فيلم "شجرة الأكاسيا" ( أو" شجرة الأقاقيا") هو باكورة الأفلام الروائية الطويلة للمخرج الأرجنتيني بابلو جيورجيللي الذي اشترك في كتابة سيناريو الفيلم مع الكاتب السينمائي سلفادور روزيللي. الفيلم من إنتاج عام 2011 ويعرض ناطقا بالإسبانية ومترجماً للعربية.
الشخصيات المحورية الثلاثة في فيلم "شجرة الأكاسيا" هم سائق الشاحنة الأرجنتيني روبين والمرأة الباراغوية جاسينتا والطفلة الرضيعة ابنة الخمسة أشهر أناهي. يقوم سائق الشاحنة روبين بنقل خشب الأقاقيا من مزارع باراغواي إلى أسواق العاصمة الأرجنتينية بيونس أيريس منذ سنين، ويكلف من قبل رئيسه في العمل بنقل الشابة جاسينتا إلى مدينة بيونس أيريس التي يفاجأ السائق بأنها تصحب طفلتها الرضيعة ومجموعة من الحقائب، ويتقبل ذلك بادىء الأمر على مضض دون أن يقول شيئا، ولكن ملامح وجهه لا تخفي امتعاضه.
يسود الصمت بين روبين وجاسينتا خلال نصف الساعة الأولى من فيلم "شجرة الأكاسيا" في بداية الرحلة الطويلة التي يبلغ طولها 1500 كيلومتر. ولكن الأمور تتغير مع مرور الوقت، حيث تتعمق أواصر العلاقة بين الاثنين رغم قلة الكلام بينهما طوال عرض قصة الفيلم وغياب الموسيقى التصويرية. ورغم عجز السائق روبين عن التعبير عن مشاعره بادىء الأمر، فإن ذلك يأخذ في التغير مع انفتاح الشابة جاسينتا وابتسامات الطفلة الرضيعة التي توقظ مشاعره. ويبلغ السائق روبين الشابة جاسينتا خلال الرحلة، على سبيل المثال، أن له ابناً لم يره منذ ثماني سنوات، وتبلغه جاسينتا من جانبها بأن ابنتها أناهي بدون أب. ومع أن سيناريو الفيلم يشتمل على عدة أحداث تقع خارج الشاحنة، كالتوقف عند عبور الحدود والتوقف لإطعام الطفلة الرضيعة وزيارة لشقيقة السائق والتوقف عند بحيرة، فإن معظم مشاهد الفيلم تصور داخل حجرة السائق في الشاحنة التي يجلس فيها أبطال الفيلم الثلاثة.
تقدّم قصة فيلم "شجرة الأكاسيا" بالقليل من الحوار، والقليل من المشاهد خارج حجرة الشاحنة، ولكنها تعبر عن المشاعر الإنسانية عن طريق تعبيرات الوجه والملامح والنظرات والإيماءات التعبيرية لأبطال الفيلم الثلاثة، بمن فيهم الطفلة الرضيعة. ورغم تصوير معظم مشاهد الفيلم داخل حجرة سائق الشاحنة، ورغم قلة الحوار، فإن المشاهدين لا يشعرون بالملل أو بأنهم محصورون أو مطوّقون بصورة غير مريحة. وينجح مخرج الفيلم بابلو جيوجيللي في اصطحاب المشاهدين لأبطال الفيلم في رحلتهم الطويلة. ومما قاله المخرج جيورجيللي "لقد أردت أن يشعر المشاهد بما يدور من أحداث في هذه الرحلة الطويلة"، ولا شك في أنه حقق ذلك. فالرحلة طويلة، ولكنها ليست متعبة أو مملة. ويتميز فيلم "شجرة الأكاسيا" ببساطته وصدقيته، حيث تعبر انفعالات الوجوه عن الكثير من المشاعر دون الحاجة إلى كلمات. إنه فيلم لا يحدث فيه شيء، ولكن يحدث فيه كل شيء، وحيث ينوب الصوت عن الكلمات.
يشار إلى أن الطفلة الرضيعة قامت بدور مهم في قصة وأحداث الفيلم، خاصة في التفاعل بين سائق الشاحنة وأم الطفلة. وقد أعرب بعض النقاد عن إعجابهم بقدرة المخرج جيورجيللي وبطلي الفيلم الآخرين على الحصول من هذه الطفلة على النظرات والابتسامات التي صدرت عنها.
رشح فيلم "شجرة الأكاسيا" لسبع وثلاثين جائزة سينمائية وفاز بتسع عشرة منها. وعرض الفيلم في 18 مهرجانا سينمائيا من أهمها مهرجانات كان ولندن وتورونتو وزوريخ ودبي. وفاز الفيلم بجوائز سينمائية في تسعة مهرجانات من أهمها ثلاث من جوائز مهرجان كان السينمائي، هي جوائز الكاميرا الذهبية ولجنة تحكيم المخرجين والنقاد الشباب لأفضل فيلم. وشملت الجوائز جائزتين من الأكاديمية الأرجنتينية لفنون وعلوم السينما لأفضل فيلم وأفضل ممثلة للممثلة هيبي دوارتي وجائزتي رابطة نقاد السينما الأرجنتينيين لأفضل فيلم وأفضل مونتاج.