فيلم "فهرنهايت 451" (1966) الذي تعرضه لجنة السينما في مؤسسة شومان هو الفيلم الروائي الطويل العاشر للمخرج الفرنسي الشهير فرانسوا تروفو رائد الموجة الجديدة في السينما الفرنسية في أواخر خمسينيات القرن الماضي، وهو فنان متعدد المواهب جمع بين الإخراج والإنتاج والتأليف والتمثيل السينمائي، وهو أكثر المخرجين الفرنسيين شعبية ونجاحا. والفيلم يعرض مترجما للعربية.
يستند فيلم "فهرنهايت 451" إلى سيناريو اشترك المخرج فرانسوا تروفو في كتابته مع الكاتب السينمائي جان – لوي ريتشارد، وإلى حوار إضافي للكاتبين السينمائيين ديفيد ردكين وهيلين سكوت. وقصة هذا الفيلم مبنية على رواية للكاتب الأميركي راي برادبيري صدرت في العام 1953 وتحمل العنوان نفسه. وهذا الكاتب متخصص في روايات الخيال العلمي التي ترجمت إلى أكثر من 40 لغة وبيع منها ملايين النسخ واستندت إليها عشرات الأفلام السينمائية. وقد توفي هذا الكاتب في العام 2012 في سن 91 سنة.
فيلم "فهرنهايت 415" هو فيلم المخرج فرانسوا تروفوو الوحيد الناطق باللغة الإنجليزية، وأول فيلم له بالألوان الطبيعية. ويستمد فيلم "فهرنهايت 451" عنوانه من درجة الحرارة المفترضة لاحتراق الكتب وغيرها من المواد المطبوعة. وتدور أحداث قصة الفيلم في دولة دكتاتورية استبدادية تعيش في المستقبل تمنع فيها الكتب وجميع المواد المطبوعة من قبل الحكومة التي تخشى وجود شعب يتمتع بحرية الفكر. ويقوم رجال الإطفاء في هذا المجتمع بإحراق الكتب بجميع أنواعها والبحث عنها في المنازل وفي غيرها من الأماكن بغية إحراقها، بما في ذلك مجموعات الكتب التي يحتفظ بها المواطنون في مكتباتهم الخاصة، إذا ما أبلغ أحد ما السلطات بوجودها. الشخصيات المحورية في قصة الفيلم هم رجل الإطفاء جاي مونتاج (الممثل النمساوي أوسكار فيرنر) الذي يمارس عملية إحراق الكتب وزوجته ليندا التي تعيش ككثيرين من أفراد المجتمع حياة جهل وتخاذل ورضا تام، والمرأة كلاريس المغرمة بقراءة الكتب والاحتفاظ بها بعيدا عن أعين الحكومة، وتقوم بدور المرأتين الممثلة البريطانية جولي كريستي. ويكتشف رجل الإطفاء جاي مونتاج عالم الكتب ومتعة القراءة بعد أن يقع في حب كلاريس، ويبدأ بقراءة الكتب قبل إحراقها ويكتشف عالما جديدا، ونتيجة ذلك يبدأ بالتشكك في الدوافع الخفية للحكومة وراء إحراق الكتب. وعندما تكتشف السلطات أمر جاي مونتاج يتعين عليه أن يتخذ قرارا حاسما، فإما العودة إلى عمله وإحراق الكتب وإما الهرب والاختفاء، وهو يعلم عواقب ذلك إذا ما تم إلقاء القبض عليه. أما كلاريس فهي تضحي بحياتها في سبيل ولعها بالكتب. وينتهي الأمر بمونتاج وقد وصل إلى غابة بعيدة يحتمي فيها عاشقو الكتب الذين يحفظ كل منهم كتابا ما كأفضل وسيلة للحفاظ عن الكتب ومن ثم تلقينها للأجيال اللاحقة. وهذا المشهد الختامي يعتبر من أجمل مشاهد الفيلم.
يتميز فيلم "فهرنهايت "415 بقوة إخراجه على يد المخرج القدير فرانسوا تروفو وقوة أداء بطلي الفيلم أوسكار فيرنر وجولي كريستي، وبراعة التصوير والموسيقى التصويرية.
يشار إلى أن المخرج فرانسوا تروفو استبدل لائحة أسماء المشاركين في الفيلم، التي تتصدر الأفلام بصيغة مكتوبة عند عرضها على الشاشة، بتقديمها بدلا من ذلك بأصوات ناطقة، وذلك تأكيدا على حرق الكتب والمواد المطبوعة في قصة الفيلم.
رشح فيلم "فهرنهايت 451" لثلاث جوائز سينمائية شملت جائزة الأسد الذهبي من مهرجان البندقية السينمائي، وجائزة الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون لأفضل ممثلة للممثلة جولي كريستي، وجائزة أفضل سيناريو من جوائز هيوجو الأميركية المتخصصة بأفلام الخيال العلمي.
يشار إلى أن مخرج الأفلام التسجيلية الأميركي الشهير مايكل مور استمد عنوان فيلمه التسجيلي "فهرنهايت 9/11" (2004) من عنوان فيلم "فهرنهايت 451". ويستخدم المخرج مايكل مور درجة 9/11، وهو تاريخ الهجمات على مدينتي نيويورك وواشنطن في العام 2001، كدرجة الحرارة التي تحترق فيها الحرية في الولايات المتحدة.