فيلم "ضربة السوط" (Whiplash) من الأفلام الأميركية المستقلة، وهو من إخراج المخرج داميان تشازيل الذي كتب سيناريو الفيلم استناداً إلى تجربته الشخصية كطالب في الفرقة الموسيقية لاستوديو مدرسة برينستون الثانوية الواقعة في مدينة برينستون بولاية نيو جيرزي.
ينقل مخرج وكاتب سيناريو الفيلم داميين تشازيل خبرته الشخصية التي عاشها في مدرسة ثانوية بولاية نيو جيرزي إلى معهد موسيقي شهير بمدينة نيويورك في قصة الفيلم. ويستمدّ فيلم "ضربة السوط" عنوانه من الأغنية الشائعة (Whiplash) التي تقدّم في الفيلم، والتي سجلتها فرق غنائية أميركية عديدة عبر السنوات الأخيرة، كما يستخدم معناها "ضربة السوط" في إشارة إلى المعاناة التي يتعرض لها طالب موسيقى الجاز أندرو (الممثل مايلز تيلير) على يدي أستاذ موسيقى الجاز المستبد تيرينس فليتشر (الممثل جي كي سيمونز).
الشخصية الرئيسية في فيلم "ضربة السوط" هو قارع الطبل الشاب أندرو نيمان (الممثل مايلز تيلير) ابن التاسعة عشرة الذي يدرس في سنته الأولى بمعهد الموسيقى، ويحلم هذا الشاب، الذي بدأ قرع الطبل في سن مبكر، بأن يصبح قارع طبل عظيماً وشهيراً في موسيقى الجاز على غرار مشاهير موسيقى الجاز مثل بادي ريتش وتشارلز باركر. ويطمح هذا الشاب في أن يصبح من تلاميذ مدرّس الموسيقى تيرينس فليتشر (الممثل جي كي سيمونز) الأستاذ المستبد الذي يلجأ إلى استخدام سوء المعاملة البدنية والذهنية مع طلابه، ويستخدم كل ما يخطر على البال من أساليب الإهانة والتخويف والتهديد والاستهزاء، وحتى الضرب في تعامله مع تلميذه أندرو في غرفة الصف وأثناء فترات التدريب. ويلجأ هذا الأستاذ المستبد إلى معاملته القاسية، من وجهة نظره، لكي يرغم طلابه على بلوغ أقصى درجات الإنجاز. ويتحمل أندرو كل أساليب الظلم وسوء المعاملة من أستاذه، اعتقاداً منه بأنه لكي يكون الأفضل في مجال موسيقى الجاز، فيجب عليه أن يتحمل الأسوأ من أستاذه المستبد. ولكي يثبت تفانيه في عمله يواصل التدرب على قرع الطبل حتى ساعات متأخرة من الليل إلى أن تدمي يديه.
يواجه أندرو في سياق القصة أباه (الممثل بول رايز) الذي يعارض عمله في الموسيقى، كما يقطع علاقته بصديقته نيكول (الممثلة ميليسا بينويست) لكي لا تشغله عن تكريس حياته لموسيقى الجاز، وبذلك يتخلى أندرو عن حياته الخاصة في سبيل تحقيق حلمه الشخصي.
بعد سلسلة من المواجهات بين أندرو وأستاذه المستبد وفراقهما يلتقيان في مهرجان الجاز، حيث يفاجئ أندرو أستاذه بالقرع المنفرد على الطبل خارج نطاق الفرقة الموسيقية التي ينضم أعضاؤها إليه، رغم إرادة أستاذهم قائد الفرقة، وذلك قبل أن يختتم أندرو العرض بقرع الطبل المنفرد بشكل مثير، مما يستحوذ على ابتسامة من أستاذه فليتشر، معبراً عن رضاه على تلميذه السابق، في النهاية.
يسلط فيلم "ضربة السوط" الضوء على علاقة شديدة القسوة بين طالب وأستاذه في معهد للموسيقى، وتنطوي قصة الفيلم على دراسة عميقة لشخصيتين معقدتين وللطموح المطلق الذي لا يعرف حدوداً، والذي يمثله الشاب الموسيقي في علاقاته مع أستاذه القاسي. ويقدّم الفيلم عروضاً لقرع الطبل بكل تفاصيلها وجمالياتها بشكل غير مسبوق سينمائي، بحيث يتحوّل قرع الطبل إلى شخصية من شخصيات الفيلم.
يجمع فيلم "ضربة السوط" بين العديد من المقومات الفنية كقوة الإخراج والسيناريو وأداء الممثلين وتوزيع الأدوار والموسيقى والتصوير والمونتاج. ويتميز أداء بطلي الفيلم بالانسجام والتناغم. ويجسد الممثل جي كي سيمونز شخصية أستاذ الموسيقى المستبد بواقعية وحساسية نادرة انعكست بفوزه بخمس وأربعين جائزة سينمائية. ورغم الأداء القوي للممثل الشاب مايلز تيلير الذي يظهر في كل مشهد من مشاهد الفيلم، فقد رشح لخمس جوائز لأفضل دور رئيسي يقوم به ممثل، ولكن دون أن يفوز بأي منها.
عرض فيلم "ضربة السوط" في 42 مهرجاناً سينمائياً، من بينها مهرجان سندانس للأفلام المستقلة ومهرجانات كان ولندن وزوريخ وأبو ظبي. ورشح الفيلم لما مجموعه 172 جائزة سينمائية، وفاز بخمس وثمانين جائزة ذهب منها 45 جائزة للممثل جي كي سيمونز لأفضل ممثل في دور مساعد، بينها جائزتا الأوسكار والكرات الذهبية. وفاز الفيلم بإحدى عشرة جائزة لأفضل فيلم بينها جائزة معهد الأفلام الأميركي، وفاز المخرج داميين تشازيل بسبع جوائز لأفضل مخرج. وشملت جوائز الفيلم ثلاثا من جوائز الأوسكار. وبلغت الإيرادات العالمية الإجمالية لهذا الفيلم أربعة عشر مليون دولار، في حين اقتصرت تكاليف إنتاجه على ثلاثة ملايين وثلاثمئة ألف دولار، وهي من أقل ميزانيات الأفلام الأميركية خلال العام 2014.