 - جماليات المكان الذي ولدت وتربت فيه وكذلك الموروث الشعبي الحضاري لسكان تلك المنطقة كإطار لقصة إنسانية بسيطة.
لم يكن توظيف المخرجة للمكان والتراث فجا وإنما تميز بسلاسة ونعومة تتناسب مع موضوع الفيلم وتشد المشاهد مع إننا نلاحظ من خلال الحوارات اعتداد المخرجة بالحس الإنساني الذي يسيطر على سكان تلك القرية النائية في احد اقاليم الصين - اقليم قوينتشو حيث تعيش قومية مياو.
يتميز الفيلم بايقاعه الهاديء فبعد ظهور اسماء العاملين في الفيلم تتحرك الكاميرا بشكل افقي تمسح قمم جبال عالية رائعة يصاحب هذا موسيقى رقيقة تعزف على مزمار يصنعه السكان بأيديهم.
بعد ذلك تتابع الكاميرا طفلين يركضان بين الاشجار والمياه : فتاة صغيرة وطفل اصغر منها وفجأة يجدان امرأة ملقاة في الوحل غائبة عن الوعي. يركض الصغيران بعفوية لاحضار والدهما الذي يحمل المرأة لمنزله ويستدعي طبيب القرية الذي يعالجها باسلوبه الطبي البدائي الذي ورثه عن ابائه والذي تلعب الاسطورة والمعتقدات دورا رئيسا فيه بالإضافة للجانب النفسي.
بعد شفاء المراة ومن حديثها مع من حولها نعرف انها رسامة فرنسية تعاني من مرض صعب الشفاء كما قرر الاطباء في بلدها وان موتها قادم لا محالة فتقرر ان تغادر بلدها وتلف حول العالم ويحصل اغماؤها وسقوطها غائبة عن الوعي في هذه المنطقة من الصين. كان تعامل سكان تلك المنطقة مع الرسامة الفرنسية انسانيا وربما كان هذا التعامل اكسيرا منحها حياة جديدة.
حوارات كثيرة جرت بين الفنانة التي جاءت من حضارة تختلف تماما عن حضارة موغلة في القدم . هذه الحوارات كانت متوترة في البداية الا ان الجانب الإنساني عند أولئك القرويين البسطاء استوعب تلك الفنانة فعاشت بقية عمرها هناك ... إن استفادة المخرجة من المكان وجمال ملابس سكانه المتعددة الالوان والزخارف وكذلك موسيقاهم ودفء تعاملهم مع انسانة فنانة يوصل لنا رسالة لا تقتصر على حدث مر في تلك القرية الصينية وانما يتعداها لتبين ان العواطف الانسانية الصادقة ودفؤها تلعب دورا رئيسيا في مواجهة قسوة الحياة.
الفيلم يعرض مترجما للعربية.
سينمائيا تميز الفيلم بإيقاعه الذي يتناسب مع موضوعه وقد لعب المونتاج دورا مهما في هذا الايقاع بالاضافة للتصوير الذي اعتمد على الحركة الافقية في تصوير الجبال العالية التي تكللها الغيوم في الانتقال بين المشاهد ... كثير من مشاهد الفيلم التي تركز على واحد من ممثليه أو أكثر و كانت تعرض بالحركة البطيئة للفيلم تبدو كلوحات خلابة مؤطرة تم ربطها مع بعضها بروعة انتجت فيلما مؤثرا.