فيلم "الشيخ والبحر" (1958) ، من إخراج المخرج الأميركي المخضرم جون ستيرجيس. ويستند سيناريو الفيلم للكاتب السينمائي بيتر فيرتيل إلى رواية للكاتب الأميركي الشهير إرنيست همنجواي قام بتأليفها في كوبا التي كان يقيم فيها في العام 1951 ونشرت في العام 1952. وتعدّ هذه الرواية واحدة من أشهر روايات إرنيست همنجواي، وفاز عنها بحائزة بيوليتزر الأميركية المرموقة في العام 1953. واستشهدت لجنة نوبل بأهمية هذه الرواية عند منحها جائزة نوبل في الأدب لإرنيست همنجواي في العام 1954.
الشخصية المحورية في فيلم "الشيخ والبحر" هو صياد السمك الكوبي العجوز سانتياجو (الممثل سبنسر تريسي) الذي يصارع سمكة ضخمة في عرض البحر من زورقه الصغير بعد أن مضى 84 يوما دون أن يحالفه الحظ بصيد سمكة كبيرة واحدة، فيما نجح غيره من الصيادين في صيد الأسماك الكبيرة، حتى أنه أصبح أضحوكة في نظر الصيادين الآخرين والسكان المحليين، وأن والدي الصبي مانولي (الممثل الطفل فيليبي بازوس) الذي كان يساعده خلال رحلات الصيد منعاه من الإبحار معه بعد فشله لكي يعمل مع غيره من الصيادين. إلا أن هذا الصبي المخلص واصل زيارة الصياد سانتياجو في كوخه كل مساء ومساعدته وجلب الطعام له. ويقرر الصياد سانتياجو الإبحار شمالا في عمق البحر ويحالفه الحظ حين تعلق خيوطه بسمكة ضخمة الحجم أكبر من حجم قاربه المتواضع، حتى أن السمكة تشد القارب إلى عرض البحر. وخلال فترة صراع الصياد مع السمكة الضخمة يستغرق في ذكريات الماضي وما حققه من إنجازات وأهم المحطات في حياته. ويعود الصياد إلى الشاطىء بعد صراع مع السمكة على مدى ثلاثة أيام تتعرض خلالها السمكة لهجمات أسماك القرش الشرسة التي تلتهمها ولا يبقى منها سوى هيكل عظمي بعد أن يقتل الصياد عددا من أسماك القرش. وعند وصول الصياد قبل الفجر يترك الهيكل العظمي للسمكة على الشاطىء ليكون فرجة للناظرين ويعود إلى منزله ليخلد للراحة.
يقدّم فيلم "الشيخ والبحر" صيغة واقعية للرواية الأصلية التي استند إليها، علما بأن الكثيرين كانوا يعتقدون أن هذه الرواية لا تصلح للتحويل إلى فيلم سينمائي، لأنها تعتمد أساسا على أفكار وتأملات بطل القصة، وتختلف اختلافا كبيرا عن روايات إرنيست همنجواي الأخرى التي تحولت إلى أفلام ناجحة للغاية بفضل الشخصيات المشوقة الكثيرة والأحداث المثيرة التي تخللتها. ويعتمد فيلم "الشيخ والبحر" أساسا على ما يدور في رأس الصياد العجوز وهو يصارع الأمواج بحثا عن سمكة كبيرة. ويصور الفيلم الصراع بين الإنسان وقوى الطبيعة، ويظهر قوة الإنسان وتصميمه على نيل أهدافه. ويتميز الفيلم بقوة إخراجه على يد المخرج جون ستيرجيس وبتجسيد الممثل سبنسر تريسي الواقعي لشخصية الصياد العجوز. وهذا الممثل حائز على اثنتين من جوائز الأوسكار، وهو واحد من أقدر الممثلين في تاريخ هوليوود.
وفاز فيلم "الشيخ والبحر" بسبع جوائز سينمائية بينها جائزة الأوسكار لأفضل موسيقى تصويرية وثلاث جوائز من المجلس القومي الأميركي لاستعراض الأفلام السينمائية لأفضل ممثل وفيلم وضمن أفضل عشرة من أفلام العام 1958. وتم تصوير مشاهد هذا الفيلم في عدة دول هي كوبا وكولمبيا والإكوادور وبنما وبيرو وجزر البهاما وولاية هاوايي، بالإضافة إلى أستوديوهات هوليوود.
يشار إلى أن روايات وقصص الكاتب إرنيست همنجواي تحولت إلى 67 فيلما سينمائيا ومسلسلا تلفزيونيا، مما يضعه في مصاف أكثر الكتّاب الذين تحولت مؤلفاتهم إلى أعمال سينمائية وتلفزيونية. وتحول عدد من رواياته وقصصه القصيرة إلى عدة أفلام، فقد قدمت رواية "الشيخ والبحر" أيضا في فيلم تلفزيوني وفي فيلم قصير، كما قدمت قصته القصيرة "القتلة" في ستة أعمال سينمائية وتلفزيونية. وبلغ عدد مؤلفات إرنيست همنجواي 89 عملا ما بين روايات طويلة وقصيرة وقصص قصيرة ودواوين شعر، بالإضافة إلى مسرحية واحدة. ونشرت عشرون من كتبه وصدرت أفلام عديدة مبنية على أعماله بعد وفاته في العام 1961.
يعرض الفيلم مترجما للعربية.
,