يخرج البطل السارق سعيد مهران من السجن ليكتشف عمق الخيانة التي وقع فيها؛ خيانة صديقـه رؤوف المثقف، الذي كان يحب القراءة، وكان دائمًا يدعـو لمحاربة الظلم ونشر العدل والنظام، ويواجه الأنظمة الحكومية المستغلة بنفسه، لكنه أول من يتخلى عن مبادئه، ويقف مع هذه الأنظمة. كان رؤوف يؤكد له أن ما يسرقه من شقق الأغنياء، (ناهبون لأموال الناس وخيرات البلاد)، هو حق له لأنه فقير، ولأن المجتمع غير متكافئ، ولا لوم عليه. "كنت إنساناً يا رؤوف عن ذلك كنت أستاذي أيضا. وحين خلا إليك قال لك بهدوء (لا تخف). إني أعتبر هذه السرقة عملاً مشروعاً". ثم تأتي خيانة زوجته نبوية، التي أحبها وأخلص لها، مع صديقه عليش، الذي وقف معه، وابنته التي أنكرته، وكانت الأمل الوحيد المتبقي له في الحياة.
يخرج البطل من سجن ليقع في سجن أكبر، محاطًا بسؤال يراوده: هل ما يحدث معقول؟
-عليش ونبوية، المجرمان اللذان خانا سعيد، ينجوان من الرصاص الذي أطلقه (سعيد) بعد خروجه من السجن، لكن أحده الرصاصة تصيب رجلاً بريئًا لا ذنب له. هل هذا معقول؟ أين الحق؟ وأين الباطل؟
-نبوية، التي أحبها حبًا عميقًا، تخونه مع عليش، بينما تحبه نور رغم أنه لا يبادلها المشاعر. هل هذا معقول؟
-سناء، ابنته التي أحبها حبًا نقيًا، يعتبرها أمله في الحياة، تتنكر له وتلجأ إلى الخائن عليش. هل هذا معقول؟
البطل (سعيد) كان تجسيدًا للإنسان في الحياة، يخرج من السجن (رحم الحياة)، الحياة التي أحبها وأخلص لها، لكن سرعان ما تشقيه وتعذبه كما فعلت زوجته. رؤوف الذي يرمز للأنظمة الفاسدة التي تدعي في البداية تحقيق العدل والحق، ولكن عندما تتولى الأمور، تتحول إلى طغاة وجشع يلتهم كل من ينتقدها. يسعى سعيد وراء آماله، لكن هذه الآمال تتنكر له كما فعلت ابنته. يحاول الهروب من كل ذلك إلى الإيمان وعالم الغيب، ويذهب إلى بيت الشيخ (الجنيدي) الذي يعيش في عالم التسبيح والاستغفار، ويتوق للتفاهم معه، لكنه لا يستطيع ذلك. يشعر أنه الشيخ بعيد عنه، يبحث عن إيمان كإيمان العجائز (كما يُقال)، لكن الواقع لا يترك له مجالًا، ويقنعه بعدم وجود ما يمكن التمسك به والإيمان به، مما يعيده إلى واقع البحث والمعاناة. هذا الواقع هو واقع عليش ونبوية وسناء ونور ورؤوف. فتقد العدالة فيسأل: أين العدالة؟ فنحن نعيش في عالم غير معقول يعتمد على المصادفة والتخبط الأعمى، ويحاول البحث عن معنى للحياة، لكن أين يجده في عالم لا معقول "ولست أطمع في أكثر من أن أموت موتا له معنى". انتهى الأمر بالبطل إلى عدم إيجاد معنى للحياة، فقال الكاتب: "وأخيراً لم يجد بداً من الاستسلام، فاستسلم بلا مبالاة".
ظهرت الصدفة في الرواية من خلال موت إنسان بريء مرتين، دون أن يكون له ذنب، مما يبرز دور الصدفة في حياتنا وأيضًا في العمل الفني. في رواية "اللص والكلاب"، كانت الصدفة دافعًا للأحداث ومرتبطة بتطور السرد. المصادفة لا تضر بالعمل الفني، بل تعزز قيمته، لأنها ليست ساذجة أو فارغة، بل تشير إلى أن ما تقرأه قد يكون قريبًا من الحياة الحقيقية أو يشبهها، لأن الحياة مليئة بالمصادفات. ومن ثم، تساهم في تحقيق التشابه بين العمل الفني والحياة.
ينهي الكاتب كتابه بهذا البيت لابن الفارض الذي يلخص واقع الإنسان:
"وَاحَسرَتي ضاعَ الزَّمانُ، وَلَم أَفُز
مِنكُم أُهَيلَ مَوَدَّتي بِلِقاءِ
وَمَتى يوم راحَةً مَن أمرُهُ؟
يَومانِ يَومُ قِلىً ويَومُ تَنائي
وكفى غراماً أن أبيتَ متيماً
شوقي أمامي والقضاءُ ورائي"