لطالما عُرفت الاخت الكبرى بأنها بالأكثر دلالاً، والحائزة على أكبر عدد من صور في مرحلة الطفولة، والاهتمام من الأبوين، حتى إنها لا تسلم من الاتهامات بأنها المفضلة دائماً
وبما أنني الأخت الكبرى في عائلتي، فكنت أرفض وبشدة هذه الاتهامات، حيث لا يدرك الأخوة الأصغر حتى وقت متأخر كيف أن الأخت الكبرى هي من شيّدت لهم الطريق مع الأهل، فكل ممنوع كان يتم نقاشه على مدى ثلاثة أيام بين موافق وغير موافق، يغدو بالعادي بالنسبة للأصغر.
وحين أفكر في شقاء كوني الأخت الكبرى، تأتيني فوراً فكرة "الحمدالله أنني أنا الأخت الكبرى وليس أحداً من إخوتي"، فلا أتحمل حتى فكرة أن أراهم متعبين، ولو على أتفه الامور. وهذا أمر اخر لا يعيه الأخوة الأصغر.
وهناك بعض الصفات المشتركة التي تمتلكها الأخت الكبرى في كل بيت، منها -وطبعاً لكل قاعدة شواذ-:
- هي الأم الثانية: فتراها تقلق على إخوتها الأصغر منها وتفعل كل ما تستطيع فعله لتأمين حياة أفضل وأسهل لهم، كل هذا مع حنان ورعاية وتضحية كما قد تقدم الأم لأولاد، وتجاري الأم في كم الحنان التي تحمله والعطاء التي تستطيع أن تقدمه.
- تتحمل مسؤولية القدوة: ينظر الأطفال إلى أهاليهم كقدوة لهم، ولكن في مرحلة معينة، قد يبدو الأهل، وبسبب فارق العمر بطبيعة الحال، "دقة قديمة"، وعليه، لا بد أن تتجه الأنظار لشخص آخر، ودون أن تشعر تلك الأخت بأي من ذلك، تجد إخوتها يعلقون العديد من تصرفاتهم، يا حبذا لو كانت إنجازات، على شماعة الأخت الكبرى، وهنا، تجد نفسها مسؤولة عن تصرفاتها لأن هناك من يراقب ويتبع بصمت.
- مكب أحلام الوالدين: فتجد نفسها، بشكل لا إرادي، تسعى في كل محطات حياتها لتحقيق ما تعتقد بأنه ما حلم به والديها.
- هي دائماً تأتي ثانيا: لترتيبها الكبرى، وبطبيعة الحال في الطفولة مهاراتها أعلى وقدراتها أكبر من إخوتها، فتتنازل الأخت الكبرى عن دورها لإخوتها، فمثلا تساعد في إطعامهم قبل أن تأكل، أو تدريسهم قبل أن تدرس، أو إيصالهم لمكان ما قبل أن تقوم هي بزيارتها، وهكذا.
ما سبق هو بعض من كثير، وكوني الأخت الكبرى في عائلتي، ومحاولتي الجادة بتفادي أن أكون الأخت الأنانية، أو التي تمتلك كل شيء، أدرك جيداً كم أن هذا عمل شاق، ثماره حلوة ولا توصف طبعاً، لكنه ليس بالعمل السهل. فأتى لذهني "متلازمة الأخت الكبرى"، حينها صدمت عند البحث عن هذا المصطلح بأنه مصطلح موجود وأصبح دارجاً مؤخراً على وسائل التواصل الاجتماعي، فلم أكن أول من أتى على ذهنه هذا المصطلح. وقد قمت بالبحث في مقالات وأيضاً أبحاث علمية، حيث ذكرت الأخيرة الأعراض والأسباب، إلا أنها لم تستخدم المسمى بشكل علمي، بعد.
يتم تشخيص "متلازمة الأخت الكبرى"، كما يرى الكثيرون، وخاصة الأخصائيين النفسيين، بوجود عدة أعراض منها:
- السعي نحو المثالية
- حس المسؤولية العالي
- محاولة إرضاء الجميع
- القلق المستمر
وغيرها العديد.
لذلك استوقفني هذا المصطلح، ورأيت أهمية مشاركته مع القراء، سواء كانت القارئة هي الأخت الكبرى التي نتحدث عنها، أو أي شخص له علاقة بها، فهي في مكان ما تحتاج على الأقل لكلمة تشجيع وأن تشعر بأن هناك من يراها ويرى افعالها.
ماذا تقول للأخت الكبرى؟
- ضعي نفسك أولوية: تذكير الأخت الكبرى بجعل نفسها الأولوية أمر ضروري، فهي تشعر أن الطبيعي أن تضع الاخرين أولوية.
- اهتمي بنفسك: تذكيرها بأنها عليها أن تهتم بنفسها كما تهتم بالآخرين من حولها، فهي بحاجة نفسها تماماً كما الآخرون بحاجتها.
- اعتمدي علينا: وهنا قمة الشعور بالإنجاز، حيث أنها تستطيع أيضا الاعتماد على من كانت لهم عوناً وسند.
- ضعي الحدود: إعطائها الضوء الأخضر لتقول لا أستطيع أو لا أحب فعل أمر ما.
يمكنكم مشاركتكم أي أو جميع النقاط أعلاه، لا تنسوا دعوتها على كوب قهوة أو شاي، سيترك ذلك أجمل الأثر على أختكم أو ابنتكم الكبرى، أو شريكتكم أو زميلتكم التي هي الأخت الكبرى.
المراجع:
https://www.charliehealth.com/post/eldest-daughter-syndrome
https://www.verywellmind.com/eldest-daughter-syndrome-8623347
https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0092656615000525