فيلم "بيبلي في بث حي" (2010) هو باكورة أفلام المخرجة الهندية أنوشا رزفي وأول فيلم تكتب له السيناريو، وهي إعلامية تلفزيونية متقاعدة. ويجمع هذا الفيلم بين الأفلام الكوميدية والساخرة والجادة. وتقع أحداث الفيلم في قرية بيبلي الهندية التي تحمل اسم الفيلم.
والشخصية المحورية في فيلم "بيبلي في بث حي" هو المزارع الفقير ناثا الذي يكافح مع شقيقه الأكبر بوذيا لإنقاذ أسرتهما من خسارة مزرعتها ومنزلها لتسديد الديون المتراكمة عليها للبنوك. يذهب ناثا وشقيقة لطلب المساعدة المالية من النائب في البرلمان عن المنطقة لكن النائب يصده، فيما ينصح ساخرا زعيم محلي ناثا بالانتحار لكي تستفيد أسرته بعد وفاته من برنامج حكومي يقدم المساعدة لأسر المزارعين المدينين الذين يقدمون على الانتحار. ويعرض ناثا الفكرة على شقيقه فيوافق. ويقوم الصحفي المحلي راكيش بنقل نبأ الانتحار المتوقع، وسرعان ما تتوجه وسائل الإعلام إلى قرية بيبلي لتغطيته، بمن في ذلك المذيعة التلفزيونية نانديتا مالك التي ترغب في تصوير حادث الانتحار. ويتعرض ناثا لضغوط من الأحزاب السياسية المتنافسة التي تعرض عليه المال مقابل عدم الانتحار، ويتحول ناثا إلى مركز الاهتمام في المنطقة بأسرها. كما يختطف ناثا من قبل الزعماء المحليين للحصول على فدية مقابل إطلاق سراحه. إلا أن الصحفي راكيش يكتشف مكانه، ويندفع ممثلو وسائل الإعلام وسكان قرية بيبلي لإنقاذ ناثا، إلا أن حريقا عرضيا يؤدي إلى مقتل الصحفي راكيش. وتعتقد السلطات بطريق الخطأ أن جثة راكيش هي جثة ناثا، وترفض دفع أي تعويض لأسرة ناثا لأن الوفاة نتجت عن حادث. ويختتم الفيلم بانتقال ناثا إلى بلدة أخرى، حيث نشاهده وهو يشتغل كعامل بناء.
تمكنت المخرجة والكاتبة السينمائية أنوشا رزفي في فيلم "بيبلي في بث حي"، أول أفلامها السينمائية، من استخدام قرية هندية صغيرة كنموذج للمجتمع الهندي في معالجتها الساخرة لمشاكل المجتمع وأوضاعه المعيشية، ودور وسائل الإعلام والسلطات والأحزاب السياسية في خدمة مصالحها الخاصة. فوسائل الإعلام مستعدة للتلاعب في عرض الأخبار وإهمال أو إبراز ما يخدم مصالحها، والسياسيون والأحزاب السياسية مستعدون لفعل أي شيء في سبيل خدمة مصالحهم والفوز بالانتخابات. وتتخلل أحداث الفيلم سلسلة من القصص الكوميدية القصيرة إلى جانب عرض قصة بطل الفيلم الذي يثير اهتمام وسائل الإعلام والمسؤولين والأحزاب السياسية الذين يرون فيه مصدرا لخدمة مصالحهم، دون الاهتمام بمصيره النهائي.
ويتميز فيلم "بيبلي في بث حي" بقوة الإخراج وسلاسة البناء السردي وواقعية الشخصيات والأحداث وبراعة الموسيقى التصويرية واستخدامه للأغاني كنوع من التعليق من خارج اللقطة يدل على مضمون الفيلم والتصوير. كما يتميز الفيلم بقوة أداء الممثلين، وفي مقدمتهم الممثل أومكار داس مانيكبوري الذي يعتمد في تجسيد شخصية بطل الفيلم ناثا على قوة التعبير والحركات أكثر من الاعتماد على الكلمات القليلة التي يلفظها.
وعرض فيلم "بيبلي في بث حي" في تسعة مهرجانات سينمائية، بينها مهرجان سندانس للأفلام المستقلة ومهرجانات إدنبيرج وميلبورن وساو باولو. وفاز هذا الفيلم بأربع جوائز سينمائية شملت جائزة أفضل مخرجة للمخرجة أنوشا رزفي من جوائز مهرجان تالين لليالي السوداء بإستونيا، وذلك تقديرا لاستخدامها الفعال للسخرية في تصوير القضايا الهندية الملحّة المعاصرة، وجائزة أفضل مخرج في فيلمه الأول من كل من مهرجان ديربان السينمائي الدولي وجائزة جولابودي سرينيفاس الهندية، وجائزة أفضل موسيقى تصويرية من جوائز السينما الآسيوية في مهرجان هونغ كونغ السينمائي الدولي. ورشح الفيلم لست جوائز سينمائية بينها جائزة مهرجان سندانس لأفضل فيلم درامي. كما مثّل فيلم "بيبلي في بث حي" الهند بين الأفلام المقدّمة من الدول المختلفة للترشيح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي، إلا أنه لم يفز بالترشيح لتلك الجائزة. وحقق هذا الفيلم نجاحا شعبيا كبيرا على شباك التذاكر في دور السينما الهندية.