(برج الظلام. معركة في قلب الكون)
يستعير ستيفن كينج في ملحمته (برج الظلام) عدة شخصيات من روايات أخرى: والتر أوديم الرجل بالملابس السوداء يتحول إلى راندال فلاج الذي يشعل الأحداث في (the stand) ويتحدى البطل في (عيون التنين) لكن، في الرواية الرابعة من السلسلة (الساحر والزجاج) نشاهد أجزاء من الرواية سالفة الذكر (the stand)، ويظهر الأب الكاثوليكي كالاهان من (حشد سالم) في الثلاث روايات الأخيرة من برج الظلام، وفي آخر الأجزاء يظهر تد بروتيجان بطل رواية كنج القصيرة (قلوب في أطلنطس) الذي قام بدوره أنتوني هوبكنز في فيلم بالعنوان نفسه، وبينما كان يكتب كينج فيما بعد سلسلة رواياته (البرج المظلم) تعرض لحادث كاد يصيبه بالعمى.
منذ سنوات وقع في يدي الكتاب الثاني من سلسلة برج الظلام (the drawing of the three)، القناص الأخير يجمع عصابته بين بوابات العوالم: إدي دين تاجر المخدرات الساخر، سوزانا الزنجية المعاقة، أعمدة البرج الست تتداعى وتزأر الوحوش الاثني عشر التي تسنده، بينما العدو الأسود يطارده بجنون. فقدت الشعور بالزمن حتى انتهيت من آخر صفحة به لأبحث عن بقية أجزاء هذه الملحمة المدهشة التي أبدعها العبقري ستيفن كينج. رولاند ديشاين، القناص الأخير حبيس معركة أبدية مع والتر أوديم، الرجل ذو الملابس السوداء الذي يمنعه باستماتة من بلوغ برج الظلام القابض على أبواب الكون، المعركة الأزلية بين الخير والشر تقود رحلة رولاند لمنع انهيار العوالم. كل عشّاق الأديب العظيم الغني عن التعريف، ستيفن كينج، يعرفون هذه الرواية. ملحمته بمعنى أدق؛ فهي سلسلة من سبع روايات ضخمة، وبالتأكيد لا يمكن القول إن الفيلم يعتمد عليها والصحيح أنه بإلهام من فكرتها. عكف كل من أكيفا جولدسمان، وجف بينكنر وأندرس توماس جنسن ونيكولاي أرسيل على كتابة سيناريو وحوار الفيلم الذي ينتظره الملايين من قراء كينج، لكن الموضوع الذي لا يمكن عرضه إلا في مسلسل تحوَّل إلى فيلم جيد ومعقول لمن لم يقرأ الملحمة الكبيرة، ومثل أغلب أعمال كينج الأدبية الثرية في محتواها الإنساني تتحول إلى خيبة أمل كبيرة على شاشة السينما كما حدث مع أعمال محفوظ وبو ولافكرافت.
يعاني الصبي جيك شامبرز من كوابيس كل ليلة يرى فيها الرجل المتشح بالسواد الذي يختطف الأطفال، ويمتص أمخاخهم بجهاز ما لتدمير برج الظلام، مركز الكون الذي يحمي العالم من الشر الكامن في عمق أبعد. رولاند، القناص الأخير من الجنود الذين أقسموا على حماية برج الظلام، مهمته قتل هذا الشبح الأسود، بينما يكتشف جيك بوابة تقود إلى عالمهم ويلتقي برولاند، وكلاهما ينطلقان معاً وبسرعة وإلا انتهى عالمهما إلى الأبد. الفكرة التي نسج منها كنج ساحة معارك شديدة التعقيد كان يمكن أن تكون أكثر روعة على الشاشة لولا أن كتَّاب السيناريو فقدوا التركيز وراء طموح باهت لتحويل الفيلم لشيء أشبه بنسخة معاصرة من ملك الخواتم تعجب المراهقون لكن الفارق بين تولكيين وكنج أوضح من أن يقال. وكان الأجدر بهم نقل مشاهد كاملة كما هي من السلسلة الروائية التي أتقنها ستيفن كينج، بل وخرجت في عدة إصدارات مصورة (كوميكس) كانت بمثابة بروفة أمينة يمكن الاعتماد عليها، ولا يضير السيناريست في شيء أن يلتزم بروح وتفاصيل العمل الذي يقتبس منه للشاشة ما دام الابتكار ينتقل بالموضوع ككل إلى مناطق غامضة لا تمت للعمل الأصلي بصلة، حتى إذا أبدع في جوانب أخرى كالمؤثرات والملابس والديكور تظل فكرة العمل الأدبي ومنطقة هما الهيكل العظمي له؛ بالضبط كما حدث في تحفة محمد ياسين الدرامية (أفراح القبة) كل شيء فيها ملون مبهر بديع، لكن السيناريو تباكى على جمال عبد الناصر بشكل صارخ، رغم أن الشخصية الرئيسية في رواية نجيب محفوظ مجرم حقيقي وتجسيد ينبغي الانتباه له للمستبد العادل.
يقوم الفنان الأسمر إدريس إلبا بدور رولاند، وهي غصة في الحلق؛ لأن الصفات التي تعلَّق بها القارئ أبعد ما تكون عن شخصية أو ملامح ألبا، ولا يكفي تدريبه على سرعة التقاط مسدس وتعميره بالرصاصات على طريقة رعاة البقر ليقنعنا بأنه رولاند الذي قصده كينج، واستلهم اسمه من قصيدة إنجليزية قديمة. مهما كانت درجة إجادة إلبا للدور، فهو يتحدى الحاجز الأسطوري للشخصية والنتيجة ليست في صالحه، لقد ابتلعنا محاولة الفنان أحمد زكي للقيام بدور العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، خصوصا بعد وفاته في منتصف الفيلم، لكننا نعلم جميعا أن الاختيار خاطئ والأداء سيء. ولدينا هنا ماثيو ماكوناهي في دور الرجل بالملابس السوداء الذي هو أسوأ من الشر ذاته؛ يلتقط الرصاصات بيده من الجو، يحرق الناس، وقادر على قتلك فقط بأن يأمرك أن تتوقف عن التنفس، بإيجاز هو قادر على أن يجعل أي شخص يفعل أي شيء! لكن رولاند منيع ضد سحره؛ ومن هنا يتخذ الصراع طابع الندية. من المستحيل نقل الصور المثيرة التي وصفتها الروايات، وهي مشكلة واجهها كل سيناريست يعالج رواية لكن، حتى أعماله التي نجحت بشدة على الشاشة (إصلاحية شاوشانك، ميزري، الميل الأخضر، أطفال الذرة الذي شارك في كتابة السيناريو له)، لهذا تداعت أغلب الأفلام المأخوذة عنه، قارئ كينج المخضرم يعرف أنه لا يمكن تفويت صفحة واحدة له دون اهتمام، وصدرت سلسلة (برج الظلام) في الفترة من 1982 إلى 2004، وكان يقول إنها لن تنتهي أبدا، لكن رسائل القراء جعلته يقدم الثلاثة أجزاء الأخيرة على ضخامة حجمها في العامين 2003-2004؛ ومنها رسالة من مريضة سرطان ترجوه أن ينتهي من كتابة النهاية لتعرف مصير البرج! فكيف يمكن ضغط سبع روايات بآلاف الصفحات في فيلم مدته ساعة ونصف؟ ملحمة الحرافيش لمحفوظ نفسها وُزِّعَت على عدة أفلام. حتى عملية تكثيف تفاصيل القصة كانت تشير إلى أشياء حدثت في أول كتابين بالسلسلة لن يفهمها المشاهد الذي لم يقرأها؛ الخطأ نفسه الذي وقع فيه أحمد مراد عندما حول روايته الناجحة (الفيل الأزرق) إلى فيلم سينمائي بنفس الاسم، فوقع أكثر المشاهدين في حيرة؛ لأنه كان يخاطب قراءه لا مشاهديه.
قامت كاثرين وينيك بدور لوري شامبرز، تشاركها أبي لي (تيرانا)، نيكولاس هاملتون (لوكاس هانسون)، الطفل توم تايلور هو جيك شامبرز، وصُوِّرَت لقطات المدينة في لوس أنجيليس ونيويورك، بينما انتقلوا إلى كيب تاون، جنوب أفريقيا للساحات المفتوحة. في ملاحظة طريفة ستجد تفاصيل أخرى من عوالم كينج هنا: على مكتب د. وتشكيك في الفيلم صورة لفندق أوفرلوك الذي أصاب جاك نيكلسون بالخبال في فيلم آخر لكن (السطوع) إخراج جسرك، وسوف ترى في عدة خلفيات التوأم الدموي من الفيلم نفسه هنا، وأسرة فيلم كوجو، والسيارة المسكونة كريستين في حجرة ألعاب جيك الذي جاء هو نفسه من رواية ضخمة كتبها كنج مع بيتر شتروب. وكان المفروض أن تتحول (برج الظلام) إلى مسلسل على يد مخرج (lost) الناجح جيجي أبرامس، لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة للأسف.
الصبية والعفريت (It)
عفريت تتبدل هيئته طيلة الوقت، يجتمع ضده مجموعة فتيان رماهم الحظ التعيس في طريقه. في مدينة ديري الصغيرة، يختفي الأطفال الواحد تلو الآخر، تاركين خلفهم بعض الآثار الدموية ولمحات مفزعة حقا. وفي مكان اسمه (بارنز) يتحد سبعة أولاد (بينهم بنت حكايتها حكاية) أمام مواجهات أشنع مما يمكنك تخيله. الفيلم بالطبع مأخوذ عن رواية (ستيفن كنج) العظيمة التي تحمل الاسم نفسه ويصعب ترجمته بالتأثير نفسه، (د. أحمد خالد توفيق) يذكره بعنوان (الشيء) ولعله الأقرب إلى معناه، ونأمل طبعا أن تفلت الرواية من مهازل الترجمة العربية كما حدث في (بؤس) و(كريستين. كتب السيناريو شيس بالمر وكاري فوكاناجا. التصنيف المجحف يعتبر الرواية من أدب الرعب، والحقيقة أنها علامة فارقة في الأدب الإنساني عموماً، وأرجو أن تكون أكثر رقياً من اتباع آراء مجتمع مقاهي وودي آلن! تريلر الفيلم هو الأعلى مشاهدة في التاريخ (197 مليون مشاهدة في أول يوم)، والفيلم مفزع لدرجة تفوق نسخته السابقة في 1990 والمسلسل التليفزيوني القصير عن الرواية، ومع ذلك كانت المؤثرات البصرية أقل من المنتظر، حتى المواقف التي يتعرض لها الأولاد يسهل التنبؤ بها. الرواية ضخمة وشديدة الكثافة، يمكنك العثور على موقف مثير في كل صفحة تقريباً من 1800 صفحة دقيقة الحروف، فلأي سبب تكاسل كاتب السيناريو في استخدام عشرات الفرص والأبواب التي لم يفتحها كنج فحسب، بل فرش الطريق إليها، ومنها بعشرات الاحتمالات وأغلقها خلفه بعد أن أفاض الشرح والتفصيل؟ كل هذا ولا يعتمد الفيلم، الذي حُضِّر له خلال سبع سنوات، في موضوعه إلا على المهرج فقط! المثير للغرابة هو أن المهرج الذي يحتل الأفيش والأحداث، وصار أيقونة الفيلم لم يكن له وجود كبير في الرواية نفسها، ولم يكن سوى الوجه الظاهر للشيء الكامن تحت المدينة، والذي يتخذ عدة أشكال للهلع وأساليب كثيرة للخوف. الرواية شرحت بدقة كنه هذا الشيء، وتتبعت تاريخه منذ نشأة الكون ذاته، لكن الفيلم لم يجد من كل هذا الزخم سوى مهرج لم يهتموا بإضافة أي بعد درامي لوجوده أكثر من كونه فزاعة. من السخف أن يصرخوا كلما ظهر، هذا يذكرني بنكتة الساذج الذي تلقى عدة صفعات على غفلة! كنج ظهر قبل عرض الفيلم بستة أشهر ليعلن أن الفيلم يفوق توقعاته وأنه رائع، طبعاً هذا ليس رأيه الحقيقي مهما قال، لعله الاقتصاد في الامتعاض، حتى لا يؤثر رأيه سلباً على جماهيرية الفيلم، أو التواضع على طريقة نجيب محفوظ كلما رأى مهزلة جديدة تتمحك في أدبه. لنعترف أن حبكة الفيلم فاشلة، والذي أنقذه حقا هو أداء الممثلين، وكنت أتساءل، ألا يمكن الاستعانة بالممثلين الأولاد من الفيلم السابق للعب دور الشخصيات هنا بعد أن كبروا؟ لكن فيما يبدو أن القائمين على الفيلم الجديد لم يتحمسوا لفكرة كهذه، فضلا عن وفاة الشخصية الرئيسية (بيل. الأبطال هم: المهرج بيني وايز الذي يتصدر الأفيش (بيل سكارسجارد)، الأولاد؛ بيل دنبروه (جايدن ليبرر) المؤلف، بعدها نسكوم البدين (جيريمي راي تايلور)، بيفرلي مارش (صوفيا ليليس, ريتشي كوزير (فين وولفهارد) الفنان، مايك هانلون الزنجي (شوزن جاكوبس)، إيدي كاسبراك العليل (جاك ديلان جرازر)، ستانلي يوريس اليهودي (ويات أوليف. الأولاد الأشرار: هنري باورز زعيم العصابة (نيكولاس هاملتون)، جاك سيمس (يلش هاجنس)، فيكتور كريس (لوجان تومسون)، باتريك هوكستيتر (أوين تيج. جورجي دنبرو شقيق المؤلف الذي التهم المهرج ذراعه في بداية الفيلم (جاك روبرت سكوت)، السيد مارش إلى يتحرش بابنته بيفرلي (ستيفن بوجارت. سكارسجارد شعر برعب حقيقي أن يكون تمثيله أقل قوة من دور تيم كوري في النسخة السابقة للفيلم لهذا كان يلازم حضور التصوير حتى وصلت أحداث الفيلم إلى المنتصف قبل أن يبدأ تصوير أول مشهد له، ويحضر جلسات نفسية مكثفة، في البداية لدراسة الشخصية ثم لأن الكوابيس بدأت تطارده بالفعل لدرجة أنه كانت تنزلق منه كلمات باللغة السويدية، وهو يؤدي دور المهرج، ويقال أنه لن يلعب الدور في الجزء الثاني للفيلم (غالباً ستكون المواجهة بين الأبطال الكبار والشيء لحماية جيل جديد من شره)، لأن الشخصية إصابته بمتاعب نفسية. المخرج آندي موشيتي من جهته تحفَّظ على سكارسجارد بعيداً عن الممثلين الأطفال الذين حذَّرهم من أن اللقاء الأول بالمهرج سيكون مخيفاً، لكنهم هزوا أكتافهم هازئين (إنه مجرد ممثل تحت مكياج وملابس رغم كل شيء)، لكن عندما بدأ التصوير أصابهم فزع حقيقي والصراخ الذي سمعته على الشاشة لم يكن تمثيلاً! الشيء الوحشي الكامن تحت مدينة ديري، يعاود نشاطه اللعين كلما مرت 27 عاماً، والمفارقة أن الفيلم الجديد أُنْتِج بعد مرور 27 عاماً بالضبط بعد النسخة القديمة منه (1990)، وفي عيد ميلاد بيل سكارسجارد (المهرج) رقم 27 (وبالمناسبة سكارسجارد مولود في نفس عام إنتاج الفيلم الأول 1990)، وفي عيد ميلاد كينج ونفس تاريخ الطبعة الأولى للرواية في سبتمبر 1986، بل إن تاريخ عرضه الأول 8-9-2017 (المجموع 27)، دعك من أن بيل الآخر، بطل الفيلم الأول (جوناثان برانديس) توفي في عمر 27 عاماً!
(لعبة جيرالد.. ومن اللعب ما قتل!)
يغفل المخرج الذكي أن يراجع روح السيناريو مع مدير التصوير أكثر الوقت؛ لهذا نشاهد الأفلام شاعرين بعدم راحة لا مبرر له في وجود صورة أنيقة نظيفة وسيناريو معقول (المخرج وكاتب السيناريو هو مايك فلاناجان)؛ لكن هذا الشيء المزعج موجود والأسوأ أننا لا نعرف ما هو. سأخبرك حالا ما هو: سكوبتوفيليا؛ أي الرغبة في الرؤية، الطفل يركز في أشكال عامة والبالغ يتلهى في خواطره الشخصية ما لم ترد الصورة بأخرى كاشفة، الذكر مخلوق جاهز للرؤية والأنثى تعي أنها خلقت لينُظر إليها. تبرز هذه المشكلة كأقوى ما يكون في الأفلام التي تعتمد في الأساس على التأثير النفسي الداخلي للشخصية الرئيسية وانعكاس ذلك على المشاهد أو القارئ، خاصة في التحضير لرد فعل معين يجب أن يكون فيه الفرق واضحاً بين الرجل والمرأة. المخضرم ستيفن كينج فعلها بنجاح كبير في روايتيه (لعبة جيرالد) و(حقيبة العظام. في العادة تستخدم المرأة على سبيل الفرجة، (الحتة الطرية) في أفلام الأكشن، يجب أن تكون هناك واحدة ممشوقة القوام تَظهر مفاتنها على الأفيش مهما كان الموضوع، لماذا وضعوا غادة عادل في (هروب اضطراري) في رأيك؟ ظهور المرأة في مشهد يُجمِّد الزمن لجزء من الثانية ليزيل الخطر، ويثير التأمل الجنسي. هذا كلام يطول شرحه؛ لكن فيلم (لعبة جيرالد) يلعب على هذه النقطة ليقفز فوق عتبتها إلى منحنيات نفسية كابوسية وصفها كنج بمهارة في روايته، والفكرة ببساطة: رجل وامرأة يذهبان إلى عشهما الهادئ، كوخ منعزل لوضع بعض التوابل على حياتهما الزوجية بممارسة بعض ألعاب الكبار فقط التي كنا عنها غافلين قبل (خمسين ظلاً للرمادي)، إنه يقيّد ذراعيها إلى أعمدة الفراش، ويستعد للمرح، لكنه يصاب بسكتة قلبية (الزوج جيرالد، الفنان بروس جرينوود)، وهنا يبدأ مرح من نوع جديد: المرأة (جيسي، الممثلة كارلا جوجينو) مكبلة بالأغلال في منطقة مقطوعة، وفي ملابس غير محتشمة والشخص الوحيد هنا يبدو أنه قد مات! (تذكر ألا تعبث في مناطق لا تعرف كيف تعود منها، ولا تترك يدك مقيدة لأي سبب مهما بدا الأمر ظريفاً في البداية)، الموضوع البصري للفيلم يبدو أنه يثير نقطة قيد الأنثى في العموم، لكن الحقيقة العجيبة هي أنه يبعث بفانتازيا طريفة للزوجات اليائسات، ويسبب أكبر القلق للمشاهد الرجل؛ تذكر أنه سيادة المرأة للمشهد تعني غياب الفحولة الذكرية والخصوبة، القلق من الإبعاد والإخصاء (في Velodrome 1983 ينحني البطل نحو جهاز تلفاز ليُقبِّل فماً عملاقاً!). الأفلام الأخرى تعقب هذه المشاهد بأخرى تُتَفَاعَل المرأة فيها مع الرجل، فيزول الخوف من غياب قدراته، أما في حالتنا هذه فالذكر الوحيد ميت، والخيالات المرعبة للأنثى المُقيَّدة سوف تكسب كل شيء، المفاجأة والخوف والغضب والألم والخشية والتقزز والإنكار. عفاريتها تستيقظ لتعبث في الظلال التي تبدأ في اقتحام الكوخ مع الغروب. في الفيلم تلميحات للكثير من كتب كينج: جيرالد يطلق على الكلب اسم (كوجو) ويقول في الفيلم (كل شيء يخدم الشعاع) وهي إشارة واضحة لرواية برج الظلام، جيسي في خيالاتها تصف بدقة حقيبة العظام وامرأة الخسوف دولوريس كليربورن.