فيلم "موندو" (1995) فيلم فرنسي درامي من إخراج وسيناريو المخرج والكاتب السينمائي الفرنسي توني جاتليف، وهو جزائري غجري الأصل اسمه الأصلي ميشيل دحماني. ويستند سيناريو الفيلم إلى قصة للكاتب الفرنسي جون – ماري لي كليزيو، وهي القصة الأولى لهذا الكاتب من مجموعة قصص تتعلق بالأطفال.
وتقع أحداث فيلم "موندو" في مدينة نيس الساحلية الفرنسية في خمسينيات القرن الماضي، والشخصية المحورية في قصة الفيلم هو الفتى "موندو" ابن العشر سنوات (الطفل أوفيديو بالان، وهو غجري روماني). ونتعرف على "موندو" كفتى متشرد لا ينتمي لأسرة وليس له ماض أو شيء يتذكره ولا يملك شيئا، كما لا يتمتع بأي مهارة سوى ابتسامته العريضة وروحه المرحة التي تسحر الغرباء وتفتح له قلوبهم، وهو يتجول في شوارع المدينة ويعرض نفسه للتبني. ويتمتع "موندو" بمقدرة طبيعية على استعطاف الغرباء بحثا عن الطعام ويقيم علاقات ودية مع عدد من الأشخاص، وبينهم صياد عطوف يعلّمه كتابة أحرف اسمه ومتسول يملك حمامتين يروي له القصص وبائعة في مخبز تقدم له قطع الخبز ويعرّفه على ساحر متجول في الشوارع يقوم الفتى بمساعدته، ثم يلقى هذا الفتى مساعدة من امرأة عجوز فيتنامية طيبة وحكيمة تقوم باحتضانه. كما يتمتع هذا الفتى بمقدرة طبيعية على التهرب من رجال الأمن وتجنب الأشخاص الشريرين. تعثر السلطات المحلية على موندو وتحتجزه في قسم للرعاية إلا انه يهرب. يختفي موندو عن الأنظار في النهاية ولا يعرف أحد مصيره، غير ان اختفاءه سيترك بعده فراغا وسينعكس على مصائر من كان يتعامل معهم. لا توجد قصة بالمعنى الحقيقي في الفيلم غنما هو مصنوع في شكل يمكن وصفه بالقصيدة السينمائية الخالصة.
ويتميز فيلم "موندو" بقوة إخراجه على يد المخرج المتمرس توني جاتليف الذي ينجح في تقديم عرض لحياة موندو والأشخاص من حوله بواقعية مؤثرة ويشعر المشاهد بالتعاطف مع الأشخاص المشردين والمنبوذين. كما يتميز الفيلم بقوة الأداء الواقعي والمؤثر لبطل الفيلم الطفل أوفيديو بالان في باكورة أفلامه السينمائية وأداء الممثلين المساعدين، حيث يتحول التمثيل إلى مشاهدة أشخاص حقيقيين يعبرون عن مشاعر الحب والصداقة. وقد استخدم المخرج توني جاتليف ممثلين غير محترفين في هذا الفيلم، بمن فيهم بطل الفيلم أوفيديو بالان. كما يتميز الفيلم ببراعة وفاعلية التصوير على يد المصور الفرنسي إريك جويرشارد، خاصة أن الحوار في الفيلم يشتمل على القليل من الكلمات ويعتمد على الصور والتعبير عن المشاعر والحركات لعرض قصة إنسانية مؤثرة. ويقدّم فيلم "موندو" من خلال تجول الفتى موندو جولة للمشاهدين عبر شوارع ومعالم مدينة نيس الساحلية. وعرض فيلم "موندو" في مهرجانين سينمائيين هما مهرجان الأطفال السينمائي الدولي بشيكاغو الذي فاز فيه بجائزة التحكيم ومهرجان الأفلام الفرنسية باليابان.
يشار إن المخرج توني جاتليف كرّس معظم أفلامه لما يعرف بـ "سينما الغجر" التي تعرض حياة ومعاناة الغجر في فرنسا بشكل خاص وفي أوروبا بصورة عامة. ويشتمل الرصيد السينمائي لهذا المخرج على الفوز بثماني عشرة جائزة سينمائية بينها اثنتان من جوائز مهرجان كان السينمائي.