عندما كان طفلي الأول لا ينام بشكل يعتمد عليه طوال الليل، كان والداي في حيرة. أخبرتني والدتي أنه حسب ما تتذكره، لم أكن أنا ولا أشقائي قلقين من الاستيقاظ ليلاً. كنت أظن أنه في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ربما سمحوا لنا بالصراخ، لكنهم لم يتذكروا ذلك. ربما كانت هناك بعض الليالي الصعبة، لكن ما المشكلة؟ في عصر الأبوة والأمومة الأكثر قلقًا لدينا، هناك الكثير من الجدل حول ما أصبح يسمى التدريب على النوم، أي الأساليب السلوكية لجعل طفل يبلغ من العمر 6 أشهر أو أكبر ينام بمفرده وينام طوال الليل؟
حيث يعلم الجميع أن الحصول على طفل ينام خلال الليل يمكن أن يمثل تحدياً كبيراً للآباء. لكن مشاكل النوم شائعة أيضاً بين الأطفال في سن ما قبل المدرسة وفي سن المدرسة، وتؤثر هذه المشاكل على عمل أطفالنا في المدرسة، أكاديمياً واجتماعياً وتحصيلهم الدراسي وسلوكهم بالتالي، فما الذي يمكننا أن نفعله كوالدين بهذا الخصوص؟
ضمن هذا المقال سنحاول شرح موجز عن بعض الطرق الشائعة للتعامل مع هذه المشكلة.
مفهوم النوم عند الأطفال:
منذ البداية، يختلف الأطفال بشكل كبير في أنماط نومهم، ويختلف الآباء أيضاً من حيث كيفية تعاملهم مع الليالي المتقطعة.
فالنوم، مثل الأكل، ليس حالة يمكنك إجبار الطفل عليها، وأفضل ما يمكنك القيام به هو خلق بيئة آمنة تسمح للنوم بأن يتفوق على طفلك.
الهدف الواقعي طويل المدى هو مساعدة طفلك على تطوير موقف صحي تجاه النوم، حيث يجب أن يشعر الطفل أن النوم هو حالة ممتعة للدخول إليه وحالة آمنة للبقاء فيها.
وتنبع العديد من مشاكل النوم لدى الأطفال الأكبر سناً والبالغين من مرحلة الطفولة حيث يكبر الأطفال مع موقف غير صحي من النوم وهذا يجعلهم يشعرون بالنوم بمثابة مشكلة كبيرة لهم يقلقون منها ويرغبون دائماً في الابتعاد عنها.
أحياناً يرى الأطفال النوم بمثابة حرمان لهم من متعة حقيقية ولذة سواء من حيث اللعب أو المرح أو مشاهدة التلفاز أو ممارسة بعض الأنشطة وغيرها، لهذا يرحبون بالنهار ويرفضون ساعات الليل ويصيبهم العناد في حال طلب منهم الوالدين الذهاب للنوم فيتحججون بأي شيء : جائعون... يصيبهم الألم في بطونهم... ثم في حال فشلهم يبدأون في بكاء طويل.
وقد وجدت التكنولوجيا طريقها إلى رعاية الطفل أثناء الليل من خلال تزويد الآباء المتعبين بمجموعة متنوعة من الأدوات التي تحفز على النوم. تم تصميم هذه الأدوات لتهدئة الطفل لينام بمفرده في سريره: المهد المتأرجح، وهزازات سرير الأطفال التي تحاكي ركوب السيارة، ودمى الدببة التي "تتنفس"، وغيرها، إلاّ أنّ هذه الأدوات تحتاج إلى فهم لشخصية الطفل وما الأداة المناسبة له، فما يناسب طفل ما لا يناسب الآخر.
الطرق المفضلة لاتباعها في نوم الأطفال:
1. الانقراض المتدرج، حيث يُسمح للأطفال الرضع بالبكاء لفترات قصيرة محددة على مدار عدة ليال.
2. تلاشي وقت النوم، حيث يقوم الوالدان بتأخير موعد النوم بزيادات قدرها 15 دقيقة حتى يصبح الطفل متعبًا أكثر فأكثر.
3. استخدام الأغنية في وقت النوم كإجراء روتيني للنوم، ولكن من المهم أن تكون اللحظة الفعلية للنوم بعد الزجاجة زجاجة الحليب(وبشكل مثالي، بعد تنظيف الأسنان بالفرشاة بعد الزجاجة) وبعد الأغنية.
4. تعليم الطفل التهدئة الذاتية، بمعنى إن صحا في الليل أن يحاول معاودة النوم لوحده من خلال تدريبه على بعض مقاطع صوتية معينة محببة له أو أغنية يرددها باستمرار أو بعض الحركات بيديه وغيرها وفقاً لعمره وما يحب.
5. يمكن النوم مع الطفل بشكل أولي لتدريبه على النوم في الأيام الأولى ثم التدريج في تركه لوحده في الليالي اللاحقة.
6. التعزيز الإيجابي بترغيب الطفل بالنوم بوعده ببعض الملذات الصباحية حين يستيقظ، وهذا يستخدم في البداية فقط لتعليم وتدريب الطفل على ساعة محددة للنوم.
7. القيام بالمثل، بمعنى أنّ الطفل يقلد والديه، فإن أنت أردت طفلاً ينام مبكراً، فقم بالخطوة الأولى وجهز نفسك للنوم بالذهاب للحمام ثم تنظيف الأسنان ثم قراءة كتاب ما بصوت هادئ سيعلم طفلك أنك تستعد للنوم وسيقلدك بدوره.
8. منح الطفل حمامًا دافئاً متبوعاً بتدليك مهدئ لإرخاء العضلات المتوترة والعقول المشغولة يساعده على النوم بسرعة.
9. تُعرف الأصوات المتكررة، الرتيبة تقريبًا التي تهدئ الطفل للنوم بالضوضاء البيضاء، مثل أصوات المروحة أو مكيف الهواء أو حتى تسجيلات أصوات الرحم أو أصوات المكنسة الكهربائية. أيضًا، جرب تشغيل المياه من صنبور أو دش قريب، أو حوض سمك فقاعات، أو ساعة تدق بصوت عالٍ، أو جهاز ضبط السرعة بستين نبضة في الدقيقة. (يمكن تسجيلها جميعًا على شريط.) جرب الموسيقى للنوم، مثل تسجيلات الشلالات أو أصوات المحيط، أو مزيج من التهويدات سهلة الاستماع على مسجل شريط التشغيل المستمر. هذه الأصوات التي تحفز على النوم تذكر الطفل بالأصوات التي اعتاد سماعها في الرحم.
نصائح يفضل اتباعها مع طفلك في أثناء تدريبه على النوم:
- كوني حذرة في استخدام طريقة شخص آخر لجعل طفلك ينام.
- قبل تجربة أي برنامج للحث على النوم، تكون أنت الحكم من خلال معرفتك الجيدة بشخصية طفلك وصفاته وما يحب وما يكره، لذا قم بتشغيل هذه المخططات من خلال حساسيتك الداخلية قبل تجربتها على طفلك.
- فكر في التغييرات التي يمكنك إجراؤها في نفسك وأسلوب حياتك والتي ستسهل عليك تلبية احتياجات طفلك، فهذا نهج أفضل من محاولة تغيير طفلك على الفور، فكل شيء يجب اتباعه بالتدريج مع الطفل.
- استخدم الفطنة حول النصائح التي تعد بطفل أكثر راحة بالنوم طوال الليل، حيث تنطوي هذه البرامج على مخاطر خلق مسافة بينك وبين طفلك وتقويض الثقة المتبادلة بين الوالدين والطفل، فقد يؤدي التدريب على النوم إلى خسارة طويلة الأمد ظاهرياً.
- تجنبي مدربي النوم الذين ينصحونك بترك طفلك "يبكي". أنت فقط من يعرف ما هو "هذا" وكيف تستجيب بشكل مناسب لطفل، فاستخدام طريقة "دعه يصرخ" الجامدة وغير الحساسة له العديد من المشكلات على الطفل، منها: أولاً سوف يقوض الثقة التي يتمتع بها طفلك لراحة الليل، ثانياً، سيمنعك من العمل بأسلوب الأبوة والأمومة ليلًا حتى تجد الأسلوب الأفضل لك ولعائلتك، وثالثاً، قد يمنعك أنت وطبيبك من الكشف عن الأسباب الطبية الخفية للاستيقاظ الليلي.
- كن مرنًا عند وضع الطفل للنوم، حيث لن يعمل أي نهج واحد مع جميع الأطفال طوال الوقت أو حتى مع نفس الطفل طوال الوقت.
- لا تستمر في تجربة فاشلة، إذا كان "برنامج النوم" لا يعمل من أجل عائلتك، فقم بإسقاطه.
- كن مستعداً لنمط واحد من الأبوة والأمومة أثناء الليل للعمل في مرحلة ما من حياة الرضيع ومع ذلك فهو بحاجة إلى تغيير عندما يدخل مرحلة أخرى.
- حدد المكان الذي ينام فيه الطفل بشكل أفضل.
- أغلق الأجهزة جميعها وحاول التزام الهدوء والصمت.
- اقرأ بصوت عالٍ في وقت النوم.
-ابنِ طقوسًا تساعد الأطفال الصغار على الاسترخاء والنوم.
- سيكون وضع إجراءات منتظمة لوقت النوم وأنماط نوم متسقة أكثر أهمية مع تقدم الأطفال في العمر.
- الحفاظ على جداول نوم الأطفال بانتظام يساعدهم على البقاء في المسار الصحي، فالتزم وقت محدد لا تحيد عنه لنوم الطفل كل ليلة.
- يحتاج الأطفال إلى معرفة أن النهار هو الأكل وأن الليل هو في الغالب للنوم. ينشغل بعض الأطفال الأكبر سنًا والأطفال الصغار باللعب أثناء النهار لدرجة أنهم ينسون تناول الطعام وتعويضه أثناء الليل من خلال الاستيقاظ كثيرًا من أجل الرضاعة. لعكس هذه العادة، أطعمي طفلك على الأقل كل ثلاث ساعات خلال اليوم لتجميع وجبات الطفل خلال ساعات الاستيقاظ. عند الاستيقاظ في الليلة الأولى للطفل، حاولي الرضاعة الكاملة، وإلا فإن بعض الأطفال، وخاصة الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية، يعتادون على القضم طوال الليل.
- جربي هزّ الطفل لينام على كرسي هزاز بجانب السرير، أو المشي مع الطفل، والربت على ظهره والغناء أو الصلاة.
- يجب أن يكون الآباء على دراية بما قد يفعله الحرمان من النوم لهم، ومستوى أدائهم الوظيفي، وعلاقاتهم، وأن يأخذوا احتياجات نومهم على محمل الجد أيضًا. لذا، اطلب المساعدة عندما تحتاجها، من طبيب الأطفال أو صديق تثق به أو أحد أفراد الأسرة.
المراجع:
-Parents Shouldn’t Feel Guilty About Training Babies to Sleep. By Perri Klass, M.D. 2016.https://well.blogs.nytimes.com/2016/05/24/sleep-training-shouldnt-make-parents-feel-guilty/
-Ask Well: The Best Way to Put Babies to Sleep. By Perri Klass, M.D.2016. https://well.blogs.nytimes.com/2016/04/21/ask-well-a-bottle-and-a-song/
-Helping Our School-Age Children Sleep Better. By Perri Klass, M.D. 2016.https://well.blogs.nytimes.com/2016/07/25/helping-our-school-age-children-sleep-better/
-Ways to Get Your Baby to Sleep and Stay Asleep. https://www.askdrsears.com/topics/health-concerns/sleep-problems/31-ways-get-your-baby-sleep-and-stay-asleep