يجمع فيلم "فيلومينا" بين أفلام السيرة الذاتية والدراما، وهو فيلم بريطاني – أميركي – فرنسي مشترك. وهذا الفيلم من إخراج المخرج البريطاني المعروف ستيفين فريرز. ويستند سيناريو الفيلم للكاتبين السينمائيين ستيفين كوجان وجيف بوب إلى كتاب من تأليف الكاتب الصحفي البريطاني مارتن سيكسميث بعنوان "طفل فيلومينا لي المفقود" مبني على شخصيات وأحداث واقعية.
الشخصية المحورية في فيلم "فيلومينا" هي فيلومينا لي (الممثلة جودي دينش)، وهي أم إيرلندية فقدت ابنها قبل 50 عاما بعد أن أنجبته في العام 1951 خارج إطار الزوجية في دير كاثوليكي بإيرلندا حين كانت في سن الخامسة عشرة. وبعد إنجاب طفلها أرغمت فيلومينا على العمل في غسيل الملابس في الدير على مدى أربع سنوات لتغطية نفقات إقامتها. وذات يوم تعرضت فيلومينا لصدمة حين اكتشفت أن الراهبات قدمن ابنها للتبني دون علمها. وقامت فيلومينا بإخفاء حقيقة تبني ابنها عن أسرتها لمدة 50 عاما، ولكنها كانت تتردد على الدير من وقت لآخر طوال تلك المدة لمحاولة معرفة مصير ابنها، إلا أن الراهبات كنّ ينفين معرفة مكان وجوده.
تلتقي فيلومينا ذات يوم بالصحفي مارتن سيكسميث (الممثل ستيفين كوجان) الذي فقد وظيفته في الحكومة البريطانية وتحّول إلى كاتب صحفي، وتقنعه بمساعدتها بعد تردد في العثور على ابنها. ويشرع هذا الكاتب في مهمته تحت رعاية مجلته ويبدأ بزيارة الدير مع فيلومينا، حيث تدعي الراهبات أن وثائق التبني في الدير فقدت في حريق قبل عدة سنوات. إلا أن الكاتب يعلم من سكان المنطقة أن الراهبات تعمدن إحراق وثائق التبني بعد أن حصلن على 1,000 جنيه إسترليني عن كل طفل تم بيعه لأسرة أميركية ثرية. بعد ذلك يتوجّه سيكسميث بمرافقة فيلومينا إلى أميركا حيث يكتشفان أن ابنها تربى في أسرة أميركية وأصبح محاميا وشغل مناصب عليا في حكومتي الرئيسين رونالد ريجان وجورج بوش وتوفي قبل تسع سنوات. ويعلمان من أحد أصدقائه أن ابن فيلومينا كان مثليا وأنه توفي متأثرا بمرض الإيدز، وكان يتردد على زيارة الدير في إيرلندا بحثا عن أمه، وأنه دفن في مقبرة ذلك الدير.
تنتهي قصة فيلم "فيلومينا" في الدير، حيث بدأت، بمواجهة بين الكاتب سيكسميث وراهبة تلوم فيلومينا على فقد ابنها، ولكن فيلومينا تصفح عن الراهبة وتطلب زيارة قبر ابنها. كما تقنع فيلومينا الكاتب سيكسميث بنشر القصة لكي يتعرف الناس على حقيقة ما حدث.
يقدّم فيلم "فيلومينا" دراسة في انتصار الخير على الشر. فبطلة القصة فيلومينا لا تشعر بالكراهية أو تظهر مشاعر المرارة رغم ما واجهته من معاناة على مدى عدة عقود، بل هي التي تقدم الصفح في نهاية القصة بدلا من طلب الصفح. ويتميز فيلم "فيلومينا" بقوة الإخراج على يد المخرج المتمرس ستيفين فريرز، وبسلاسة السيناريو وبراعة التمثيل. ويقدّم الفيلم عرضا واقعيا لقصة حقيقية ومؤثرة مع التحكم في الجانب العاطفي للنص السينمائي الذي لا يخلو من الحوار الكوميدي والمواقف الساخرة. وتقدم الممثلة جودي دينش الحائزة على جائزة الأوسكار واحدا من أقوى أدوارها السينمائية، حتى أن مشاهد الفيلم لا يرى الممثلة بل المرأة الإيرلندية التي تجسدها جودي دينش على الشاشة.
عرض فيلم "فيلومينا" في 17 مهرجانا سينمائيا. ورشح هذا الفيلم لتسع وخمسين جائزة سينمائية وفاز بتسع عشرة جائزة. وتصدرت الممثلة جودي دينش الترشيحات والجوائز باثني عشر ترشيحا وخمس جوائز شملت جوائز نقاد السينما في لندن وبوسطن وفلوريدا ودالاس – فورت ويرث وجنوب شرقي الولايات المتحدة. وشملت الجوائز التي فاز بها الفيلم تسعا من جوائز مهرجان البندقية السينمائي، بينها جائزة أفضل سيناريو، وجائزة أفضل فيلم روائي من مهرجان فرجينيا السينمائي وجائزة خيار الجمهور من مهرجان تورونتو السينمائي. وبلغت الإيرادات العالمية الإجمالية على شباك التذاكر لفيلم "فيلومينا" 78 مليون دولار.