يعالج الفيلم الكوميدي الإيطالي الحديث"لدينا بابا" الذي تعرضه لجنة السينما في مؤسسة شومان مترجما للغتين العربية والإنكليزية، للمخرج ناني موريتي، الذي اشتهر بفيلمه"غرفة الابن" الحائز قبل بضع سنوات على الجائزة الذهبية من مهرجان كان، موضوعا حساسا تتطلب معالجته قدرا كافيا من حرية التعبير الفني. تنطلق حكاية من انتخاب بابا جديد للكنيسة الكاثوليكية من قبل مجمع الكرادلة في الفاتيكان. ويصور الفيلم نماذج من الحياة اليومية الداخلية لرجال الدين المقيمين في الفاتيكان خارج أوقات الطقوس والمراسم الدينية. على الرغم من الطابع الكوميدي للفيلم فإن المخرج ينجح في تفادي الإسفاف والمشاهد الرخيصة والمسيئة بما قد يؤدي إلى موجة من الاحتجاجات على الفيلم كما يحصل عادة للأفلام التي تعالج مواضيع تتعلق برجال الدين ورموزه. يركز الفيلم على الجانب الإنساني المحض من شخصياته دون الجوانب الدينية، مع أن غالبية أحداث الفيلم مصورة داخل مجمع الفاتيكان.
يبدأ الفيلم بمشهد مهيب يستعرض مسيرة الكرادلة وهم يشيعون البابا الذي رحل عن العالم. الكرادلة جميعهم طاعنون في السن ينتمون إلى مختلف الجنسيات أفارقة، آسيويون اوروبيون، لا تينيون. في المشهد اللاحق نتابعهم وهم في إحدى القاعات داخل الفاتيكان حيث سيتوجب عليهم الاعتكاف داخلها والانقطاع عن العالم ما يلزم من زمن إلى أن يتمكنوا من انتخاب بابا روما الجديد، وهو أمر يتم إعلانه في العادة للملأ عن طريق تصاعد الدخان الأبيض من مدخنة المبنى. تبدأ الكوميديا في الفيلم من مشهد اجتماع الكرادلة الذين تستعرضهم الكاميرا واحدا تلو الآخر وهم يمسكون أوراق الاقتراع ويترددون في اختيار المرشح المناسب وكل منهم يدعو الله في سره أن لا يتم اختياره وانتخابه بحجة انه لا يستحق هذا المنصب. من الواضح أنهم يعرفون أن المسؤولية الملقاة على عاتق البابا جسيمة وأنهم يخشون تحملها.
بعد عدة عمليات اقتراع حيث نتعرف على وجوه و أسماء المرشحين الرئيسيين يتضح أننا أمام طريق مسدود. أخيرا يجري اقتراع حاسم إذ صوّت جميع الكرادلة على مرشح واحد:"ميلفيل... ميلفيل...ميلفيل" هكذا تم انتخاب البابا بإرادة إلهية وانطلق الدخان الأبيض من مدخنة المبنى.
تركز الكاميرا على ميلفيل( يلعب دوره الممثل الفرنسي القدير ميشيل بيكوليه)، وهو رجل عجوز أصابه الرعب بعد أن جرى التصويت على اسمه فغرق داخل ثوبه وجلس متجمدا فوق مقعده. إنه البابا الجديد الذي سيكون لزاما عليه أن ينهض و أن يتوجه مع مرافقيه نحو الشرفة المطلة على ساحة الكنيسة حيث يحتشد الآلاف من المؤمنين، ليجري التصريح باسمه ولكي يقوم بإلقاء خطابه الأول. يقف البابا على الشرفة ينظر نحو الحشود ثم يدير ظهره ويندفع هاربا باتجاه القاعة.
داخل القاعة تتجه العيون نحو ميلفيل الغارق في مقعده ويداه تغطيان وجهه. إنه، ببساطة لا يستطيع تقبل المنصب، يرجوهم أن يسامحوه وان يقبلوا قراره. لكن هذا لسوء الحظ غير ممكن. تجلت إرادة الله من خلال الكرادلة وهم ليسوا في موقع يسمح لهم بإلغائها. يحث مسؤولو الفاتيكان ميلفيل على أن يأخذ قسطا من الراحة داخل غرفته الخاصة كي يستجمع نفسه. تمر الأيام دون أن تتغير حالة البابا الجديد والذي لم يعلن بعد عن اسمه للحشود المنتظرة في الساحة. أخيرا يقرر المسؤولون عرض البابا الجديد على طبيب نفسي ويحضروا له أفضل طبيب نفسي في إيطاليا(يلعب دوره المخرج ناني موريتي).
أثناء إحدى الزيارات لعيادة الطبيب النفسي يتمكن ميلفيل من الهرب من مرافقيه والاختفاء في شوارع روما ثم يتمكن من اقتناء ملابس مدنية بدلا عن ملابسه الكهنوتية الرسمية واستئجار غرفة في أحد الفنادق.
فيما يستمر البحث عن ميلفيل من قبل مسؤولي الفاتيكان. وفيما يقضي بقية الكرادلة وقتهم في لعب الورق أو كرة الطائرة ومعهم الطبيب النفسي الذي منع من الخروج من المجمع، يتجول ميلفيل متخفيا في شوارع روما ويلتقي بكل أنواع البشر مستمتعا بمباهج الحياة اليومية التي لم يعشها لسنوات عديدة. في شبابه كان ميلفيل يعشق المسرح و يحلم بان يصبح ممثلا، وها هو الآن أثناء تجواله في روما يلتقي مع فرقة مسرحية ويتعرف على أفرادها ويراقب تدريباتها ويحضر عرض مسرحية انطون تشيكوف" الخال فانيا"مستعيدا حلم شبابه الذي لم يتحقق.
بعد جهود مكثفة يتمكن مسؤولو الفاتيكان من العثور على ميلفيل وإحضاره إلى الفاتيكان وإلباسه رداء البابا الرسمي ثم جره إلى الشرفة كي يلقي خطابه الذي ينتظره المؤمنون في كافة أرجاء العالم.