فيلم "حبل" (Rope) (1948) من إخراج ملك أفلام الإثارة والتشويق المخرج ألفريد هيتشكوك. ويستند هذا الفيلم إلى سيناريو للكاتبين السينمائيين آرثر لورينتز وبين هيكت مبني على اقتباس قام به الكاتب والممثل هيوم كرونين لمسرحية تحمل نفس العنوان صدرت في العام 1929، وهي من تأليف الكاتب المسرحي باتريك هاميلتون. وهذه المسرحية مستندة، مع الكثير من التصرف، إلى أحداث وشخصيات حقيقية وقعت في العام 1924 وتتعلق بطالبين في جامعة شيكاغو قاما بارتكاب جريمة قتل زميل لهما. وتنتقل أحداث القصة في فيلم "حبل" من مدينة شيكاغو إلى مدينة نيويورك.
تدور أحداث قصة فيلم "حبل" حول قيام شابين معروفين بذكائهما وغرورهما، هما براندون شو (الممثل جون دال) وفيليب مورجان (الممثل فارلي جرينجر)، بقتل زميلهما السابق في الدراسة ديفيد كينتلي (الممثل ديك هوجان) خنقاً باستعمال حبل حول رقبته. ويقوم هذان الشابان بتنفيذ جريمتهما لكي يبرهنا تفوقهما في ارتكاب "الجريمة المثالية".
ويستضيف الشابان بعد ارتكاب الجريمة حفلة عشاء في شقتهما المطلة على ناطحات السحاب بمدينة نيويورك، وبين الضيوف المدعوين الذين لا يعلمون شيئاً عن الجريمة والد الشاب الضحية وعمته وخطيبته. ويستخدم أحد المجرمين الصندوق الذي يحتوي على جثة الضحية كمائدة للطعام.
وكان هذان المجرمان قد استلهما فكرة ارتكاب جريمتهما قبل عد سنوات خلال أحاديثهما مع مدير مدرستهما الناشر روبرت كاديل (الممثل جيمس ستيوارت) الذي تحدث ذات يوم عن شعور البعض بالتفوق على الآخرين عن طريق ارتكاب جرائم القتل. وهذا الشخص هو أحد المدعوين لحفلة العشاء.
ويدور الحديث بين المدعوين حول تغيب الضحية ديفيد عن حفلة العشاء، ويعبّر والده وخطيبته عن قلقهما عليه، كما يثير تغيبه شكوك مدير المدرسة السابق الذي يعود إلى المكان بعد مغادرته مع المدعوين الآخرين، ويتكهن أمام الشابين المجرمين حول أسباب اختفاء الشاب ديفيد، ثم يقوم برفع غطاء الصندوق ليكتشف جثة ديفيد داخله، ويعبّر عن صدمته وأسفه، حيث يدرك أن المجرمين تأثراً بأقواله السابقة لتبرير جريمتهما، ثم يلتقط مسدساً ويطلق عدة عيارات نارية في الهواء لجلب الاهتمام لما شاهد. ويختتم الفيلم بعرض قائمة أسماء العاملين في الفيلم تصاحبها أصوات صفارات سيارات الشرطة التي تقترب من المكان.
فيلم "حبل" من الأفلام التجريبية للمخرج ألفريد هيتشكوك، وصوّر الفيلم بأسلوب اللقطة المشهدية، ويعرض بحيث يبدو كلقطة متواصلة. وصورت مشاهد الفيلم في عشر لقطات تراوح طول كل منها بين 4,5 دقيقة وعشر دقائق. وهذا الفيلم من الأفلام النادرة التي يتقارب فيها طول عرض الفيلم، وهو 80 دقيقة، وطول مدة أحداث قصة الفيلم التي تزيد قليلاً على 100 دقيقة. وكان فيلم "حبل" أول فيلم يخرجه ألفريد هيتشكوك بالألوان بعد أن قدّم نحو 40 فيلماً بالأبيض والأسود عبر مسيرته السينمائية الطويلة في بريطانيا والولايات المتحدة.
ويقدّم فيلم "حبل" نموذجاً لأفلام المخرج ألفريد هيتشكوك التي يؤكد فيها على أهمية اختيار عنوان الفيلم كجزء مهم وعنصر فاعل في أحداثه، حيث نرى أحد الشابين المجرمين يتباهى بحمل الحبل الذي استخدم في تنفيذ جريمة القتل.
وفيلم "حبل" هو أكثر أفلام المخرج ألفريد هيتشكوك إثارة للجدل. وانقسمت آراء النقاد حول هذا الفيلم عند صدوره في العام 1948، وبعد مرور أكثر من 30 عاماً عرض الفيلم في عدد كبير من دور السينما الأميركية بعد وفاة المخرج الفريد هيتشكوك وحقق نجاحاً كبيراً. واكتسب الفيلم تقديراً فنياً متجدداً على مر السنين، شأنه في ذلك شأن عدد من الأفلام الكلاسيكية الأخرى التي اكتسبت تقدير نقاد السينما بعد مرور سنوات عديدة على صدورها.
ونقل عميد نقاد السينما الأميركيين الراحل روجر إيبيرت عن المخرج ألفريد هيتشكوك قوله إن فيلم "حبل" كان تجربة "غير ناجحة"، وإنه كان سعيداً لأن الفيلم لم يعرض على نطاق واسع على مدى ثلاثة عقود. إلا أن روجر إيبيرت وصف فيلم "حبل" بأنه من أهم التجارب السينمائية لمخرج مرموق وناجح جداص في مكانة ألفريد هيتشكوك، وهو فيلم يستحق المشاهدة.