الفلسفة الرومانسية عند شوبنهاور تركز على عوالم الإرادة والمشاعر والمعاناة. يرى شوبنهاور أن الإرادة هي القوة المحركة وراء كل شيء في العالم، وهي التي تسبب المعاناة والألم. يعتبر شوبنهاور الحياة كأسلوب من الإرادة والمعاناة، ويرى أن السعادة الحقيقية تكمن في التخلص من سيطرة الإرادة والانفصال عنها. لم يكن شوبنهاور رومانسيًا بالطريقة التقليدية، ولكن بعض من أعماله تتناول موضوعات متعلقة بالفلسفة الرومانسية.
تقدم فلسفة شوبنهاور مفهومًا عميقًا للإنسان والعالم، حيث يرى الإنسان كجسم تسيطر عليه الإرادة، والعالم كمظهر لهذه الإرادة. ويؤمن بأن الفن والموسيقى قادران على تعبير أعمق عن هذه الحقيقة من أي تعبير آخر.
يمكن القول إن الفلسفة الرومانسية عند شوبنهاور تبرز الجانب الدرامي والروحي للحياة وتؤكد على أهمية الشعور والخيال والتجربة الفردية في فهم الوجود.
الرومانسية عند شوبنهاور ونيتشه:
على الرغم من أن كلاً من شوبنهاور ونيتشه كانا جزءًا من التيار الفلسفي الرومانسي، إلّا أنهما اتبعا مسارات مختلفة في تفسير الرومانسية وتطبيقها على الفلسفة.
شوبنهاور: شوبنهاور ينظر إلى الرومانسية من خلال عدسة الإرادة والمعاناة. يركز على أهمية الإرادة كقوة محركة للحياة ومصدر للمعاناة والألم. يعتبر شوبنهاور الحياة كمظهر للإرادة، حيث يعيش الإنسان تحت سيطرة الإرادة، مما يؤدي في النهاية إلى الشعور بالفقر والمعاناة. يرى شوبنهاور أن السعادة الحقيقية تكمن في التخلص من سيطرة الإرادة والانفصال عنها، وهو ما يتطلب تحرير الذات من رغباتها وتطلعاتها.
نيتشه: نيتشه ينظر إلى الرومانسية بمنظور أكثر تحديًا وانفتاحًا. يستخدم مفاهيم الرومانسية في تطوير فلسفته الشخصية وتقديم رؤية جديدة للعالم. يركز نيتشه على فكرة "الإرادة للسلطة"، حيث يرى أن الإرادة هي قوة الحياة الأساسية التي تحقق التطور والنمو. يعتبر نيتشه أن الإنسان يجب أن يتجاوز حالة الشعور بالمعاناة من خلال تحقيق القوة الداخلية وتطوير الذات، بدلاً من التخلص من الإرادة كما يروي شوبنهاور.
الإنسان هو شيء يجب تجاوزه. ماذا فعلتم لتتجاوزوه؟ جميع الكائنات حتى الآن خلقت شيئًا يتجاوزها، ولكن ماذا أنتم؟ أنتم كبار حتى الآن مجرد جسر بين الحيوان والإنسان المتفوق. أنتم مثل قرد بالنسبة للإنسان المتفوق؛ قرد يثير الضحك أو الخجل. الإنسان هو حبل مشدود بين الحيوان والإنسان المتفوق - حبل فوق هاوية. ما هو عظيم في الإنسان هو أنه جسر وليس هدفًا: ما يمكن أن يُحب في الإنسان هو أنه عملية عبور وتحول.
بينما اعتبر شوبنهاور الانفصال عن الإرادة مفتاح السعادة، اعتبر نيتشه تحقيق القوة الداخلية والتطور الذاتي أساس الوجود الممتع والمتألق.
فكرة مهمة تم عرضها في كتب شوبنهاور عن الرومانسية هي مفهوم الإرادة والمعاناة كمحركين للحياة والوجود البشري. في أعماله، ركز شوبنهاور على فكرة أن الإرادة هي القوة الأساسية التي تحكم سلوك الإنسان وتشكل حياته، وأن المعاناة هي نتيجة طبيعية لتصادم الإرادة مع العالم الخارجي. من خلال هذه الفكرة، حاول شوبنهاور فهم جوانب الطبيعة البشرية التي تفوق المعرفة والمنطق، وربط هذا الفهم بالمفاهيم الرومانسية التي تبرز العواطف والتجارب الروحية. على سبيل المثال، في كتابه "العالم كإرادة وتمثيل"، أشار شوبنهاور إلى كيفية تأثير الإرادة على الحياة الفردية والتجربة الإنسانية، وكيف أن المعاناة تنبع من هذا التصادم بين الإرادة والعالم. وهي تعكس تركيزه على الجوانب العاطفية والروحية للوجود البشري. إن الحياة ليست سوى معاناة متواصلة، تدفعنا من رغبة إلى أخرى دونما راحة. البشر يتأرجحون بين الألم والملل، والأشياء التي يسعون إليها بشغف لا تحقق لهم الرضا الدائم. إن جوهر الحياة هو الإرادة العمياء التي تدفعنا للاستمرار في سعي لا ينتهي، حيث نجد أنفسنا عالقين في دائرة من الرغبات المتجددة والمعاناة الملازمة لها."