في أفلام الاحتيال والسرقة نادراً ما يكون مسار قصة الفيلم بسيطاً إذ إن الحبكة تتطلب الكثير من التعقيدات ليبقى الفيلم جاذباً للمشاهد حتى ولو بأسلوب مبتذل إلى حد ما، ولكن هناك قلة من المخرجين الذين قدموا أفلاماً تعالج ذلك بشكل فني راق ومنهم هتشكوك وماميت... إلخ، وفي هذا الفيلم "تسع ملكات" الذي عرض في مؤسسة عبد الحميد شومان والذي يتناول نفس الموضوع – الاحتيال والسرقة – ينجح المخرج الأرجنتيني في تقديم فيلم ذي حبكة ذكية لا يتوقع المشاهد كيف ستنتهي. كما تم عرض الفيلم مترجماً إلى اللغة العربية.
يبدا الفيلم ذات صباح في أحد المتاجر حيث ينجح "خوان" في الاحتيال على عاملة الصندوق وعندما يحاول مرة أخرى أن يدخل إلى المتجر في ما يبدو، صدفه "ماركوس" مدعياً أنه شرطي ويسحب "خوان" للخارج حيث يخبره بحقيقته.. إنه ليس شرطياً ولكنه مجرد نصاب ومحتال! يطلب "خوان" من "ماركوس" أن يقول الحقيقة.. ثم يخبره لماذا احتال على عاملة الصندوق، والسبب أن والده في السجن محكوم بعشر سنين وإنه يقوم بالاحتيال والسرقة من أجل توفير مبلغ من المال يقدمه رشوة للقاضي ليخفف حكم والده إلى ستة أشهر فقط.
وهنا تلوح لـ "ماركوس" و"خوان" – أيضاً على ما يبدو ذلك – فرصة احتيال ثمينة توفر لهما مبلغاً محترماً.. إذ أن صديق "ماركوس" – ساندلر – وهو أيضاً محتال نصاب زوّر مجموعة من الطوابع الألمانية الثمينة والنادرة التي تسمى التسع ملكات -ومن هنا يأتي اسم الفيلم – ويريد أن يبيعها وتجد هذه المجموعة من النصابين ضالتها في الثري الإسباني الذي يواجه حكماً في الإبعاد من بوينس آيرس ويرغب في تهريب أمواله –غوندولفو – فتعرض عليه شراء هذه الطوابع المزورة ولأنه لا وقت لديه ليتأكد من هذه الطوابع يوافق على شرائها بمبلغ أربعمائة وخمسين ألف دولار!
ولكن الطوابع تُخطف من قبل مجموعة من المشاكسين الذين يركبون الدراجات ولا يعرفون ماهيته أو قيمتها الحقيقية فيلقون بها في النهر.
ولإنقاذ الصفقة من الفشل يلجأ النصابون الثلاثة لأسلوب آخر فـ "ماركوس" يعرف أن أخت "ساندلر" الذي قام بتزوير الطوابع تملك الطوابع الأصلية وتوافق هذه على بيعها بمبلغ مائتين وخمسين ألف دولار. يملك "ماركوس" مائتي ألف فقط ويطلب من "خوان" أن يساهم بخمسين ألف لإتمام عملية الاحتيال ويشعر "خوان" بالقلق؛ لأن مجموع ما جمعه من أجل قضية والده هو خمسون ألفاً، ولكنه يوافق رغم تردده.. وكما يبدو أيضاً أن "ماركوس" يعرف أن لدى "خوان" هذا المبلغ.
تسير الأمور بعد ذلك باتجاه آخر فالثري الأسباني يتراجع ولا يقبل بالصفقة إلا إذا وافقت أخت ساندلر -فاليريا – وهي أرملة تعمل بنفس الفندق الذي ينزل فيه الثري الإسباني- على أن تقيم علاقة معه.
توافق فاليريا على ذلك ويدفع الإسباني المبلغ شيكاً مسحوباً على بنك سيعلن إفلاسه في اليوم التالي! وهنا يبدو لنا أن هذين المحتالين خسرا كل شيء. ولكن نهاية الفيلم ستاتي بطريقة مغايرة وغير متوقعة. ربما يرى البعض في هذه الحبكة سذاجة غير مقبولة إلّا أن الواقع هو غير ذلك فالفيلم يصور بشكل كاريكاتوري حال بوينس آيرس والأرجنتين في تلك الفترة.
تم ترشيح هذا الفيلم لثمان وعشرين جائزة، فاز بواحد وعشرين منها كما أنه يعتبر من كلاسيكيات السينما الأرجنتينية وقد قوبل بحماس من النقاد أينما عرض ويعود هذا، بالإضافة لتصويره حال بلده بذلك الشكل، إلى سيطرة المخرج على مسار الأحداث دون أن يفسد المفاجأة في نهاية الفيلم وكذلك الأداء المميز للممثلين.