فيلم "وداعا يا وطني الحبيب" (1999) فيلم فرنسي يجمع بين الأفلام الكوميدية والجادة، وهو من إخراج المخرج الجورجي أوتار يوسيلياني، وهو كان احد أشهر مخرجي الحقبة السوفييتية المبدعين قبل أن يهاجر في أوائل السبعينيات إلى فرنسا، وهو كاتب سيناريو الفيلم ويظهر كممثل في الفيلم. وهذا المخرج حائز على العديد من الجوائز السينمائية، ومن ضمنها سبع من جوائز مهرجان البندقية (فينيسيا) السينمائي وثلاث من جوائز مهرجان برلين السينمائي الدولي وواحدة من جوائز مهرجان كان السينمائي.
تقع أحداث فيلم "وداعا يا وطني الحبيب" في مدينة باريس. والشخصيتان المحوريتان في الفيلم هما شابان أحدهما ينتمي لأسرة ثرية والآخر نشأ في بيئة فقيرة، وكلاهما يرفضان تراثهما الاجتماعي ويتظاهر كل منهما بشكل مخالف لحقيقته. الشاب الثري يعمل دون علم أسرته كغاسل صحون ومنظف نوافذ في مقهى بباريس ويصادق اللصوص ومشردي الشوارع. وهو يحب ابنة صاحب مقهى آخر، ولكنها تفضل الشاب الآخر، الذي رغم نشأته الفقيرة، يرتدي ملابس فاخرة يلتقط قطعها المرمية في حاويات في الشوارع، ويقود دراجة نارية ثمينة مستعارة للتمتع بقضاء وقته في باريس. وخلال لقاءاتهما المتكررة لا يعرف أي من هذين الشابين شيئا عن طبيعة أو خلفية الآخر. ووالدة الشاب الثري سيدة أعمال ناجحة تقتني في بيتها الفاخر طائر لقلق كبير، وتتنقل بمروحية لمتابعة سير أعمالها المتعددة، وتربطها علاقة غرامية بشريك في العمل. أما الأب ورب الأسرة، الذي يقوم بدوره مخرج الفيلم أوتار يوسيلياني، فهو رجل سكير وخفيف الظل، يعيش بصحبة كلب في خلوة بغرفته التي تمنعه زوجته من الخروج منها كي لا يلتقي بضيوفها. ويعزف رب الأسرة عن الاختلاط مع المجتمع ويكتفي بما حققه في حياته، إلى أن يستضيف ذات يوم مشردا سكيرا عجوزا .
يوجد في الفيلم العديد من الشخصيات، خاصة من الفئات المهمشة والمشردين والذين لا يمكن التنبؤ بتصرفاتهم. تشتمل أحداث قصة فيلم "وداعا يا وطني الحبيب" على سلسلة من المفارقات، فكل من شخصيات القصة الرئيسيين غير راض عن حياته وعما هو عليه ويرغب في أن يكون مثل الشخص الآخر الذي يريد بدوره أن يكون مثله، والعكس بالعكس. وتحاول هذه الشخصيات التهرب من مصيرها، ويسعى كل منهم لتحقيق أحلامه والتمسك بمواقفه. وليس في فيلم "وداعا يا وطني الحبيب" سوى القليل من الحوار، ويشتمل الفيلم على سلسلة من المشاهد التي تشكل مجتمعة قصة مترابطة، ويقدّم عرضا لشخصيات القصة مع التركيز على شخصيتي الشابين الثري والفقير. ويتميز الفيلم ببراعة التصوير وحركات الكاميرا المعبرة، وببراعة أداء الممثلين المغمورين بشكل عام.
عرض فيلم "وداعا يا وطني الحبيب" في تسعة مهرجانات سينمائية، بينها مهرجان كان، وفاز بجوائز في ثلاثة مهرجانات، هي جائزة الاتحاد الدولي لنقاد السينما في مهرجان جوائز السينما الأوروبية وجائزة نقاد السينما الإستونيين في مهرجان تالين الإستوني وجائزة مهرجان بري لوي ديلوك الفرنسي.