تبدأ أحداث فيلم "الطريق" داخل إحدى المعتقلات التركية، الواقعة في إحدى الجزر النائية حيث يقف الحارس يوزع الخطابات التي وصلت لبعض المسجونين من أهاليهم. ونعيش لحظات سريعة مع خمسة من الذين تلقوا خطابات من أهاليهم. ومن هنا تبدأ الأحداث الحقيقية للفيلم مع هؤلاء الخمسة في رحلتهم إلى الحياة مجدداً وإلى أهاليهم وقراهم.
أحدهم يقع في قبضة رجال البوليس بعد دقائق من خروجه من السجن؛ لأنه في غمرة فرحته بلقاء حبيبته أضاع الورقة المسجل فيها قرار الإفراج عنه، وليس هناك ما يثبت شخصيته. ويتابع الفيلم بقية الشخصيات الأربعة كل منهم في رحلة إلى قريته الأرض صخرية جافة والحياة أكثر جفافاً وبؤساً.
أحدهم يذهب للقاء خطيبته، فيعرف أن أهلها قد أصدروا قراراً بحرمانه منها، ويحاول أن يلتقي ها ولكن سرعان ما يجد المراقبة قد حاصرته ويلازمانهما كظليهما.
سجين آخر يصل قريته، فيجدها محاصرة بالبوليس، والسكان كلهم دخلوا بيوتهم، وأغلقوا الأبواب عليهم. يفاجأ السجين بأنه شخص غير مرغوب فيه فهناك من أشاع أنه تسبب في قتل ابن عمه على أيدي البوليس، ويتلقى صفعة هائلة من شيخ القبيلة، ويعلن حرمانه من رؤية زوجته، ويأمره بالخروج من القرية والزوجة تنظر إليه من نافذة بيتها، ولا تستطيع أن تتكلم.
وفي أحد أبلغ مشاهد الفيلم نراقب محاولة أحد المسجونين العائدين للحرية لجمع شمل أسرته، فيأخذ زوجته وأطفاله، ويستقلون قطارا إلى قرية أخرى، وفي رحلة القطار يشعر بحنين جارف لزوجته، فيسير لها أن تتبعه إلى دورة مياه القطار وهناك يغلف الباب عليها، ويحضنها أنها مثله تشتاق إليه، وفي غمرة الشهوة الجامحة يفاجئان بالعيون تلاحقهما ودقات عنيفة على الباب وصيحات استنكار وعنف وبقوة الدفع المجنون يكسرون الباب عليهما، ويكاد يفتكون بهما، ويأتي رجال الحراسة في القطار ليقتادوهما إلى التحقيق. وفي وسط هذه المأساة يظهر شقيق الزوجة ليقتلها ويقتله.
ويتتبع الفيلم أحد المسجونين العائدين إلى قريته في الشمال حيث الثلج يغطي الأرض والجبال، وهو يمتطي حصانه يستحثه أن يمضي به، ولكن الحصان مجهد وبرودة الجو تجمد دماءه، فيسقط الحصان على الأرض لافتا أنفاسه، وعندما يصل إلى بيته يعرف أن زوجته قد أخطأت في غيابه، فيعود مجدداً يخوض في الثلج والزوجة تجري وراءه تستعطفه أن يسامحها. تقع الأم وهي تلهث وتبكي في استعطاف ألا يتركها تموت في الثلج، وقد بدأت الغربان والنسور تحوم حولها، وعندما يشعر الزوج أنه لم يعد يسمع نداءاتها ينظر خلفه فيجدها مكومة على التلة، ويعود إليها يحاول دفعها للنهوض فلا تستجيب له يضربها بقسوة فلا يهتز لها رمش، فيخلع حزامه الجلدي، ويهوي عليها بعنف أنه يريد أن ينشط دورتها الدموية، وعندما يجد أنه لا فائدة يحملها على كتفه، ويمضي بها وكأنه يحمل. يتخلل الفيلم حلماً يراود أحدهم أن يمتطي حصانه، ويجري به يسابق الريح وسط مروج خضراء، ويتكرر الحلم الذي لا يتحقق أبداً.
أخرج يلماز غوناي فيلمه هذا وهو في السجين بمساعدة مخرج صديق له. وبعدما أُنْجِز الفيلم تمكن من الهرب من السجين، وحمل معه نسخة فيلمه، وعرضها في مهرجان كان لأول مرة.
كان هذا هو فيلم "الطريق" الذي أحدث دويا هائلا في أوساط السينمائيين والمثقفين عموماً في عام 1982، وقد فاز الفيلم بالجائزة الكبرى لمهرجان "كان" في السنة نفسها مناصفة مع الفيلم الأمريكي "مفقود" للمخرج كوستا غافراس.