فيلم "سحري" فيلم درامي قصير نسبيا يبلغ طوله 75 دقيقة من سنغافوره، وهو فيلم ناطق بلغة التاميل، والفيلم الروائي الخامس للمخرج إريك خو، الذي يشتمل رصيده السينمائي أيضا على الإنتاج والتأليف والتصوير وإخراج العديد من الأفلام القصيرة. وشارك هذا المخرج في كتابة سيناريو الفيلم مع الكاتب السينمائي كيم هوه وونج. وكان هذا الفيلم الممثل الرسمي لسنغافوره بين الأفلام الأجنبية المرشحة لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي في العام 2009. الفيلم يعرض مترجما للعربية والإنكليزية معا.
تدور أحداث قصة فيلم "سحري" حول علاقة الحب والكراهية بين أب وابنه. الأب فرانسيس رجل هندي ضخم الجثة يعيش في سنغافورة مع ابنه راجر، وهذا الأب رجل مهمل وسكير يقضي لياليه في شرب الخمر في النادي الليلي الذي يعمل فيه، حيث يعجز عن دفع ثمن الخمر الذي يشربه، ويشتبك أحيانا في عراك مع آخرين قبل أن يعود إلى منزله كل ليلة وهو يترنح من تأثير السكر، متوقعا من ابنه الصغير أن يعتني به بعد وصوله. الابن راج ابن العاشرة يستاء من تصرفات أبيه الذي يعتبره أبا فاشلا وفقد ثقته فيه، وهو يعتمد على نفسه ويتحمل المسؤولية وهو تلميذ مجتهد ومنظم ويساعد أقرانه في المدرسة في واجباتهم المدرسية مقابل تحصيل شيء من المال، وهو فتى ناضج بالنسبة لسنه الصغير. ويبدو إلى حد ما وجود تبادل للأدوار بين الأب والابن، حيث يقوم الابن بدور الأب وهو يلوم أباه ويعاتبه وينصحه.
وذات يوم يستفيق الأب فرانسس من سباته ويدرك أنه سيفقد ابنه الصغير إذا ما استمر في سلوكه اللامسؤول، ويقرر أنه لكي يستعيد دوره كأب وراع وحيد لابنه يتعين عليه أن يبحث عن عمل مثمر يناسب مؤهلاته وقدراته، ويعود إلى عمله السابق كساحر موهوب في النادي الليلي، حيث يقدم عروضه السحرية التي تجمع بين الحركات البسيطة والغريبة الخطيرة التي يتقاضى عليها أجرا متزايدا من رجال الأعمال الصينيين أصحاب النادي الليلي كلما ازدادت خطورة لجذب الزبائن. وتشتمل هذه الحركات الخطيرة على ابتلاع السيوف وأكل الزجاج وطعن أجزاء مختلفة من الجسم بآلات حادة.
يبدأ الفيلم بمشهد للأب في أحد المقاهي يشرب الكأس تلو الكأس إلى أن يسيطر عليه السكر. إنه رجل ضخم الجثة يبدو في مظهره الخارجي أقرب ما يكون إلى الوحش البشري، وهو سيبدو كذلك أيضا في العديد من مشاهد الفيلم التي يمارس فيها ألعابا خطرة للغاية و مؤذية، وحينما يعود إلى البيت يرتمي على الأرض وينام بعد أن يكون قد تقيأ، حيث يقوم الابن بالاعتناء بوالده عندما يجده على هذا الحال في الصباح، هكذا تبدو العلاقة بين الأب والاب معكوسة إذ يقوم الابن بالعناية بالأب. يركز الفيلم على هذه العلاقة ما بين الأب والابن والتي يبدو فيها الأب أحيانا رجلا طيبا حنونا و أحيانا أخرى مجرد مدمن؟
يقدم الفيلم العديد من المشاهد القاسية التي يقوم فيها الساحر،في سبيل المال، بتنفيذ حركات مؤذية ومنها غرز ابره طويلة في ذراعه دون أن تسقط منه نقطة دم ومنها أيضا حينما يلتهم الزجاج وكأنه يلتهم قطعة خبز أو حين يوافق على أن يعلقه صاحب مقهى من ذراعيه فيحتمل الألم مقابل أن يحصل على بعض المال، يقدم الفيلم في نهاية المطاف صورة مؤثرة جدا عن الشقاء الإنساني.
ويستخدم المخرج إريك خو العروض السحرية الخطيرة في الفيلم للتأكيد على ما لها من تأثير على مشاعر المشاهدين. ومع أن العروض السحرية تهدف عادة إلى إبهار المشاهدين، لا أن تدب فيهم الذعر، فإن المخرج إريك خو يؤكد في الفيلم على تداخل العروض الترفيهية والألم لدى الطبقة العاملة في اقتصاد السوق الذي تشكل سنغافوره جزءا منه.
عرض فيلم "سحري" في ستة مهرجانات سينمائية هي مهرجانات كان وطوكيو وريو دي جانيرو والأفلام الآسيوية الأولى في سنغافوره وجينت الهولندي وسينمانيلا الفلبيني. ورشح الفيلم لثلاث جوائز سينمائية وفاز باثنتين منها هما جائزة أفضل فيلم من مهرجان فرايبورج السينمائي الدولي السويسري وجائزة أفضل ممثل للممثل بوسكو فرانسس من مهرجان الأفلام الآسيوية الأولى، كما رشح لجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي، وهو أول فيلم من سنغافورة يحقق ذلك.