يجمع فيلم "الرجل الطائر" (Birdman) (2014) بين أفلام الدراما والكوميديا السوداء، وهو من إخراج المخرج المكسيكي أليخاندرو جونزاليز إيناريتو، وهو منتج مشارك للفيلم، كما اشترك في كتابة سيناريو الفيلم مع الكتّاب السينمائيين نيكولاس جياكوبون وأليكساندر دينيلاريس وأرماندو بو.
والشخصية المحورية في فيلم "الرجل الطائر" هو الممثل ريجان تومسون (الممثل مايكل كيتون) الذي يلقب بـ "الرجل الطائر" نسبة إلى أفلام الخيال العلمي التي اشتهر فيها، إلا أنه يرفض القيام ببطولة فيلم رابع في هذه السلسلة. وبعد مرور عدة سنوات يفقد خلالها شعبيته، يقرر أن يستعيد نجوميته بتقديم مسرحية على مسارح برودواي بمدينة نيويورك من تأليفه وإخراجه وبطولته، بعنوان "ما نتكلم عنه ونحن نتكلم عن الحب"، وهذه المسرحية مقتبسة من قصة قصيرة بنفس العنوان من تأليف الكاتب ريموند جارفر. إلا أن ريجان تومسون يواجه سلسلة من المشاكل، بما في ذلك تعرّض الممثل رالف (الممثل جيريمي شاموس) الذي اختير لمشاركته ببطولة المسرحية لإصابة واستبداله بممثل محترف آخر (الممثل إدوارد نورتون) يتدخل في كل ما يفعله ريجان تومسون خلال الاستعداد لتقديم المسرحية، واصطدام تومسون بابنته سام (الممثلة إيما ستون)، وهي مدمنة سابقة على المخدرات، ونشوب خلاف بين ريجان تومسون وبطلة الرواية وصديقته لورا (الممثلة أندريا رايزبورو)، وتعرضه لتهديد الناقدة المسرحية الشهيرة تابيثا (الممثلة ليندسي دنكان)، بتدمير مسرحيته. وبعد سلسلة من التقلبات والتطورات الحرجة التي تهدد المسرحية بالانهيار، تلقى جميع المشاكل حلولاً إيجابية، ويحل الوئام في علاقة ريجان تومسون مع ابنته سام، وتستخدم المسرحية الطابع الواقعي المميز في أسلوب الممثل المحترف مايك، والذي يشتمل على استخدام ريجان تومسون لمسدس يطلقه على رأسه في نهاية المسرحية، ولكنه يقتصر على إصابته بجرح في أنفه. وتحقق المسرحية نجاحاً كبيراً ليلة افتتاحها، ويتحوّل موقف الناقدة المسرحية إلى الإطراء على تقديم المسرحية بشكلها النهائي وجوّها الواقعي ونجاحها الكبير.
يجمع فيلم "الرجل الطائر" بين العديد من المقومات الفنية، بما في ذلك قوة الإخراج وسلاسة السيناريو وبراعة التصوير والموسيقى التصويرية وقوة أداء الممثلين، وفي مقدمتهم مايكل كيتون وإدوارد نورتون وإيما ستون. وينجح المخرج أليخاندرو جونزاليز إيناريتو بالتعاون مع مصور الفيلم، وهو المصور المكسيكي إيمانيويل لوبيزكي الحائز على جائزة الأوسكار، والأداء الواقعي للممثلين، في إدخال المشاهدين إلى أحداث وتفاعلات الفيلم، وكأن الممثلين يتفاعلون مع المشاهدين في كل حركة. وتقدّم هذه الشراكة الفنية عرضاً واقعياً غير مألوف لأجواء المسرح التي تتحوّل إلى شخصية من شخصيات الفيلم.
يشار إلى أن تصوير مشاهد فيلم "الرجل الطائر" صمّم بحيث يبدو كأنه لقطة سينمائية واحدة متواصلة، وذلك باستخدام كاميرا واحدة التقطت مشاهد الفيلم من زوايا واسعة وتم مونتاج اللقطات المختلفة بحيث تبدو كأنها لقطة واحدة، وذلك على غرار ما فعله المخرج الشهير والقدير ألفريد هيتشكوك في فيلمه التجريبي "الحبل" (1948) باستخدام كاميرا واحدة لتصوير مشاهد الفيلم، وتقديم أول فيلم لا يعتمد على التقطيع، بل هو لقطة واحدة طويلة.
عرض فيلم "الرجل الطائر" في 17 مهرجاناً سينمائياً، وكان فيلم الافتتاح في كل من مهرجان البندقية السينمائي الدولي ومهرجان تيلورايد السينمائي الأميركي، وفيلم الختام في مهرجان نيويورك السينمائي. ومن المهرجانات الأخرى التي عرض فيها مهرجانات لندن وزوريخ وستوكهولم. وتصدّر فيلم "الرجل الطائر" أفلام العام 2014 في عدد الترشيحات للجوائز السينمائية التي بلغت 322 ترشيحاً وفي عدد الجوائز التي فاز بها وهو 175 جائزة. ورشح هذا الفيلم لتسع من جوائز الأوسكار وفاز بأربع منها لأفضل فيلم وأفضل مخرج للمخرج أليخاندرو جونزاليز أيناريتو، ورشح لسبع من جوائز الكرات الذهبية وفاز باثنتين منها لأفضل ممثل في دور رئيسي في فيلم كوميدي أو موسيقي للممثل مايكل كيتون وأفضل سيناريو. وفاز الفيلم بجائزة فيلم العام من معهد الأفلام الأميركي.
بلغت الإيرادات العالمية الإجمالية لفيلم "الرجل الطائر" 87 مليون دولار، فيما بلغت تكاليف إنتاجه 18 مليون دولار. وافتتح الفيلم في 863 من دور السينما الأميركية، وعرض في 56 دولة حول العالم.